No Script

حروف نيرة

العبد في التفكير والرب في التدبير

تصغير
تكبير

العاقل الحكيم يتقبل كل ما يصيبه من خير أو شر لأن كل شيء في الحياة يحدث لسبب وحكمة، فلا يرهق نفسه في التفكير الذي يصل به إلى القلق، وإنما التفكير السليم وراحة البال وعدم الخوف لمحاولة الوصول إلى هدفه، مع الاعتماد على ربه في سائر أمره، لأن الله عز وجل خير مدبر، وكما في المثل العامي الشهير: (العبد في التفكير والرب في التدبير)، فما على الإنسان إلا أن يفكر ويخطّط، ويأخذ بالأسباب، ثم لا يقلق ويترك على ربه تدبير الطريق والوسيلة لتنفيذ ما خطّط له... فقد دل المثل على التفكير، وتحريك العقل، ثم تسليم أمره لله سبحانه وتعالى واليقين أن القدر بيد الله تعالى، فلا تلقي على كاهلك ثقلَ التفكير والتخطيطِ المُرهق ولا تقنط من رحمة الله مهما نالت منك الدنيا، فالله يعطي ويرزق ويفتح أبواب الخير...كما في قصة الملك الذي سقط في حفرة أثناء تنزهه مع وزيره، فقال له الوزير: «لعله خير»، سكت الملك على مضض ولسان حاله يقول: أين الخير في سقوطي!.. بعدها نزف إصبعه وقطعه الأطباء فقال له الوزير مرة أخرى: «لعله خير» غضب الملك فهو لم يرَ في ما حدث له أي خير! لكن بعد ذلك وقع في إيدي مجموعة من الوثنيين فأسروه لأنهم يريدونه قرباناً لآلهتهم، وعندما أرادوا تعليقه انتبهوا أن إصبعه مقطوع فتركوه لأنه لا يطابق مواصفات القربان، حينها أدرك الملك ثمن العبارة التي قالها له وزيره.

إذا قضى الله أمراً غير محبب للنفس أو وقع الشخص في أمر لا يرغبه يرضى بتأخر الخير ووقوع الضرر، ولا ييأس، ويعلم أنه يعطي الخير ويدفع الشر، ويعوضك عن كل ما فقدت، فقد يكون ظاهر القدر شراً وباطنه خيراً، كما في قوله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) ففي الآية الكريمة توجيه إلى الإيمان بالقضاء والقدر، يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله: ربما كان الشيء شاقاً عليكم في الحال، وهو سبب للمنافع الجليلة في المستقبل وبالضد، ولأجله حسن شرب الدواء المر في الحال لتوقع حصول الصحة في المستقبل، وحسن تحمّل الأخطار في الأسفار لتوقع حصول الربح في المستقبل، وحسن تحمّل المشاق في طلب العلم للفوز بالسعادة العظيمة في الدنيا وفي العقبى... فمن قوى يقينه وصبره هان عليه كل مشقة يتحمَّلها في طلب الخير الدائم.

@aaalsenan

aalsenan@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي