No Script

من الخميس إلى الخميس

دعوةٌ مُلحّةٌ !

تصغير
تكبير

قبل التعليق على الكتاب المهم جداً للدكتورة كاميليا حلمي محمد، أروي لكم هذه الواقعة التي حدثت لي قبل نحو خمسة عشر عاماً، أيامها كنت رئيساً للجنة مكافحة المخدرات وعضواً في المنظمة الوطنية لمكافحة المخدرات والكحول، هذه المنظّمة كانت تكتلاً دولياً تقوده مجموعة من المهتمين بالتوعية ومعظمهم من الدول الأوروبية، كل عام كنّا نجتمع لتحديد موعد ومكان المؤتمر السنوي المعتاد، وفي إحدى تلك السنوات بذلنا جهدنا، في الكويت لاستضافة هذا المؤتمر وأعددنا ملفاً كاملاً للتسهيلات التي سنقدمها للباحثين والحضور، وكان ملفاً مغرياً وكريماً، وعند اجتماع اللجنة العليا تم عرض ملف الكويت مع ملف دولة أخرى تطلب استضافة المؤتمر مثلنا، الدولة الأخرى تلك كانت دولة ضعيفة الإمكانات ولم تَمنَح نِصفَ التسهيلات التي قدّمتها الكويت.

المفاجأة أن اللجنة العليا اختارت الدولة المنافسة، ولمّا كنت مطّلعاً على ملف الدولة الأخرى سألت أحد أعضاء اللجنة المقربين لي عن سر اختيارهم تلك الدولة، رغم الفرق الواضح بيننا وبينهم في تحضير وتنظيم المؤتمرات، فكان جوابه الصريح مفاجأةً لي قال: معظم أعضاء اللجنة العليا يستمتعون بالسهر وشرب الخمور المجانية في المؤتمرات، لقد فضّلوا تلك الدولة لأنه مسموح فيها بيع الخمر وتعاطيه !

منظّمة تكافح الخمور وتشجّعها! كأنها أحد تعليقات مسرحية مدرسة المشاغبين، حين سرق أحدهم سيارة رئيس مكافحة سرقة السيارات! منذ ذلك اليوم وأنا أراقب الكوميديا الهزلية في المنظمات الدولية والاتحادات التي تخدع دول العالم.

نعود إلى الكتاب المهمّ الذي هو أطروحة الدكتورة كاميليا، الذي نالت عليه تقدير ممتاز، عنوان الكتاب (المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة)، كتابٌ أتمنى أن تقرأه كل أم ترغب في بناء مدرسة أسرتها، وأيضاً أتمنى أن يقرأه كل صاحب قرار في بلادنا الخليجية والعربية، كتابٌ يُسلط الضوء على تحول الصراع الدولي من صراع حول مصادر المواد الأولية، إلى صراع حول مصادر الفكر واستقطاب الثقافات عبر السيطرة على الخلية الأولى للمجتمعات، فالأسرة اليوم مستهدفة، وهذا الاستهداف يأتي عبر تلك المنظمات التي لها تأثير كبير على قادة الدول وصانعي الاستراتيجيات.

نحتاجُ فعلاً إلى تناول المعلومات الغزيرة المتواجدة في مثل هذه الكتب لصنع حِصن منيع ضد من يحاول تفكيك أسرنا وحرماننا من السعادة التي نعيش فيها، من أجل التحول إلى الشقاء الاجتماعي الذي يعيش فيه كثير من مواطني الغرب، مواطنون كُثُر هناك رأيناهم واستمعنا إليهم، وهم يتحسّرون على ماضٍ لهم كانت للأسرة دورها في احتضان الأجيال وحمايتهم.

علينا أن نُمحّص تلك المؤسسات المسمّاة دولية، فكثيرٌ منها مجرّد تسالٍ وتجمعات ربحية لا تهتم حتى بالشعار الذي ترفَعُه.

دعوةٌ ملحّةٌ لقراءة كتاب (المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة)، للدكتورة كاميليا حلمي شكراً لكم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي