No Script

من الخميس إلى الخميس

بريطانيا مركز إعلامي... أولاً

تصغير
تكبير

ما زال بعض مثقفينا، للأسف، يردّد، من دون بحث، أن بريطانيا قِبلة الحريات، وملجأ للمضطهدين.

من ناحية أخرى، يستغرب الكثير من قادة العالم، لا سيما قادة بلادنا العربية، من تلك الأموال التي تُصرف من الخزينة البريطانية المحتاجة من أجل الحفاظ على محطاتهم الموجهة لمستعمراتها القديمة، وأيضاً يستغرب تلك الحرية السياسية التي يمنحها البريطانيون للاجئين السياسيين، حريةٌ تسمح لأولئك المعارضين أن يُنشئوا صُحفاً ويفتحوا محطات إعلامية من أجل الهجوم على حكام بلادهم وأحياناً الدعوة إلى الثورة عليهم.

وبالطبع نحن لا ننكر أن حرية التعبير في بعض بلاد الغرب والشرق، أكثر اتساعاً من المساحة التي في بلادنا، ولكن نحن هنا فقط نحاول إلقاء الضوء على استغلال تلك المساحة من بعض الدول الغربية، وبالذات بريطانيا وفرنسا من أجل التواصل مع مستعمراته القديمة والبقاء بيننا مؤثراً ومستفيداً.

في بريطانيا هناك قوانين صارمة تمنع مسّ رموز ومعتقدات الديانة المسيحية، المسيحية فقط، فقد حُكم بالسجن على رئيس تحرير الصحيفة التي نشرت قصيدة الشاعر البريطاني جيمس كيركوب عام 1977 والتي فُهم منها إهانة للمسيح، ولم تنجح، حتى اليوم، كل المحاولات لإبطال قانون سبّ المقدسات، رغم أن تلك الحماية فقط للديانة المسيحية، وأما بقية الديانات فلا حامي لها عندهم، والطريف أن بريطانيا لم تُجرّم سلمان رشدي بل فقط منعت فيلماً باكستانياً يسخر منه، في ما سمحت لذاك الإنسان أن يسخر من الإسلام، ولم تسمح لآخر أن يسخر منه، وقد منعت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية البريطانية فيلماً وثائقياً على شاشات التلفاز البريطاني، حول الراهبة (تيريزا) بسبب ما رأته الهيئة من نقص في حقها، وطبعاً ما زال قانون نقد ملكة بريطانيا موجوداً.

إن الحرية الظاهرة، التي تمنحها بريطانيا للاجئين العرب، لها أهداف عدّة، منها الضغط على حكوماتنا المرتجفة دائماً، واستغلال أولئك اللاجئين لتلميع بريطانيا في دولنا، فكل المنصّات الإعلامية العربية التي تنطلق من بريطانيا تستقبل، بالتوجيه، برامج وثائقية وأخباراً تُمجّد في بريطانيا، وترفع من قدرها وطبعاً يوجد كثير في بلادنا ما زال يستمع للمحطات البريطانية الناطقة بالعربية أو يستمع إلى المحطات العربية المعارضة، وجميع تلك المحطات هي عبارة عن مراكز توزيع للمجد البريطاني ومنصّات إعلانية موجّهة، وأكبر دليل على ذلك ما مررنا به في جائحة (كورونا)، فقد رصدتُ في متابعاتي أكثر من عشرين خبراً بثّته المحطات البريطانية ومحطات المعارضة حول اكتشاف معامل بريطانية لقاحات للفيروس من أول شهر للجائحة، كغيره من أخبار الاكتشافات الطبية البريطانية الوهمية التي تتناقلها صحفنا دون وعي طبي.

وطبعا نحن جميعاً نعلم الآن أن اللقاحين المعتمدين أحدهما من شركة (أسترازينيكا)، وهي شركة خاصة متعددة الجنسيات مقرها في ثلاث دول أميركا وبريطانيا والسويد، ويمتلك أغلب أسهمها الأمريكان والسويديون، واللقاح الثاني من شركة (فايزر) الأميركية، ويمكننا قياس ذلك على معظم أخبار السبق العلمي والطبي الآتي من بريطانيا، والذي لا نراه في الواقع العلمي بل فقط نسمعه في المحطات الموجهة لنا.

إذاً، لم يتبقَ لدول الاستعمار القديم إلا الدعاية، لتتمكن من البقاء في المنافسة العالمية، فالدعاية تحقّق لها السياحة الطبية التي تتوافر خدماتها نفسها لدينا، وتحقّق لها شراء بضاعتها التي يتوافر أجود منها في السوق وبأسعار أرخص.

بريطانيا ليست قِبلة المعارضة الصادقة،إنها اليوم، في الغالب، قِبلة السارقين والمرتزقة، الذين يتم استغلالهم لسبّ بلادهم وتمجيد بلاد الإنكليز، من أجل إضعاف بلادنا وتقوية بلادهم وبأيادي أبنائنا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي