No Script

سافر إلى ذاتك

«مجلس ما فيه نفس ثقيلة»...

تصغير
تكبير

كم مرة جلست مع أشخاص غصصت بكلماتك معهم؟

كم مرة شعرت بالضيق، من مجلس مليء بأشخاص يسبّبون لك الضيق؟

كم مرة كثرت مجاملاتك، لحد لم تحترم فيه حالك؟

وكم حال كاذبة عشتها، في مجلس كان الجلوس فيه اضطرارياً؟

كل ما سبق، (كان مجلساً فيه نفوس ثقيلة)، تأخذ من صحتك وعمرك وصدقك مع نفسك الكثير، ولأن مجتمعاتنا فرضت علينا الجلوس في مجالس مزعجة بعض الشيء، مملوءة بطاقات سلبية... تحت مسمى (المعارف)... ولأنه صار الحكم على الشخص بكثرة معارفه لا نوعية هذه المعارف، صار الجميع يشبه الجميع في حبهم للمظاهر الكاذبة، والانشغال بلا شيء... الذي قد يكون أبسط أشكاله: نوع لبس فلان وساعته ومقتنياته التي قد تزيد ثقله أو تخفف موازينه، وتفاصيل مَنْ يعرف ومَنْ يصادق ومَنْ معه على الدوام، ولو نتعمق أكثر متنقلين في التدرّج المتفاوت في التفاهة: مكان منزله ونوعية أثاثه ومَنْ هم جيرانه، وكيف يكسب وما نوعية السكن حكومي أم خاص؟ وأكثر وأتفه! حتى نتسلم صكّ مسمّى التافهين رسميّاً.

كل ذلك لأننا نجري خلف بعضنا من دون وعي، وتحت مظلّة التقليد الأعمى والتبعية اللاشعوريّة.

إن ثقل الأشخاص على نفسك يحدث نتيجة اختيارك لهم، والجلوس معهم حسب معايير لا يفهمها قلبك ولا يتفهمها عقلك، لكن تجبرك عليها برمجتك الاجتماعية.

قف مع نفسك الآن... ماذا يحدث لو قلت إن فلاناً صديق العائلة لا يمثل شخصيتي؟ ماذا لو ابتعدت عن ذلك الشخص صاحب الكلمات الجارحة، وأنهيت الارتباط به؟ ماذا لو تركت نظرية (التبعية)، لنظرية أجمل تدعى (أنا لا أمثّل البقية)؟ لماذا لا تصادق الشخص لعلمه وفكره وتوافقه القلبي معك، لا لسيارته وساعته ومنزله وعائلته؟

عزيزي القارئ... التعرّف على جميع أصناف البشر أمر مهمّ، حتى تكون لك خبرة اجتماعية عن كل ما حولك، لكن هذا لا يعني أبداً أن يكونوا هم جزءاً من حياتك أو كثيري الوجود فيها.

تذكّر أن نفسك أهم من الجميع، وأن البشر هم استثمار في حياتك، من حق نفسك عليك أن تعرف عواقب هذا الاستثمار وأرباحه، وكيفية الوصول إلى أعظم ثرواته، متفادياً الخسائر بوصفة ذكية تدعى (الذكاء الاجتماعي)، التي تنص على: (كن موجوداً حدّ الفقد عند مَنْ تحب، وكن مفقوداً عند الذين لا وجود لهم أصلاً، وقتك هو عمرك الزمني الذي يُكوّن حالتك النفسية وذكرياتك المستقبليّة )، ولأن تطبّيق القرارات أهم من القرارات ذاتها، خُذّ صورة معي الآن لجميع مَنْ هم في حياتك، صَفّهم تصفية نفسيّة، الذي يبعدك عن أخطائك، والذي يجرك إليها، والذي يتعب نفسيتك، والذي يداويها.

مَنْ تريد؟!

قف مع نفسك وقفة جادة تنقي حياتك من المتذمرين والتافهين والفشلة والحاسدين، واكتفِ بالرائعين الطموحين المحبين لك والمعطائين، وتصوّر نفسك معهم في قمة تجمعكم معاً، تستثمرون بها طاقات بعضكم البعض الإيجابية وتقوّمون تصرفات بعض.

احفظ هذه الصورة جيداً في قلبك، وخزّنها في ذاكرتك واكتب تحتها:

كل ما في الأمر أن حقيقة نجاحك وراحتك في الحياة، هو أن هذه العبارة تحقّقت: (مجلس ما فيه نفس ثقيلة).

Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي