مشاهدات

المجالس أمانات

تصغير
تكبير

أعضاء مجلس الأمة والوزراء جميعهم أبناء الوطن، عليهم واجبات أهمها خدمة الوطن والمواطن للارتقاء ببلدنا الكويت وازدهاره، فلا أفضلية لأحد على الآخر، ولا يجوز الاصطفاف وممارسة الضغط والترهيب لسلب حق أي منهم خلال المشاركة في قاعة عبدالله السالم.

ومع ذلك - للأسف - نشاهد مجموعة من النواب يطلقون على أنفسهم ومن يلتحق بركبهم (نواب الأمة) والوطنية والمصداقية والأمانة، ويدّعون أنّهم على جادة الصواب، وينعتون الآخرين بأنّهم انحرفوا عن جادة الصواب، ويكيلون لهم شتى التهم ويصفونهم بأعداء الأمة، متناسين ومتجاهلين أنّهم زملاء لهم في المجلس، وأن الشعب هو الذي انتخبهم، فالجميع خرج من رحم هذه الأمة، وكذلك الوزراء، فمقياس المفاضلة الوحيد بين أبناء الوطن الواحد هو العمل، ومن يخالف اللوائح والقوانين فيجب محاسبته وليس بإطلاق التهم عليه جزافاً.

كما أنّ هناك من يقوم بتصنيف الوزراء والأعضاء المختلفين معه في الرأي بأنّهم ضد الشعب، فلماذا لغة التخوين والطعن في الآخرين، واعتبارهم أعداء، وتصنيف أنفسكم بالأبناء الصالحين؟ إنه نهج مستهجن وغريب.

فقد شارك في الانتخابات النيابية الماضية 85 مرشحاً، بحثت عن المرشح الذي كنت أنتوي إعطاء صوتي له، خلال الاقتراع، فعثرت عليه خلال ثوانٍ معدودة وأعطيته صوتي، فالعملية الانتخابية لها قواعدها واشتراطاتها، يجب أن تتّبع، وفي حالة حدوث أي تجاوز يقوم القائمون على اللجان الانتخابية بوقفها، ولكن الغريب في عملية انتخاب رئيس مجلس الامة، هو ذلك التأخير الذي حدث مع أن الورقة التي فيها قائمة المرشحين لرئاسة مجلس الامة ليس فيها إلا اسمان فقط، فلماذا حدث هذا التأخير؟

وبالتالي فقد اتضح أن هناك فيلماً سينمائياً في بيت الأمة، معد له مسبقاً بالتنظيم والسيناريو والآلية، فمنذ بداية اتخاذ قرار التصويت من النائب الفاضل حمد الهرشاني رئيس السن، بدأت فصول غريبة ومتتابعة بدءاً من ترك بعض النواب أماكنهم والتوجه إلى منصة الرئيس، والتلفظ بكلمات غير لائقة، إلا أن الهرشاني تمكن من إفشال ذلك الهرج باقتدار، وعند بداية التصويت صرح أحدهم بأن هناك كاميرات منصوبة تصور كل ما يحدث في قاعة المجلس، وهم يدلون بأصواتهم لانتخاب رئيس مجلس الأمة، وهذا يخالف سرية التصويت، مما حدا برئيس السن أن يطلب من الأمانة العامة اتخاذ قرار وضع ملصقات على واجهة بيت الأمة!

وللاسف اتضح أن سبب ذلك الطلب، هو قيام مجموعة من النواب عند الإدلاء بأصواتهم بوضع باركود خاص بهم، على ورقة التصويت، وتوثيق ذلك بالتصوير من خلال تليفوناتهم الخاصة، ثم القيام بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي!

فأي ثقافة هذه التي ترّوجون لها، وهل تصوير الأوراق الرسمية، ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي أمر مباح، أم هو للتباهي والفخر؟

وهل قيام بعض النواب بهذه التصرفات غير القانونية لاعتقادهم أنهم محّصنون برلمانياً، وأنهم فوق القانون والدستور، فكل هذا حدث أمام الجميع وبكل جرأة وعلانية، أليست هذه الأوراق وثائق رسمية وسرية خاصة بالمجلس، ولا يجوز تصويرها ونشرها؟

ومع أن كل هذه الأمور التي جرت وحدثت أمام الموجودين في قاعة المجلس وشاهدها الجميع، إلا أن الغريب في الامر أن أحداً لم يعترض على ذلك، ولم يطالب بتسجيل نقطة نظام لهذه المخالفات البرلمانية.

كل هذه التجاوزات كان يجب ألا تحدث من نواب يحترمون القانون والدستور، ومؤتمنون على التشريع وسن القوانين، والمؤسف حدث هذا في أول جلسة.

والذي يثير العجب أن هذه التجاوزات حدثت في انتخاب الرئيس، بينما لم تحدث في انتخاب نائب الرئيس، فقد كانت الأمور طبيعية وجرت بشكل عادي لا تعقيد فيها.

إن سوء الظن مذموم ومحرم شرعاً (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث )، لأنه يتحكم في الفرد ومع مرور الوقت يكبر ويتحول إلي قناعة، وتوقع الشر، والتوجس من الآخرين، وعدم الثقة بهم، مما يتسبب في تعكير العلاقات بين الأفراد.

فالأعضاء في السلطتين التنفيذية والتشريعية هم أبناء الوطن، لذا يجب غرس قواعد التعاون والعمل بينهم لما فيه مصلحة الكويت، والابتعاد عن التأزيم.

إن قاعة عبدالله السالم لها مكانة خاصة في قلوب الجميع، فلنحافظ على هذا الصرح من كل ما يُسيء إليه، ولتكونوا قدوة حسنة لابنائنا.

إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونه

وصدّق ما يعتاده من توهمِ

وعادى محبّيه بقول عداته

وأصبحَ في ليلٍ من الشك مُظلمِ

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي