خواطر صعلوك

اليوم العالمي لمُعلمي الرياضيات!

تصغير
تكبير

في ظهيرة لا تُنسى من عام 525 قبل الميلاد، حيث كان الجو صحواً، والسماء خالية من الغيوم، كان يرتدي دثاراً أبيض يتوسطه حِزامٌ من الجلد؛ يسير محاذاة الجنوب المطل على البحر الأيوني، عندما لاحظ الناس أنه بدأ يرتفع عن الأرض ويتّجه إلى السماء ويصعد درجاً رخامياً أبيض لا أحد يراهُ سواه؛ مغمض العينين.

صاح أحد العابرين النصف مندهش والنصف ضاحك: يا إلهي، لقد اكتشف هذا المجنون للتو السُلم الموسيقي، أتسمعون؟! أحب الموسيقى والرياضيات، وهو مغمض العينين كان لا يرى الكون إلا في عدد أو نغم.

كَره الفُرس وأحب حضارتهم، وأحب المصريين وكره طعامهم، وأحب الروح وكره الجسد، وأحب الحيوانات وكره لحومها، وأحب ارتداء الملابس البيضاء والسفر والرقم عشرة، وأحب الإغريق وطاليس وزرادشت؛ وأحب نفسه، وما تبقى من حُب وزعه على «المُثلث وزواياه القائمة»! - لا ينبغي للمرء أن يأكل أجداده ويلبس جلودهم.

هكذا كان يقول لأتباعه كي لا يأكلوا اللحوم، لقد أسّس أول جماعة نباتية في العالم! كانت رحلته التعليمية في مصر نحو عشرين عاماً، كره فيها «الفول» وأحب الهندسة، وتعلّم كيف بُنيت الأهرامات، ثم عاد بنظريته الهندسية، وأسّس مدرسته الخاصة، ورداً للجميل منع أكل «الفول» فيها! ثارت عليه الناس بسبب آرائه في مساواة التعليم بين الرجل والمرأة، تهجّم وتطاول عليه الرعاع، ثم خرجت القرية تسيّر أمامها كلاب الصيد تريد قتله.

قالت امرأة دون أن تتلعثم: بالأمس تقول لي ابنتي إن مجموع زوايا المُثلث يساوي زاويتين قائمتين! ما هذه الهرطقة، إنه يفسد بناتنا بالتعليم.

وكما حدث مع المسيح، أنكره تلاميذه وادّعوا أنهم لا يعرفونه. هرب مصاباً بالذعر وقلة الحيلة، واختلط عليه العدد مع النغم، وفكّر في قدميه أكثر من عقله، فقادته قدماه إلى الجهة الوحيدة، التي لا يرغب في الذهاب إليها، وفي هذا الوقت تحديداً، وجد نفسه أمام حقول شاسعة من «الفول».

قال له التلميذ الوحيد الذي هرب معه: «اهرب... اعبرها». وقف متسمّراً، ابتسم، اعتذر، وهزّ رأسه وهو يردّد بصوت أقرب للهمس: كيف أعبر حقول الفول وقد منعت طلابي عنها.

ومثل الجميع عندما يواجهون الموت... تغيّرت ملامحه.

كثير من الفتيات اللاتي تعلّمن في مدرسته، كن يخافن ويصرخن من مشاهدة فأر كان يسكن المدرسة، في هذا اليوم أطلقن الضحكات والجماهير تقتله ركلاً وسحلاً.

عندما حملت أمه فيه، قالت لها عرافة «جبال الأوليمب»: إنك ستلدين ولداً غاية في الجمال والحكمة. ثم تضع الأم مولودها، ولكنها بدلاً من ذلك ولدت... فيثاغورث.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي