لو كنت تعطي من كأس مملوءة.
فأنت تملك الثقة والراحة لأن لديك ماء كفاية.
لكن لا بد أن تعطي بحسبان.
بحيث تأخذ بعد أن تعطي، حتى يرتفع منسوب الماء في الكأس بعد كل نقصان، وليس بالضرورة بالتساوي.
لكن إن استمر عطاؤك من دون أخذ فسينفد الماء وتفرغ الكأس.
أما لو كنت تعطي من كأس نصف مملوءة.
فالحذر أكبر والتردد والمقياس أهم.
سواء من تعطي وكيف ولماذا... لأنك لم تبدأ بكأس مملوءة، وفرص إعادة ملئها أقل.
وسرعة اختفاء الماء أكبر، لذا هناك الخوف من هدر الماء.
ثم لو كنت تعطي من كأس فارغة. ويسمى حينها قدح.
كيف تكون الطريقة. هذا هو السؤال الأهم.
فأنت تملك الكأس لكنها فارغة.
وتود أن تعطي لغيرك ماء.
لذا عليك أولاً التفكير في كيفية جلب الماء.
مرة بعد مرة.
بأمانة ومن دون غش.
ثم بعد ملئها والاطمئنان لتوافر كمية كافية.
تبدأ بمنح الماء لمن يستحق مع عين على منسوب الماء، وعمل موازنة ومقايسة عادلة حتى لا تفرغ الكأس من جديد.
وإن بدأت بكأس فارغة ثم بدأت بملئها، فإنك تشعر بلذة وقيمة الماء أكثر ممن بدأ بالماء في الكأس.
لأن الجهد مضاعف أضعافاً متتالية.
وأخيراً هناك الذي بلا كأس ولا ماء... لكن مع الرغبة في منح الماء.
لذا هو يبدأ من الصفر.
فأمامه درب طويل ومشقة هائلة.
ليس عليه جلب الماء فقط.
بل الكأس التي سيضع فيها الماء ويحفظه ويقيسه.
فكيف يبدأ دون كأس.
وإن تسرّب منها الماء ما فائدة الجهد والرغبة والنية الحسنة.
لذا، عليه أن يجلب الكأس أولاً ثم يبدأ بوضع الماء فيه، حتى يطمئن للكمية، فلا يتهور بهدر الماء قبل خزنه بما يكفي للعطاء.
ومضة يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لو ركب الإنسان الريح هرباً من رزقه لركب الرزق البرق ليلحقه).
لذا، لا تتسرع وتتهور.
لا تحقد وتحارب أو تحسد وتكره.
ما هو مقدر لك سيأتيك ولو بعد حين، فاطمئن.