على رأسها اتساع العجز في الموازنة العامة

أولويات مُزمنة تفرض نفسها على وزير «المالية» القادم

تصغير
تكبير

يعد وزيرالمالية من أكثر الوزراء إثارة للجدل رغم قصر فترة توزيره، سواءً لجهة قراراته مع الجهات التابعة للوزارة، أو على مستوى علاقته مع قيادييها. ومع ترقب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، تتجه الأنظار إلى من سيشغل منصب وزير المالية، وإذا ما كان براك الشيتان سيستمر في منصبه أم ستُسند الحقيبة إلى غيره.

وفي كل الأحوال، فإن الوزير المقبل، سيجد في انتظاره العديد من الملفات المزمنة والمصيرية، والتي يزداد بعضها سخونة، وفي مقدمتها مخاطر نفاد السيولة والتوسع بالعجز المالي مع الحاجة الملحة لآليات إنقاذ سريعة، وما يتوقع لها من معارضة نيابية، إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل سخونة، منها تسكين الشواغر القيادية التي تشمل جميع القطاعات تقريباً، وتحديد علاقة الوزير مع القطاع الخاص والشركات الحكومية التي تواجه خسائر متراكمة، وفي مقدمتها ملف الخطوط الجوية الكويتية.

1 - نفاد السيولة:

على رأس الملفات، أمام وزير المالية القادم، التعامل مع العجز الآخذ في التوسع بالموازنة العامة، ومخاطر نفاد السيولة، لاسيما أن العجز المتوقع في السنة المالية الحالية يبلغ نحو 14 مليار دينار، وتقدّره «موديز» بـ40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن العجز المتراكم خلال 6 سنوات مالية ماضية وصل نحو 27 ملياراً، وبلغ إجمالي ما تم سحبه من الاحتياطي العام خلال السنوات من 2014 /‏ 2015 إلى 2019 /‏ 2020، نحو 42.87 مليار دينار.

هذا الوضع، يحتاج من الوزير الجديد التحرك في جهتين: توفير سيولة لتغطية النفقات مع ترشيدها على المدى القصير، وإيجاد حلول دائمة لأوضاع الموازنة على المدى طويل الأجل.

2 - «الدين العام»:

تتمثل أولى خطوات مواجهة مخاطر نفاد السيولة وتراكم العجز، المتوقعة من وزير المالية المقبل، في التحرك العاجل لإقرار قانون الدين العام، الذي حالت معارضة نيابية دون تمريره في مجلس الأمة الماضي، في حين يرى البعض أن المسألة في ظل تركيبة المجلس الجديد قد تكون أصعب.

لذلك، يبقى التحدي قائماً في إقناع الوزير، ومن خلفه الحكومة للنواب، بأنه لا مفر من إقرار القانون، وبشكل عاجل، مع إيضاح أوجه صرف ما ستقترضه الحكومة بشكل واضح وشفاف.

وفي حين أن إقرار قانون الدين العام يعتبر حلاً قصير الأجل لتوفير السيولة، فإن أمام الوزير أيضاً مسؤولية إنقاذ الاقتصاد عبر حلول متوسطة وطويلة الأجل.

3 - الاختلالات الهيكلية:

تعاني الموازنة العامة من اختلالات هيكلية، لاسيما مع الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، ما يتطلب تحركاً جدياً من قبل «المالية»، بقيادة وزيرها المقبل، لتنويع الدخل، بدلاً من الاعتماد على مورد واحد ناضب غير مستقر.

ومن اختلالات الموازنة التي تحتاج إلى معالجة تركز الإنفاق الجاري بالرواتب والدعوم، اللذين يشكلان أكثر من 70 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي، الأمر الذي يتطلب تحسين البيئة الاقتصادية وتعظيم مصادر الايرادات غير النفطية، والحد من الإنفاق الجاري للاستفادة من الموارد المالية المتاحة في المشاريع الرأسمالية، بما يحقق أهداف الدولة في سياسات الإصلاح المالي والاقتصادي، وتحقيق الاستدامة المالية.

4 - الضرائب والرسوم:

تعد الكويت الدولة الوحيدة خليجياً التي لم تطبق الضريبة الانتقائية، كما أنها هي وقطر الوحيدتان في المنطقة اللتان لم يطبقا ضريبة القيمة المضافة حتى الآن، بعد إقرار عمان تطبيقها اعتباراً من أبريل المقبل، رغم أن مجلس الوزراء وافق على مشروعي قانوني الاتفاقيتين الخليجيين في شأن الضريبتين في أغسطس 2017.

وفي حين أنه من المفترض التطبيق على اعتبار أنه التزام أقرته الكويت، فإنه من المتوقع أن يحظى ذلك بممانعة نيابية، ما يجعل الوزير المقبل أمام تحدي إقناع نواب مجلس الأمة بإقرار الضريبتين، علماً بأن اتفاقية الضريبة الانتقائية تشمل فرض ضرائب على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بنسب تصل إلى 100 في المئة، فيما تبلغ ضريبة القيمة المضافة نحو 5 في المئة على استيراد وتوريد السلع والخدمات.

ومن الملفات أيضاً، التي من المتوقع أن يضطلع بها الوزير المقبل لزيادة الإيرادات غير النفطية، وتلقى معارضة نيابية شعبية، إقرار رسوم على خدمات تقدمها الدولة للمواطنين، وإعادة تسعير أخرى.

5 - تسكين الوكلاء:

ملف إداري ساخن، ينتظر وزير المالية المقبل، يتمثل في تسكين مناصب الوكيل والوكلاء المساعدين بالوزارة.

فبعد استقالة الوكيل صالح الصرعاوي و5 وكلاء مساعدين، وقبولها من قبل الوزير الشيتان، الذي كلف الوكيل المساعد الوحيد غير المستقيل، أسيل المنيفي، للقيام بمهام وكيل الوزارة، إضافة إلى تكليف 4 مديري إدارات بأعمال الوكلاء المساعدين المستقيلين، فإن أمام الوزير المقبل، سواءً الشيتان أو غيره، خيارات لا تخلو من تحديات تتمثل في:

- في حال تعيين الوكلاء المكلفين بالأصالة، فإنه سيجد صعوبة في تسكين المناصب الإشرافية من مديري إدارات ومراقبين في الوزارة، مع وجود شواغر أصلاً في تلك المناصب.

- هل سيلجأ الوزير إلى البحث عن وكلاء مساعدين من خارج وزارة المالية، مع العلم بأن الوكلاء المساعدين في «المالية» يقومون بمهام فنية متخصصة، تشترط وجود خبرة وكفاءة إضافة إلى الشهادة العلمية، ما يصعّب الأمر أمام الوزير الجديد لإيجاد الوزراء.

- يرى البعض أنه يمكن للوزير المقبل أن يصل إلى صيغة ودية لحلحلة الأمور مع الوكلاء المستقيلين، يمكن من خلالها إعادتهم إلى مناصبهم.

6 - «الكويتية» والخصخصة:

يعتبر ملف الخطوط الجوية الكويتية من التحديات الصعبة التي تنتظر الوزير القادم، لا سيما في ظل تراكم الخسائر المتراكمة، والتغييرات المتتالية في مجالس إدارتها خلال سنوات قليلة، والتي كان آخرها تغيير الوزير الشيتان لمجلس إدارة «الكويتية» بالكامل.

ويبرز السؤال في هذا الخصوص، هل سينجح الوزير الجديد مع مجلس الإدارة في تقليص خسائر الشركة خلال الفترة المقبلة؟ وهل سيدعم بقاء «الكويتية» شركة حكومية ثقيلة، مع تحمل الدولة لأي خسائر تسجلها رغم ظروف عجز الموازنة وشح السيولة، أم سيدفع نحو خصخصتها؟ ولعل هذا السؤال يدفع لآخر يتعلق بمدى جدية الوزير القادم في الاهتمام بملف الخصخصة، لا سيما في ظل الحديث المتنامي عن رؤية الكويت 2035، وأهمية اعتبار القطاع الخاص شريكاً إستراتيجياً في تنفيذها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي