No Script

الأبعاد الثلاثة

التوظيف والفساد

تصغير
تكبير

ينص دستور الكويت على أن: (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين).

كما ينص كذلك على أن: (لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه. والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه).

لعل من أكثر أسباب لجوء المواطنين إلى النواب والمسؤولين، هو البحث عن (واسطة) في ما يتعلق بالتوظيف واختيار نوع العمل والحصول على مناصب وترقيات، فبسبب اليأس من الحصول على وظيفة مناسبة أو ترقية مستحقة أو منصب مستحق لغياب العدالة والمساواة يكون اللجوء إلى الواسطة.

غير أن الاعتماد عليها بشكل كبير في التوظيف سيتبعه في كثير من الأحيان، أنواع مختلفة من ابتزاز بعض المواطنين للنواب وفي المقابل ابتزاز بعض النواب للمواطنين، وما يتبعه كذلك من ابتزاز بعض الوزراء والمسؤولين للنواب، ووضع رقبة النائب بيد الوزير أو المسؤول والعكس، وقد ساهم في ذلك نظام التوظيف العقيم والعشوائي لديوان الخدمة المدنية، والذي في أغلبه لا يعدو سوى نظام توزيع أشخاص وملء فراغات، بدلاً من أن يكون نظام توظيف حقيقي يراعي حاجة الدولة وخططها المستقبلية، ورغبات وطموحات الباحثين عن وظائف. يأتي ذلك نتيجة حتمية لغياب الإيمان، وبالتالي غياب التطبيق العملي لنص المادتين - سالفتي الذكر - من الدستور الكويتي برعاية حكومية ومباركة نيابية، واستحسان شريحة من الانتهازيين من أفراد المجتمع رغم كون هذه السلسلة من (المصالح المشتركة قصيرة النظر)، سبب رئيسي ونقطة البداية لجميع أنواع الفساد، كـ(المالي أو الإداري أو المجتمعي)، نظراً لتغليب المصلحة الشخصية الضيّقة على مصلحة الوطن، بدلاً من استخدام التوظيف والترقيات كوسيلة لتحقيق العدالة والمساواة وإعطاء كل ذي حق حقه، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وتطوير العمل والموارد البشرية، وتحقيق رؤى ديمومة الدولة واستقرارها وتطورها. فقد نجد أن التوظيف والترقيات يستخدم كورقة ووسيلة للابتزاز، ولتحقيق مصالح سياسية وانتخابية ومحاربة الكفاءات واستبعاد الخيّرين والمصلحين، وخلق مجاميع من المتمصلحين وتمرير المخالفات واستمرار الفساد خصوصاً مع استمرار سيطرة الحكومة على سوق العمل، واستمرار خلق وظائف وهمية حكومية وتضخيم البطالة المقنعة، لخدمة فساد الرؤية والمنهج، وكل ذلك يكون على حساب الكفاءات والمجتهدين والمصلحين! فالخطوة الأولى للإصلاح تبدأ بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإعطاء كل ذي حق حقه، بالعدالة والمساواة بعيداً عن التعسف والأهواء ومن دون الحاجة إلى واسطة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي