No Script

الإمارات والسعودية وقطر بدأت سباقاً نحو أصحاب الثروات والشهادات العليا بمزايا خاصة

لماذا تُغازل دول الخليج الوافدين وتتخلّص الكويت منهم؟

اجتذاب الوافدين المميزين له انعكاسات إيجابية على اقتصاد البلاد
اجتذاب الوافدين المميزين له انعكاسات إيجابية على اقتصاد البلاد
تصغير
تكبير

- الكويت الأقل استفادة والمطاردة محلياً لا تميّز بين المقيمين المنتجين وغيرهم
- دبي رائدة المبادرات التحفيزية للأجانب في المنطقة
- الكويت بحاجة لمبادرات جاذبة للعمالة ذات بعد... اقتصادي

يبدو أن الصورة النمطية التي تحكم العلاقة التاريخية بين الوافدين والخليج، والتي يمكن اختصارها بأن دول المنطقة تمثل سوق عمل واعداً لجميع سكان الدول العربية، بدأت تبهت، أقله مع بعض هذه الدول، التي برز لديها أخيراً تحول إستراتيجي في نظرتها إلى الوافدين، أقله لشريحة منهم، من مجرد منافسين على أعمال المواطنين يتعين التخلص منهم، إلى مصدر دخل للدولة مرحب بهم، فما الذي تغير؟

لنبدأ القصة من البداية، معلوم أنه في الكويت برز أخيراً توجه قوي يدعو إلى تعديل التركيبة السكانية، وأمام ذلك استُحدثت بعض الإجراءات التي تخفف أحمال شريحة واسعة من المقيمين، وفي مقدمتها ذوو الـ60 عاماً، وذلك ضمن تحرك أوسع للتخلص من أكبر نسبة ممكنة من المقيمين، حيث لم تميز المطاردة بين المنتجين وغيرهم، فالجميع بات في خانة واحدة «ارحل».

تراجع الاقتصاد

وبالطبع، جاء هذا التوجه مدفوعاً بشكل رئيسي من تراجع الاقتصاد في الفترة الأخيرة والتوسع في عجز الميزانية وارتفاع مخاطر نفاد السيولة، بضغط من انخفاض أسعار النفط، وتداعيات آثار وباء فيروس كورونا، وأثناء ذلك تنامت الحاجة لزيادة نسب التوطين في القطاعين الحكومي والخاص.

ولكن المفارقة هنا أنه في الوقت نفسه، زادت دول خليجية في مقدمتها الإمارات والسعودية وقطر، من مغازلتها للوافدين، رغم أن التحديات الاقتصادية المفروضة عليها تشبه الضغوط التي تواجه الكويت، حيث رفعت سقف تسهيلات استقطابهم، بمنح بعضهم مزايا استثنائية للإقامة، وللعمل التجاري أيضاً، لكن بشروط معينة.

استقطاب الكفاءات

وبجردة سريعة للشروط التي وضعتها للوافدين المميزين، يمكن القول إن الدول الخليجية المنفتحة على المقيمين، تخطط لاستقطاب الكفاءات منهم، وأصحاب رؤوس الأموال، وهنا تكون حققت فائدة مزدوجة، فمن ناحية زادت ضخ السيولة الخارجية في دورتها الاقتصادية المحلية، وعززت بنيتها البشرية بخبرات تقدم قيمة مضافة للاقتصاد، وللدولة عموماً، فمن نافل الإشارة إلى أن الفئات المستهدفة أكثر قدرة على الاستثمار والصرف، وأقل كلفة لجهة الجريمة واستهلاك منافذ الصحة العامة، وباختصار فإن إنتاجها اقتصادياً وعملياً أكثر بكثير من استهلاكها.

ولعل من أبرز المبادرات، تلك التي أطلقتها دبي، ومن ضمنها السماح للأجنبي بتملك الشركات لديها بنسبة 100 في المئة، وقبل ذلك إطلاق مبادرة سمحت للمتقاعدين من المقيمين في الإمارات أو المقبلين على التقاعد حول العالم العيش في الإمارة، وهو البرنامج الأول من نوعه على مستوى المنطقة للأجانب الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، حيث يوفر للمقيمين في الدولة ممن بلغوا سن التقاعد، وكذلك كبار السن في جميع أنحاء العالم فرصة الاستمتاع بأسلوب حياة فريد في دبي.

وسيحصل الراغبون على تأشيرة تقاعد قابلة للتجديد كل 5 سنوات، وذلك شريطة أن يكون دخل المتقاعد الشهري 20 ألف درهم (نحو 5500 دولار) يكتسبه من الاستثمارات أو المعاشات التقاعدية، أو يمتلك بحسابه مبلغ مليون درهم (نحو 275 ألف دولار)، أو لديه عقارات في دبي بقيمة مليوني درهم (550 ألف دولار).

كما طرحت الإمارات مبادرة الإقامة الذهبية، والتي تمنحها 10 سنوات لجميع حملة شهادات الدكتوراه في تخصصات الطب والهندسة والإلكترونيات والبرمجة والكهرباء والتكنولوجيا الحيوية، إضافة إلى متفوقي الجامعات المعتمدة بالدولة بمعدل 3.8 في المئة وأكثر، إلى جانب حملة الشهادات التخصصية في الذكاء الاصطناعي أو البيانات الضخمة أو علم الأوبئة والفيروسات، علاوة على أوائل الثانوية العامة في الدولة مع أسرهم.

سياسات مستجدة

وعموماً، تُظهر السياسات المستجدة خليجياً على صعيد علاقتها بالوافدين، محاولة تقديم نهج أكثر توازناً في التعامل مع العمالة الوافدة، فليس المطلوب فقط التخلص من أكبر قدر ممكن من المقيمين، بل بحث إمكانية الاستفادة منهم، مع التركيز على شرائح معينة تستطيع تقديم قيمة مضافة لاقتصادات المنطقة.

ومن خلال هذه السياسات تتمكن دول المنطقة من إعادة توجيه مدخرات الوافدين إلى اقتصاداتها بدلاً من خروجها إلى بلدان أخرى، علاوة على تنشيط المزيد من مشاريع البنية التحتية، والمشاريع الاستثمارية والتجارية والترفيهية، لتضيف المزيد إلى قدرات بلدان المنطقة على مستوى الجاذبية السياحية.

قرض دون فائدة

ويشبّه بعض المراقبين إمكانية استفادة البلاد من بعض شرائح العمالة الأجنبية، ولاسيّما أصحاب رؤوس الأموال، بخطط البنوك غير المعلنة في الاستفادة من العملاء المميزين على المدى البعيد، عندما تقدم قروضاً استهلاكية أو جزءاً من قرض مقسط دون تحصيل فوائد عليها، ففي الظاهر يقدم البنك لعميله قرضاً دون عوائد، لكن النصف الثاني من الحقيقة غير المعلن أنه فعل ذلك لفتح علاقات أوسع معه مستقبلاً، إذ سيكون العميل مرتبطاً بشكل وثيق مع هذا البنك، في عملياته الشرائية، وقرضه الإسكاني، علاوة على استفادة البنك من أمواله التي يمكن أن يودعها لديه، وبذلك يكون البنك الرابح الأكبر من هذا الارتباط.

ويرى بعض المراقبين أن الأمر في الكويت بات أكثر إلحاحاً لتقديم مبادرات جاذبة للعمالة الأجنبية ذات البعد الإيجابي على الاقتصاد، خصوصاً مع سعيها لتحسين بيئة الأعمال، والتي حققت فيها تقدماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إلى جانب رغبتها في استقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب لضخ أموالهم في اقتصاد البلاد.

إقامة مميزة ودائمة بالسعودية وقطر وتسهيلات في عمان والبحرين

أطلقت السعودية في وقت سابق نوعين من الإقامة المميزة يتيحان للمقيم مزايا عدة، وتشمل الأولى إقامة دائمة غير محددة المدة بمقابل مالي يدفع مرة واحدة يبلغ نحو 65 ألف دينار، أما الثانية فتتمثل في الإقامة المميزة المحددة بمقابل مالي يدفع سنوياً بنحو 8000 دينار.

ويمنح نظام الإقامة المميزة مزايا تضمن أسلوب حياة يمتاز بالمرونة والرفاهية بحيث يتمتع حامل الإقامة المميزة بحقوق ومزايا بينها الإقامة في المملكة مع أسرته، إلى جانب إمكانية الحصول على تأشيرات زيارة للأقارب، واستقدام العمالة المنزلية، وامتلاك العقارات ووسائل النقل، إضافة إلى حرية الخروج من المملكة والعودة إليها ذاتياً ومزاولة الأعمال التجارية.

وفي سبيل زيادة عوامل الجذب في سوق العمل تسعى المملكة أيضاً إلى طرح مبادرة لتخفيف القيود التعاقدية للعمال الوافدين، بما يشمل حرية تغيير الوظائف، وتقدم المبادرة 3 خدمات رئيسة، تشمل التنقل الوظيفي، وتطوير آليات الخروج والعودة والخروج النهائي، إلى جانب تقديم خدمات لجميع العاملين الوافدين في منشآت القطاع الخاص ضمن ضوابط محددة.

وفي السياق ذاته، تعتزم عُمان تعديل قوانين العمالة والتي ستشمل إلغاء شرط حصول العمال الوافدين على تصريح للانتقال إلى صاحب عمل جديد، وهو ما يعرف بنظام شهادة عدم الممانعة.

وفي قطر، تُمنح الإقامة الدائمة أيضاً لمالك أي عقار لا تقل قيمته عن مليون دولار، إلى جانب منح الإقامة الدائمة فيها على أساس الإقامة الطويلة أو الزواج.

أما في البحرين، فمن المعلوم أنها منفتحة على الاستثمار الخارجي، وهذا يظهر جلياً في الشركات والصناديق الاستثمارية الأجنبية المسجلة في المملكة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي