No Script

بوح صريح

أنت لست أنت!

تصغير
تكبير

كانت الفلسفة مركزاً بحثياً، للتحقق من معاني الحقيقة وصورها، ثم اكتشافها وتسليط الضوء عليها.

بينما يُكشف الستار عن كل مَن يحاول طمسها وإلقاء الظلمة عليها؛ ظلمة الجهل والإنكار والإهمال أو حتى التفكيك والاختفاء، لكننا نجد حالياً تغريباً وتجهيلاً وابتعاداً كاملاً عن جوهر الفلسفة، خصوصاً بعد التحولات المعرفية المعاصرة، وهجمة التكنولوجيا التي جعلت كل أخلاق ممكنة ملتوية مخادعة وفاسدة.

عبر وسائل زيف وكذب ونفاق ما يسمى وسائل التواصل.

التي تجعلنا مثلاً نرى/ نقرأ ثم نضغط على زر لنجعل ما كان مرئياً في الأصل كأن لم يتم الدخول عليه (mark as unread)، وغيرها من برامج تغيير الوجه والشكل والهيئة.

تنحت الهيكل وتلوّن وتقصّر وتطوّل... فتقزّم هويتك، وتتركك غير متأكد من حقيقة نفسك.

مما جعل الكذب والنفاق والخيانة شرعياً بكل الصور المعمقة والوسائل المزخرفة.

تحت مسمى حريات وقوانين المواقع.

التي لا شك أسسها هواة بدعم إعلانات وتسويق تجارية ربحية.

إذاً فقد شُوّهت الأخلاق والقيم والفضائل من أجل در المال.

أي «سلعنة» الإنسان! الأمر الذي شوّه أخلاقيات الفرد، وهدم أسراً وشتّت أبناء من جهة، ودمّر قيم مجتمعات من جهة أخرى.

وبذلك عطّل مسار الحضارة الحقيقية، بينما استمرت المدنية الإسمنتيّة؛ مشاريع عمرانية متتالية، على حساب المد والتحضر البيئي والطبيعي.

والأهم، على حساب ثقة الفرد بالقيم والفضائل وبفرص العثور على قدوة ما ونموذج أصلي يحتذى به.

تخيّل لو أنت غير أنت.

مَن في اعتقادك يمكن أن تكون من الضمائر؟ تأمل، تصوّر إن كنت أنت لست أنت، إذا أنت إما في الآخر؛ الـ «هو» والـ «هي» والـ «هم»، أي المجموعة أو التقاليد والقوانين والمجتمع... وذلك استلاب للذات وتفريغ لها.

وإما عبر زمان ومكان، أي في الآن أو الغد أو الـ «هنا» والـ «هناك».

فكل الضمائر متاحة لامتداد الذات واستيعابها.

لكن شخصياً... أفضّل أن أكون في الطبيعة. في الماء والشجر وليس في الآخر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي