اقتصاديون طرحوا عبر «الراي» أولويات المرحلة المقبلة
مجتمع الأعمال يحدّد بوصلته للحكومة: إعادة هيكلة اقتصادية شاملة.... بإدارة رشيدة
معالجة الميزانية العامة والجدية والاستمرار في مكافحة الفساد، وإصلاح الاقتصاد الكلي عبر تبني هيكلة اقتصادية شاملة بإدارة رشيدة، بعيداً عن المحاصصة، مع توسيع رقعة الأراضي الصناعية والخدمية، وإعادة توزيع الدعوم بما يضمن وصولها لمستحقيها، علاوة على الاستمرار في تحسين بيئة الأعمال، ودعم القطاع الخاص، بزيادة مشاركته وحضوره وحصته في مشاريع التنمية، إضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي.
ما تقدّم عبارة عن غيض من فيض مطالب وضعها مجتمع الأعمال على طاولة الحكومة الجديدة، بما يشبه الأولويات المزمنة التي يتعين تبنيها بسرعة، مؤكدين أن تنفيذها يسهّل التخلّص من الأزمات المالية والاقتصادية التي تواجه الكويت حالياً على أكثر من صعيد.
وفي تصريحات لـ«الراي»، دعا اقتصاديون الحكومة الجديدة أيضاً إلى تخفيف القيود المتشددة بسبب فيروس «كورونا»، مشيرين إلى أن الإجراءات المتنوعة المطلوبة لدعم القطاع الخاص، يجب أن تكون حسب حجم كل قطاع ونشاط كل شركة، في حين أكد بعضهم أنه لا يُشترط أن يكون الدعم نقدياً، بل يمكن أن يكون ذلك عبر الخصخصة أو منح إعفاءات عادلة تناسب طبيعة كل قطاع، على بعض الخدمات، ومنها أجرة الكهرباء والماء، وإيجارات القسائم الصناعية.
يوسف العلي: تحرير الأراضي الصناعية والخدمية
طالب وزير التجارة السابق، رئيس مجلس إدارة الشركة الكويتية للاستثمار، الدكتور يوسف العلي، الحكومة الجديدة بمنح أولوية لإعادة هيكلة اقتصاد الدولة، بما يحقق الرؤية السامية بتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري إقليمي، لافتاً إلى أهمية إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ودعم القطاعات المنتجة، بما يحقق الأهداف الاقتصادية المتنوعة.
وقال العلي إنه على الحكومة الجديدة التعاون مع مجلس الأمة وبنك الكويت المركزي والبنوك المحلية وغيرها من الجهات المعنية، من أجل دعم القطاعات المتضررة من جائحة فيروس «كورونا»، خصوصاً المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يضمن تعزيز مساهمتها في الدورة الاقتصادية مستقبلاً.
وشدد العلي على ضرورة إعطاء القطاع الخاص دوره المطلوب كشريك في بناء الاقتصاد الوطني بشكل فعلي، من خلال زيادة مشاركته في المشاريع التنموية، منوهاً إلى أهمية تحرير قطاعات اقتصادية مهمة، إضافة إلى تحرير الأراضي الصناعية والخدمية، بما يضمن نمواً نمواً يُخلص الاقتصاد الوطني من المشاكل المتنوعة التي يعاني منها في الفترة الحالية.
عبدالوهاب الوزان: إحياء مشروع الشمال
أكد النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة، عبدالوهاب الوزان، أن الكويتيين يأملون أن تكون الحكومة الجديدة قدوة في طريقة عملها وتعاطيها مع الملفات المنتظرة العديدة على المستوى الاقتصادي، لافتاً إلى أن العديد من التقارير والدراسات والأبحاث الصادرة من غرفة التجارة والصناعة والجهات الدولية والأكاديميين وضعت «اليد على الجرح»، وأبرزت النقاط التي تحتاج الكويت إلى حلها للتخلص من الشوائب التي تعاني منها على المستوى الاقتصادي.
ودعا الوزان إلى منح الأولوية لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط، في ظل تراجع أسعاره المستمر، مشيراً إلى أن الكويت باتت متأخرة عن الركب، مقارنة بالعديد من الدول المجاورة الأخرى، التي بدأت خططاً لتنويع مصادر دخلها، من أجل الحفاظ على ديمومتها المالية والنقدية.
وشدد الوزان على أهمية الاهتمام بتطوير النظام التعليمي في الدولة، بما يؤدي للارتقاء بمخرجات التعليم على كل المستويات، منوهاً إلى أن ذلك يأتي عبر زيادة المبالغ المرصودة للقطاع، فضلاً عن تطوير الموانئ والعمل فيها، في ظل المشاكل العديدة التي تواجهها حالياً، خصوصاً وأن الكويت عرفت منذ القدم بتميزها في موانئها، التي تشكل بوابتها الأساسية إلى العالم.
وأفاد بأنه يجب وضع العديد من الملفات على الطاولة من جديد، مثل مشروع الشمال والجزر الذي سيؤدي في حال السير به إلى تحقيق قفزة نوعية وكبيرة في النشاط الاقتصادي بالدولة، آملاً أن تكون الحكومة والوزراء على جهوزية للاستماع والأخذ بآراء الخبراء والعمل بنتائج الدراسات التي قُدّمت منذ بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، والتي تعتبر منطقية وتعطي بصيص أمل بإمكانية الوصول إلى مستقبل مشرق يحمي الكويت من الأزمات على مختلف أنواعها.
مسعود حيات: جدية الاستمرار بمكافحة الفساد
رأى الرئيس التنفيذي في مجموعة بنك برقان، مسعود حيات، أن أهم الأولويات على عاتق الحكومة الجديدة، تشمل الجدية والاستمرار في مكافحة الفساد، والإسراع في إعادة هيكلة الاقتصاد، والبدء في تنفيذ خطة التنمية المستدامة، وتطبيق معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة. واعتبر حيات أنه على الوزراء الجدد السعي بشكل جدي لوقف جميع القوانين التي تحدّ الحريات، والحفاظ على حق التعبير، وحل مشكلة البدون، مبيناً أن النقاط المذكورة تسهم في مساعدة الكويت على التخلص من العديد من العقبات التي تواجهها حالياً، وستنعكس إيجاباً على المجتمع الكويتي بكل أطيافه.
واشار حيات إلى أن السعي للعمل بهذه النقاط، سيؤدي إلى إيجاد حلول فعّالة للعجز المالي الكبير الذي تعاني منه الميزانية، ويضمن الديمومة المالية، وسيساعد في الحفاظ على حقوق ومكتسبات الأجيال المقبلة في الدولة، ويعزز تنافسية الكويت على مؤشرات الأعمال الإقليمية، ويساعد في رفع التصنيف الائتماني السيادي للبلاد الذي تم تخفيضه خلال الفترة الأخيرة.
علي البدر: الاستفادة من خبرة الشركات الخاصة
شدد العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار، علي رشيد البدر، على ضرورة أن تقنع الحكومة مجلس الأمة بسرعة إقرار قانون الدين العام، للحصول على سيولة تساعدها على سد الالتزامات المالية المترتبة عليها من رواتب وأجور وغيرهما، إلا أنه رأى أن هذا الأسلوب لا يمكن الاستمرار به مستقبلاً، لأنه غير صحي، إذ قد يكفي لسداد الأجور والرواتب لمدة سنة أو أقل قبل الوقوع في المشكلة نفسها مستقبلاً، وهو ما يتوجب إيجاد حل جذري ودائم لهذه المعضلة.
ولفت إلى ضرورة الاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تملكها شركات القطاع الخاص مثل بنك الكويت الوطني، وأجيليتي وشركة مشاريع الكويت القابضة «كيبكو» وغيرها التي توسعت وباتت من عمالقة الاقتصاد في المنطقة والعالم، والاستفادة من خبراتها وقدرتها على جذب الأموال إلى الكويت، والتعرف على خططها في الإدارة الناجحة، بما يسهم في التخلص من أزمات الشركات الحكومية المتتالية خلال السنوات العشرة الأخيرة، والتي كلّفت الخزينة العامة مئات الملايين من الدنانير.
ونوه البدر إلى ضرورة تغيير أسلوب العمل الحكومي بسرعة ومن دون تأخير، إذ لا يوجد حكومة في العالم تملك ما بين 80 إلى 90 في المئة من الاقتصاد المحلي، وتوظف نحو 80 في المئة من المواطنين في الجهاز الحكومي مثل الكويت، داعياً إلى تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وتقوية القطاع الخاص والسماح له بتسلم زمام الأمور في الشأن الاقتصادي، خصوصاً أن المؤشرات تظهر أن انخفاض أسعار النفط مستمر لفترة طويلة، الأمر الذي يحتّم البدء بإصلاحات عدة في الإدارة العامة بكل نقاطها.
جاسم السعدون: علاج الميزانية العامة
قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون، إن عين مجتمع الأعمال على التغيرات الجوهرية التي يمكن أن تقوم بها الحكومة الجديدة بما يسهم في إصلاح الاقتصاد الكلي في البلاد بعيداً عن المحاصصة، مشيراً إلى أن أبرز المسؤوليات التي تقع على عاتقها علاج أزمة المالية العامة وخفض العجز الكبير، ووضع خطوط عريضة تجذب المستثمرين المحليين والأجانب لضخ الأموال والاستثمار في السوق المحلي بدلاً من توجيهها للأسواق الأخرى في المنطقة وحول العالم.
ودعا السعدون الحكومة أيضاً إلى توفير فرص عمل حقيقية للكويتيين، عبر إقامة المشاريع، ومساعدة رواد الأعمال، والتوقف عن الطريقة المتبعة حالياً للتوظيف في القطاع الحكومي والتي تؤدي إلى إيجاد بطالة مقنّعة لن تطول لتتحول إلى بطالة سافرة مع كل تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مستقبلاً.
وبين السعدون أن مجتمع الأعمال «يتعشم» أن تأتي الحكومة الجديدة بروحية جديدة في العمل، مؤكداً أن أصحاب الشركات على جهوزية تامة لضخ الاستثمارات في حال تحقيق طلباتهم الأساسية، وفي حال لمسوا تغييراً جوهرياً في الإدارة العامة للبلاد، تأخذ في الاعتبار أهمية الوصول إلى حلول أكيدة ووفق جدول زمني محدد لمشاكل مختلف القطاعات الاقتصادية اليوم.
صالح السلمي: تحقيق إصلاحات جادة
أكد رئيس اتحاد شركات الاستثمار، صالح السلمي، أهمية عمل الحكومة الجديدة على تحقيق الإصلاحات الجادة التي تضمن ديمومة الموارد المالية والنقدية للدولة، وتعيد للكويت ارتقاءها على المستويات التجارية والاقتصادية والتنافسية على الصعيد الإقليمي والعالمي. وأعرب السلمي عن تمنيه أن يجد مستقبلاً وزارة متخصصة بالاقتصاد، تتولى مهمة إدارة جميع الشؤون الاقتصادية في البلاد، وحل المشاكل المتنوعة التي تعاني منها الكويت اليوم، على أن يتولاها وزير متخصص وبرتبة عالية كنائب لرئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي من شأنه تأكيد أهمية النشاط الاقتصادي واهتمام الجهات المعنية به.
واعتبر السلمي أن إنشاء هذه الوزارة يساعد على ردم حفرة عميقة يعاني منها الاقتصاد، ويسهم في ضبط المهام المطلوبة تحت سقف واحد وتحديد المسؤول عنها، بدل التشتت الحاصل حالياً في ظل توزيع الملفات الاقتصادية بين أكثر من وزارة، ما أدى إلى سوء إدارة الملف الاقتصادي منذ سنوات عدة وانعكس سلباً في الكثير من المجالات.
وأكد السلمي ضرورة منح الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، معتبراً أن تمكين شركاته سيؤدي إلى خلق العديد من فرص العمل، ويساعد على تخفيف الضغط عن بند الرواتب في الميزانية العامة.
وفاء القطامي: تنظيم وضع العمالة
اعتبرت رئيسة لجنة المال والاستثمار في غرفة التجارة والصناعة، وفاء القطامي، أنه أمام الحكومة الجديدة مهمة رئيسية تقوم على الارتقاء ببيئة الأعمال في السوق المحلي، داعية إلى اتخاذ إجراءات جادة على صعيد تسريع تخليص الأعمال في الجهات الحكومية بما يساعد على إنجاز المواطنين لمعاملاتهم والمستندات المطلوبة منهم، وتسريع الدورة المستندية على صعيد الوزارات.
وشددت القطامي على ضرورة إعطاء التركيبة السكانية أولوية من قبل الحكومة الجديدة، والعمل على تنظيم وضع العمالة الموجودة في الكويت، وتحديد أعداد الموظفين والاختصاصات التي تحتاج إليها في كل القطاعات، فضلاً عن تنشيط الوضع الاقتصادي، ومنح دور أكبر للقطاع الخاص في المشاريع التنموية الجديدة المزمع طرحها في الفترة المقبلة.