لم تبدأ «المربعانية» بعد والجو كان ممطراً في وقت انشغلت فيه الساحة بقضية حجز الأخ الفاضل محمد عبدالقادر الجاسم، الذي ندعو المولى عز شأنه أن يعيده لأهله ومحبيه سالما معافى. أشغلتنا هذه القضية التي بدأت ولم تنته بعد وصرنا نخشى على قول الرأي السديد من التراجع في ظل هذه الممارسات.
فبين حرية الرأي المكفولة دستورياً وبين حرية اختيار طريقة المحاسبة لنواب مجلس الأمة وأعضاء السلطة التنفيذية، وقفنا وقفة لم نستطع بعدها الجلوس حتى تسدل الستارة عن أحداث جلسة الاستجوابات المقبلة بالعلانية أو السرية.
كيف لنا محاسبة نواب مجلس الأمة ومعرفة ردود طرفي الاستجواب عندما تتحول الجلسة لسرية، وزد عليها تحويل التصويت إلى سري... فأين السرية في الموضوع ما دام الأمر يتحرك حسب الأدوات الدستورية التي أعطت الحق للنائب أن يستجوب الوزير بعد توجيه الأسئلة والحق للناخب في اختيار من يمثله لا من يمثل عليه!
إذا كانت «التكتيكات» ستجعل من التصويت سرياً، فنحن سنجد النافذة مغلقة أمامنا ولن نتمكن من معرفة من هو مع ومن هو ضد، أما حرماننا من تفاصيل الجلسة فيفقدنا أهم جزئية في الحياة الديموقراطية وهي حسن المتابعة، خاصة وأن ثقافة قاعدة الناخبين لم تكن كما هي في الأعوام السابقة... أنظروا إلى المواقع الإلكترونية وإلى ما يتم عرضه من ناشطين سياسيين وغيرهم لتعرفوا الفرق.
لقد تغير الزمان وبقت الأماكن كما هي وهذا التغير صوب الضربة القاضية لأفكار كانت متداولة منذ عقود... فمن هم البصامون الآن يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي وهل زيارة البعض من فئة الكبار لدواوين في مناطق انطلق منها المستجوبون غير مغطاة وسرية؟
كل ما يحصل في الكويت على المستوى السياسي ينتقل عبر الأثير ودواوين الكويت تتناقل كل تحرك يلامس المساحة الجغرافية في أي دائرة كانت... لقد منحت التكنولوجيا نقل الأخبار بين رواد الديوانيات ولم تعد مقتصرة على المدونات التي قيل عن رقابتها الشيء الكثير... إنها الحرية التي أنعم الله علينا بها، رغم أن البعض أدرك خطورتها لسبب أو آخر، ولكنها حرية مسؤولة توجب علينا أخذ الخبر من مصدره بعيدا عن وكالة يقولون!
لقد تجاوزنا مرحلة «إذنك خشمك»، و«تكفى طلبناك»، والتغيب بعذر أو من دون عذر في هذه الأوقات... لقد تجاوزناها وأصبحنا على خط جديد نسير ونشاهد ما يطرح من كل جانب، وفي حاجة لمعرفة ماهية الحس الوطني الذي تحاول بعض «التكتيكات» إخفاء بريقه اللامع حسب ما توصفه عين المراقب الذي يخاف على مستقبل البلد والعباد... والأعين التي ضعف نظرها لا تجيد قراءة الأحداث وقد تساعد في تفشي حالات الفساد وانعدام الشفافية التي بسطتها تقارير دولية في هذا الشأن!
إن أصعب شيء على الفرد الحر يكمن في منعه من الحديث في وقت نحن في حاجة فيه للحديث المسؤول الذي يخاف صاحبه من رب العباد قبل أي مؤثر آخر، فخافوا الله فينا ودعونا نشرب من كأس الديموقراطية المحقة... فهل وصلت الرسالة؟ الله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي