No Script

تساؤلات تجيب عنها اختصاصية أميركية بارزة في مجال طب الأجِنَّة والأمومة وحديثي الولادة

لقاح «فايزر»... هل يؤذي الحمل والرضاعة؟

تصغير
تكبير

صحيح أنه قد أصبح متاحاً الآن عدد من اللقاحات المضادة لمرض كوفيد-19، بما في ذلك لقاح «فايزر» الذي بدأ استخدامه فعلياً هنا في الكويت وفي دول أخرى حول العالم. لكن في المقابل هناك التساؤل التالي: هل تم تجريب ذلك اللقاح (أو غيره من اللقاحات) على نساء حوامل أو مرضعات خلال مراحل ودراسات تطويره؟ وبطبيعة الحال، فإن ذلك هو واحد من بين تساؤلات أخرى تثير قلقاً له ما يبرره، إذ إنها تتعلق بما إذا كانت هنالك أدلة بحثية مؤكدة عن مدى وطبيعة وحجم التأثيرات والمضاعفات العكسية المحتملة التي يمكن أن تظهر لدى النساء الحوامل والمرضعات (وربما على أجنتهن وأطفالهن أيضا) في حال تطعيمهن بواحد من تلك اللقاحات.

والشيء الوحيد الذي عليه إجماع بين أهل الاختصاص حتى الآن هو أن النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يُصَبن بمرض كوفيد-19 هنّ أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات سيئة مقارنة بنظيراتهن غير الحوامل وغير المرضعات، وبالتالي فهذا يعني أن اللقاح قد يفيدهن شخصياً من خلال منح المرأة الحامل أو المرضع حماية ضد الفيروس. لكن في المقابل، هل هنالك أدلة بحثية تؤكد أو تضمن عدم المساس بصحة وسلامة الجنين أو الرضيع؟ تلك الشرارة سرعان ما تشعبت منها تساؤلات أخرى مشروعة ومفعمة بالقلق والتوجس، وهي التساؤلات التي تصدت للإجابة عنها الطبيبة الأميركية البارزة مولي ستاوت، الخبيرة المتخصصة في مجال طب الأجِنَّة والأمومة وحديثي الولادة، وتشغل حاليا منصب المدير التنفيذي للقطاع المخصص لذلك المجال في مستشفى «فون فويغتلاندر» للنساء والولادة بولاية ميتشغن الأميركية.

فإلى استعراض لأهم علامات الاستفهام التي تناولتها الدكتورة ستاوت حول التأثيرات المحتملة على الحمل والرضاعة من جانب لقاح «فايزر» بشكل خاص واللقاحات الأخرى عموماً:

س: هل أجريت دراسات سريرية حول تأثيرات لقاح «فايزر» المضاد لمرض كوفيد-19 على الحمل والحوامل؟

د. ستاوت: كلا، حتى الآن لم يتم إجراء أي دراسات محددة مسبقا أثناء الحمل أو الرضاعة حول تأثيرات أي واحد من اللقاحات التي باتت متاحة حاليا. الذي حصل هو أنه حدثت حالات حمل عارضة لدى بعض المتطوعات خلال مشاركتهن في تجارب ودراسات اللقاحات، ولكن ليس لدينا أي بيانات حول هذه الحالات في الوقت الراهن. وهناك جهود جارية حاليا لإدراج نساء حوامل في تجارب ودراسات ذات صلة بتطوير تلك اللقاحات.

س: لكن الآن، هل يمكننا القول إن اللقاح آمن إذا حُقن في جسم المرأة أثناء الحمل أو الإرضاع؟

د. ستاوت: بالنظر إلى أنه لم يتم إشراك نساء حوامل ومرضعات كمتطوعات في التجارب المبكرة، فإنه ليس باستطاعتنا أن نكون على يقين من طبيعة ومدى تأثير اللقاح على أولئك النساء وأطفالهن. لكن ما نعرفه هو أن اللقاحات المتاحة حاليا حول العالم تتفاوت فعاليتها بين 60 و95 في المئة في مكافحة مرض كوفيد-19 لدى النساء غير الحوامل وغير المرضعات. ليس لدينا أيضا معلومات أمان محددة أثناء الحمل. ومع ذلك، فإن هناك إجماعاً بين العلماء والأطباء والمنظمات الطبية في الولايات المتحدة حول التوصية بتطعيم النساء الحوامل والمرضعات بلقاح مضاد لمرض كوفيد-19، وذلك من منطلق أن المخاطر التي قد تنجم عن ذلك المرض يمكن أن تكون أشد من مخاطر ومضاعفات اللقاح نفسه.

وتستند هذه التوصية إلى أمرين، أولهما: المخاطر المعروفة التي نجمت عن مرض كوفيد-19 لدى مصابات حوامل، وثانيهما: الطبيعة البيولوجية للقاحات التي تعتمد تركيبتها على حمض mRNA المرسال – وهي اللقاحات التي تتألف من سلسلة مأخوذة من المادة الجينية للفيروس، وهي بمثابة «ناقل رسائل» يتألف من الحمض النووي الريبوزي RNA الذي ينتج البروتين ولا يتألف من الفيروس بكامله سواء كان ميتاً أو ضعيفا.

والواقع أن تكنولوجيا اللقاحات المؤلفة من حمض mRNA المرسال متاحة منذ سنوات، وبشكل عام تُعتبر مخاطر هذا الشكل من اللقاحات منخفضة. وإلى جانب ذلك، فإن تجارب الأمان التي أجريت على اللقاحات لدى غير الحوامل وغير المرضعات أظهرت أنه لا توجد أي مخاوف كبيرة تتعلق بالسلامة.

س: هذا يعني أن اللقاح غير خطير بشكل عام، لكنه أيضاً قد لا يكون آمناً بنسبة 100 في المئة. فما تأثيراته الجانبية العكسية المحتملة؟ بتعبير آخر: إلى أي مدى يمكنه أن يؤثر سلبياً على الحامل أو المرضع أو الطفل؟

د. ستاوت: أولا، من المهم أن ندرك أنه من المستحيل أن يصاب أي شخص بمرض كوفيد-19 من اللقاح. فبعض اللقاحات الأخرى مصنفة باعتبارها «حية» لأنها تحتوي على نسخ ضعيفة أو ميتة من الفيروس الذي تكافحه، لكن لقاح كوفيد-19 المتاح حاليا في الولايات المتحدة ودول أخرى لا تحوي تلك النسخ وبالتالي هي ليست لقاحات «حية». لكن عندما يبدأ الجهاز المناعي في الاستجابة للقاح فإنه يتفاعل معه بطريقة قد تثير لدى المتلقي بعض الأعراض الشبيهة بأعراض الأنفلونزا.

في ما يتعلق بالتأثيرات الجانبية، عانى 84 في المئة من الأشخاص خلال الدراسات من إحمرار أو وجع في موضع الحقن، وشعر أكثر من 50 في المئة بالتعب والصداع، وشعر ثلثهم بآلام في العضلات وقشعريرة، بينما اشتكى 15 إلى 20 في المئة من آلام المفاصل أو ارتفاع حرارة الجسم.

يعتقد العلماء أن تلك الأعراض والمضاعفات هي نتيجة طبيعية لقيام اللقاح بتحفيز المناعة الذاتية لدى المتلقي كي تنتج الخلايا والبروتينات المضادة لمرض كوفيد-19. وحتى الآن، لم يتم رصد أي حوادث سلامة خطيرة بين الأشخاص اللاتي جرى حقنهم تجريبيا باللقاح الأميركي المضاد لفيروس كورونا المستجد، بمن في ذلك النساء اللاتي حملن بشكل غير متوقع خلال المشاركة في التجارب.

س: هل يوصى بتطعيم الأم المرضع؟ وفي حال حدوث ذلك، فهل ينبغي أن تتوقف الأم عن إرضاع المولود عقب تطعيمها؟

د. ستاوت: يوصى بتطعيم الأمهات المرضعات باللقاح المضاد لمرض كوفيد-19، وذلك من منطلق كون فوائد اللقاح تفوق أضراره وأعراضه العكسية المحتملة بكثير، فضلا عن أن مخاطر التطعيم أقل بكثير من مخاطر عدم التطعيم.

لكن لأن التجارب التي أجريت خلال تطوير اللقاحات لم تشمل مرضعات بشكل مسبق ومخطط له، فليس لدينا أي بيانات إكلينيكية (سريرية) حول مدى خطورة (أو عدم خطورة) اللقاح على الأم والطفل وعلى رضيعها. ومع ذلك، فإنه بالنظر إلى طبيعة التركيبة البيولوجية للقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد (والتي لا تحتوي على فيروس حي)، فيمكننا أن نؤكد أنه من المستبعد تماما أن تنتقل مكونات اللقاح إلى حليب الأم ومنه إلى الرضيع.

لكن الأجسام المضادة تنتقل إلى حليب الأم وبالتالي إلى رضيعها، والواقع أن تلك الأجسام المضادة توفر حماية له. لذا، فإن الأكاديمية الأميركية لطب الرضاعة الطبيعية في الولايات المتحدة لا توصي الأم المرضع بإيقاف الرضاعة الطبيعية إذا تم تطعيمها بلقاح كوفيد-19.

س: هل من الآمن تطعيم المرأة باللقاح إذا كان حملها في بداياته المبكرة أو في ثلثه الأول؟

د. ستاوت: ليست هنالك خطورة معينة من اللقاح على الحمل في بداياته، بل أنه لا يوصى أصلا بإجراء اختبار للكشف عن الحمل قبل التطعيم.

س: في حال اختارت المرأة الحامل أو المرضع عدم التطعيم باللقاح، فما المخاطر التي قد تتعرض لها في حال أصيبت بمرض كوفيد-19؟

د. ستاوت: أشارت نتائج دراسات طبية أميركية حديثة إلى أن الحوامل اللاتي يصبن بمرض كوفيد-19 هن أكثر تعرضاً للمخاطر والمضاعفات الوخيمة مقارنة بنظيراتهن غير الحوامل اللواتي يصبن بالمرض ذاته، ويشمل ذلك الدخول إلى العناية المركزة، والحاجة إلى أجهزة التنفس الاصطناعي، والإجهاض، والولادة المبتسرة (المبكرة)، وحتى الوفاة.

س: هل من الممكن أن تنتقل عدوى كوفيد-19 من المرأة الحامل إلى جنينها؟

د. ستاوت: الواقع أن الدراسات في هذا المجال أيضا محدودة. وصحيح أن هناك حالات أظهرت إصابة أطفال حديثي ولادة بمرض كوفيد-19، لكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانوا قد أصيبوا بالعدوى قبل أو أثناء أو بعد الولادة.

وبشكل عام، فإن معظم المواليد الجدد الذين اتضحت إصابتهم بعدوى كوفيد-19 كانت الأعراض لديهم إما طفيفة وبسيطة أو كانوا بلا أعراض.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي