No Script

من الخميس إلى الخميس

عودة الثقة الضالة

تصغير
تكبير

الإعلام سلاح ذو حدين، هو لك أو عليك، في الماضي كان ذلك السلاح بحدٍ واحد، تقوده مجاميع تخدم أجندات خاصة، اليوم تحوّل الإعلام إلى إعلام شخصي، كل إنسان يُمكنه اليوم أن يملك محطته الخاصة التي ينشر فيها أفكاره وقيمة سواء باسمه الصريح أو مستتر وراء اسم وهمي.

أحياناً تصبح محطة خاصة متناهية في الصغر أكثر تأثيراً من صحيفة واسعة الانتشار، هذا ما يحدث اليوم تغيير في مفاهيم الإعلام، فهل هذا التغيير من صالحنا... هذا هو السؤال؟

لقد أجمع باحثو الإعلام أنّ ما يحمله الإعلام من أدوات، هو مجرد وسيلة تهدف في النهاية لزرع الصورة المستهدفة لدى المتلقي، وهو ما يُعرف بصناعة الإذعان (يُمكن الرجوع هنا إلى كتاب الرأي العام الذي أصدره الأميركي والتر ليبمان، Walter Lippmann عام 1922)، وكتاب الإعلام الاجتماعي للدكتورة سناء محمد الجبور 2014.

لقد عانينا - نحن أمة العرب - من النمط القديم للإعلام، الذي تسيّره الحكومات ورأس المال المرتبط بالمصالح مع السلطة، طالت معاناتنا طويلاً، حيث كان التوجيه المعنوي هو المتحكم في المعلومة، فكل ما نُقل عن ذلك الإعلام طوال العقود الماضية من أخبار وحوارات، وبرامج ثقافية كان إعلاماً موجّهاً لم يساهم في تطور عالمنا العربي، بل نجح فقط في قتل روح الفخار والثقة في أمة العرب، وأصبح استعراض سلبياتنا وعجزنا وحاجتنا للآخرين، هو عنوان وكالات الأنباء التي تغذي إعلامنا والمحطات الأجنبية الموجهة لنا، والتي كان آباؤنا وأجدادنا يحرصون على الاستماع لها بتلك الأجهزة الصغيرة.

وطبعاً حدث ما هو متوقّع، أصبحت لدينا عقدة الأجنبي، والاستعانة بالخبرات الأجنبية والتعليم في المدارس الأجنبية، والطبابة في المستشفيات الأجنبية، اليوم ما زال بعض قادة القرار في عالمنا العربي، ممن تلقّوا تلك الرسالة، يطالبون بالاستعانة بالخبرات الغربية بالذات في كل معضلة تواجههم.

وكان من المفترض أن يستمرّ الوضع على ما هو عليه، ولكن ثورة الإعلام الجديد وامتلاك الأفراد العاديين منصّات إعلامية خارج السيطرة قلبت المعادلة، أعدنا تقييم أوضاعنا، وسلّطنا الضوء على فشل تجاربنا مع الخبراء الأجانب، بل وظهرت تقارير خاصة عن مقدار تخبّط أولئك الخبراء وأحيانا جهلهم.

لم نعد نُفكّر في الاستعانة بالخبرات الأجنبية، لا سيما بعد أن كشفت جائحة «كورونا» أّننا في الخليج العربي على سبيل المثال وبأيادي أبنائنا وبناتنا، كنّا أفضل في التعامل معها من دول كنّا نستعين بخبراتهم المزعومة، أعدنا اكتشاف أنفسنا، فكل نجاحاتنا هي من صنعنا وغالبية فشلنا من صنع أولئك الخبراء، نظام التأمينات الاجتماعية وإدارته ونظام خدمة المواطن ونظام الجمعيات التعاونية، كانت كلّها من أفكار أبناء البلد، في المقابل كان فشل الفرق الطبية الأجنبية في مستشفى الطب الطبيعي والأطفال ومركز السرطان، يقابله نجاح أطباء الكويت ووزارة الصحة في إدارة أزمة «كورونا»، وتقديم اللقاحات بتنظيم شهد له الجميع بالرُقيّ والدقة.

الإعلام الذي يصنع الواقع أصبح اليوم معنا، وأصبح اليوم شبابنا أكثر ثقة في أنفسهم، فهناك في كل بقعة خليجية إنجازات تُصنع بأيادي أبناء الخليج، لتفتح لكل أمة العرب وشبابها كوة جديدة من الثقة، لك التي نحتاجها لجيل جديد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي