الأبعاد الثلاثة
الوطن واقف!
حظر، إيقاف الحياة التشريعية، تعطيل المدارس، وقف عدد من الأعمال التجارية، انخفاض التصنيف السيادي، شحّ في السيولة، مشاريع صغيرة ومتوسطة مفلسة... الوطن واقف!
الحكومة أمام استحقاقات عظيمة لانتشال الوطن من حالة الركود، التي يعيشها على كل الأصعدة لأسباب موقتة تتعلّق بجائحة كورونا، وأسباب مزمنة متعلّقة بإدارة الدولة وثرواتها وغياب الشفافية في التعاطي مع الكثير من الملفات، وافتقار الرؤية وغياب خارطة طريق للخروج من عنق الزجاجة في العديد من الملفات، وغياب وتخبط القرار الإستراتيجي والتنفيذي القصير والمتوسط والطويل المدى.
لا يمكن أن تستمرّ السياسة الحكومية في طريقة ردود الأفعال، والتركيز فقط على تقليل الخسائر وتخفيض الأخطار وإرضاء الأطراف السياسية والاجتماعية، فهذه السياسة لا تصلح لإدارة منزل أو شركة فما بالك بدولة!
قد يجد الكثيرون أن ما سبق هو كلام مكرّر، يتم تداوله منذ عقود من الزمن وهم بذلك غير مخطئين، ولكن المشكلة في أن الأفعال على الأرض لم تتغيّر، بل في الواقع أن بعضها تدهور وغطّى على العديد من الإنجازات التي ربّما تمّت، فأفقدها رونقها وقيمتها. وبالتالي قد يستمر هذا الفعل حتّى نصل إلى التغيير المأمول في نهج إدارة الدولة.
ولعل مشكلتنا في وطننا - الواقف - أن الكل مقتنع بهذا الأمر، بل إن السواد الأعظم يعرف التشخيص الدقيق للداء كالهدر الحكومي، والفساد، وغياب آليات تنويع مصادر الدخل، وطغيان الجانب السياسي والاجتماعي على القانوني والفني وغيرهما من الأمور، إلا أنه ورغم ذلك الاقتناع يصرّ الكثيرون على الاستمرار في ذلك النهج، أو تأجيل حلّه أو التركيز على هوامش الأمور.
ونحن في انتظار برنامج عمل الحكومة الجديدة، فإننا نأمل أن نجد أمامنا نقلة نوعية في إعداد وتفاصيل هذا البرنامج، على أن يكون متكاملاً واقعياً واضح المعالم، ويشمل معايير محددة لمتابعة الأداءkey performance indicators، برنامج تم إعداده كفريق واحد، وهو قابل للتنفيذ من قبل جميع الأطراف المشاركة في إعداده، خلال فترة الفصل التشريعي الحالي على الأقل، والممتدة 4 سنوات، مع ملاحظة أنه من غير المطلوب حلّ جميع القضايا، وإنما وضع قطار التصحيح على السكة الصحيحة كي تستكمل آلياته الحكومات المقبلة.
ومن أجل ذلك يحتاج إعداد هذا البرنامج الحكومي، إلى جلد ذات حقيقي للواقع من جهة المشاركين في إعداده، وطرح أفكار ورؤى خارج الصندوق ووجود عزيمة وإصرار لتنفيذه، مع إعطاء المشاركين فيه السلطات والصلاحيات المطلوبة كافة من دون قيد أو شرط.
