No Script

خلاف ثلاثي حول التبعية وتحصيل رسوم ومخالفات السيارات تركها مهجورة 30 عاماً

مباني «وزن الشاحنات» في السالمي والمطلاع ... جرحٌ في خاصرة المال العام ومرتعٌ للمتسكعين

تصغير
تكبير

- المحطتان كانتا تضبطان سير الشاحنات على الطرق من حيث أوزانها وتوقيت سيرها
- غياب دور المحطتين كبّد المال العام خسائر من الرسوم والمخالفات وانعكس سلباً على الشوارع
- «المرور» ترى أن المخالفات على الطرق من اختصاصها في ظل غياب المسؤولين عنهما
- «المواصلات» نقلت تبعيتهما إلى هيئة الطرق بعد تشكيلها
- «الطرق» تبحث عن قانون أو قرار بضم المحطتين لمظلتها حتى تنشئ محطات وزن جديدة بتكنولوجيا متطورة

خلاف ثلاثي الأبعاد، حوّل مباني وزن الشاحنات في كل من منطقتي السالمي والعبدلي، من مصدر دخل للمال العام برسوم تفرض على الشاحنات حسب أوزانها، إلى مأوى للمتسكعين ومخالفي القانون، بعد أن ضاعت بوصلة المسؤولية عنها.

فما بين مسؤولية «إدارة النقل البري» في وزارة المواصلات، وانتقال الإدارة إلى هيئة الطرق، والخلاف حول تحصيل الرسوم والمخالفات من الشاحنات، تركت مباني المنطقتين للإهمال، وبمرور الوقت، وبعد نحو 30 عاماً، تحولت تلك المباني إلى أطلال متهدمة، ومأوى لكل متسكع أو مخالف يبحث عن مكان بعيد عن العيون، ليلوذ بالجدران التي مازالت قائمة، ثم يترك خلفه ذكرياته عبر رسومات وكتابات على الجدران، بينما تسرح شاحنات النقل الثقيل وتمرح في الطرق، من دون رقيب على وزنها أو أوقات سيرها.

«الراي» فتحت ملف تلك المباني المهجورة، واستقصت المسؤولية عنها، بعدما جالت ووثقت عدستها، صوراً لبعض المواقع المخصصة كمحطات ميزان للشاحنات والسيارات الثقيلة على طريقي السالمي والعبدلي، التي كانت تعمل قبل الغزو العراقي الغاشم في ضبط حركة الشاحنات القادمة والمغادرة للبلاد، حيث كانت آلية العمل السابقة تلزم أصحاب الشاحنات بأوقات معينة للسير داخل الطرق الرئيسية والفرعية وبأوزان محددة أيضاً، فكان سائقو الشاحنات ملزمين بالوقوف وأخذ وزن البضاعة المحملة على شاحناتهم، ودفع رسوم عليها ليسمح لها بالمرور في الطرق، ويفرض على الشاحنات غير الملتزمة بالوزن المحدد غرامات مالية، مع إلزام صاحب الحمولة بتخفيف الحمولة حتى لا تتعرض الشوارع أو الطرق إلى التلف، من خلال جلب شاحنة أخرى يتم توزيع الحمولة على الشاحنتين.

وللوقوف على حقيقة الخلاف الحكومي، انتقلت «الراي» بالسؤال إلى الجهات المعنية، فكشف مصدر أمني مطلع في قطاع المرور أن «محطات وزن الشاحنات كانت تخضع لمسؤولية إدارة النقل البري في وزارة المواصلات قبل الغزو، وبعد تحرير البلاد تركت المباني خالية وأصبحت مرتعاً للمتسكعين ومخالفي القانون، وعندما أبلغنا إدارة النقل البري بوضع تلك المباني، أخبرونا بأن تلك المباني تتبع حالياً لهيئة الطرق المسؤولة عن ترميمها وإعادة العمل بها كما كانت سابقاً»، مستدركاً «إلا أن هناك خلافاً في ما بين تلك الجهات حول تحصيل المبالغ المالية والغرامات بحق أصحاب الشاحنات، كون اتخاذ مثل هذه المخالفات يخضع لإدارة سير المرور».

وبالانتقال إلى وزارة المواصلات، كشف مصدر مسؤول عن أن «هذه المراكز أصبحت تتبع هيئة الطرق، حيث قمنا بتسليمها لهم قبل 4 أعوام. وهذه المباني كانت تحت مسؤولية وإشراف وزارة المواصلات قطاع النقل البري والأعمال المشتركة مع وزارة الأشغال، وأن الأمر عهد حالياً إلى هيئة الطرق للعمل على تطويرها وتحصيل المبالغ المالية على الأوزان في الطرق السريعة، وتحويل محطة الوزن المتواجدة في مؤسسة الموانئ بالشعيبة والدوحة والشويخ إلى مظلة الجمارك كون لديها محطة خاصة لوزن الشاحنات».

وفي هيئة الطرق، كشف مصدر مسؤول أن «إعادة العمل بهذه المراكز تحتاج إلى قوانين وقرارات بضم هذه المحطات إلى مظلة هيئة الطرق، لتقوم بتنفيذ أعمالها، عبر إنشاء محطات وزن جديدة للشاحنات وبتكنولوجيا متطورة وحديثة، أسوة بالدول المتقدمة لتحصيل المبالغ والغرامات المالية بحق الشاحنات التي لا تلتزم بوزن مشروط على حسب المتاح لها بالحمولة».

وأضاف المصدر «للأسف أن ما يحصل هو فوضى من قبل بعض أصحاب الشاحنات الذين أتلفوا الطرق والشوارع الحديثة التي تقوم بإنشائها وإنجازها هيئة الطرق وتكلف الدولة ملايين الدنانير من دون رادع أو مسوغ قانوني، ونحن لا نملك الضبطية القضائية أو تحصيل الغرامات بحق أصحاب هذه الشاحنات، بسبب عدم مخالفتهم لهذه الأوزان الزائدة التي مازالت تحصل عبر المخالفات المرورية وهي غير مجدية ولا رادعة للمخالفين». واختتم المصدر أن «هناك هدر أموال طائلة لم تدخل خزينة الدولة بسبب تحصيل رسوم زيادة وزن البضائع».

وبعد تقاذف كرة المسؤولية بين الجهات الثلاث، يبدو أن الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى إشعار آخر، وستبقى خزينة الدولة تنزف من جرح لم يتم تضميده طوال 30 سنة، عدا ما تتسبب به الشاحنات الكبيرة وأوزانها من تخريب للشوارع وتعريض مركبات المواطنين والمقيمين للتلف.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي