No Script

حروف نيرة

البخيل... وكوب العصير!

تصغير
تكبير

المال من زينة الحياة الدنيا ومتاعها، والإنسان مَجبولٌ على مَحبَّة المال، ومن ملك المال صرفه باعتدال، فلا يقسو على نفسه ويحرّم عليها الطيّبات فيقع في الإفراط والكبت، وفي المقابل لا ينساق وراء شهوات نفسه، فيقع في التفريط والإسراف، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)، فأشارت الآية الكريمة إلى الاعتدال في الإنفاق، فيكون الإنسان متوسطاً في حياته، فلا يميل إلى التقتير فيكون بخيلاً، ولا يمدّ يده على الدوام حتى يصير مسرفاً... وقد عرّف أبو حامد الغزالي الحدود السليمة بين البخل والإسراف قائلاً: (فالإمساك حيث يجب البذل بُخلٌ، والبذلُ حيث يجب الإمساك تبذيرٌ، وبينهما وسطٌ وهو المحمود).

قد يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة، فيمنع الشخص المال عن نفسه، وأيضاً عن غيره من أهل وأصحاب، ومن البُخل أيضاً أن يكون الإنسانُ كريماً على نفسه وبخيلاً على غيره.

البخل عادة سيئة تجعل الإنسان غير محبوب من الآخرين، وتُسبب الفقر والموت وهدم البيوت، ومما يحكى في ذلك: طلاق زوجين بعد أيام من زواجهما بسبب مواقف بسيطة حملت معاني ثقيلة على نفس الزوجة، حيث تروي الزوجة أن في أول موعد غداء لهما لم يتقبّل الخروج من البيت، وبعد ذلك أخبرها أنه يكره تناول الغداء في المطاعم، لما فيه من إهدار للمال، إلا أنها لم تُلقِ بالاً لكلماته في ذلك الوقت، وفي يوم خرجت معه ورغبت في تناول عصير، ولكنّها طلبت العصير مع وجبة خفيفة، انزعج الزوج واتهمها بالاستغلالية، ومع مواقف أخرى لم تعد الزوجة قادرة على الاستمرار.

البخيل شخص يعيش طيلة حياته من دون أن يتذوّق طعم الحياة... قد يعتقد البخلاء أنّ المال والممتلكات المادية أهم من العلاقات والصحة والأسرة ومشاعر المحيطين؛ ولكن المال لا يشتري لحظة سعادة؛ فكم من غني حزين لا يشعر بلذة المال، وكم من فقير تملأ روحه السعادة، ولا يكون المال بديلاً عن الصحة، فقد يقضي الإنسان عمره مريضاً رغم ما ملك من مال... انظر إلى المال نظرة بعيدة، فقد يسقط كل ما تملك في لحظة مهما ارتفع شأنك وزاد مالك.

aalsenan@hotmail.com aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي