قيم ومبادئ

الإلحاد لماذا اليوم؟

تصغير
تكبير

لم يكن الملاحدة والمرجفون قبل اليوم يعلنون إلحادهم، وما يجرؤون إلا من وراء حجاب أو في زاوية بعيدة عن أعين الناس، فكان الإلحاد في العصور الماضية لا يتجاوز نفراً قليلاً يعرفهم الناس في لحن القول، وبانهماكهم في الفجور والمجون. واليوم ظهر الإلحاد، ورفع عقيرته، وتجاوز المجالس الخاصة إلى الصحف والمؤلفات ومواقع التواصل، ولعل أسباب ذلك:

بعض الحكومات صارت تضع قوانينها الدستورية في عبارات لا يرى فيها الملحد قيداً يكفّه عن إعلان إلحاده، أو الخروج على ثوابت المجتمع.

كما أنّ كثيراً من المُنتمين إلى علوم الشريعة (وخصوصاً الإسلام السياسي)، فرطوا في جانب الغَيْرة على الحق، فتراهم يوادّون مَن يصفهم الناس بالإلحاد، ويتملقونهم بالإطراء ويشهدون لهم بالإخلاص الوطني؟

وهم يعلمون أنّهم إنّما يمدحون طائفة تُفسد على الأمة شبابها ودينها وأخلاقها. بعد ثورات الربيع العربي وجدنا الدول العميقة مكّنت الملحدين من المناصب التي اتخذوها وسيلة لنفث إلحادهم، وهذا جرّأ غيرهم على إظهار انحرافهم. وبعض الملاحدة ركبوا موجات الحركات الوطنية، وتظاهروا بالغَيرة على الثروات، فانخدع بهم الناس حتى خلعوا عليهم لقب الزعامة وروّاد النهضة والتغيير! فأخذ هؤلاء الزعماء الملاحدة يعملون لنشر الإلحاد بين مَن يتصل بهم من شباب الحماس والثورة! أين مكمن الخطر؟

الملحد لا يحافظ على عِرضِ أحد، ولا على ماله ولا على حَرمِهِ، إلا أن يعجز عن الوصول إلى شيء من ذلك، ومتى ساعدته الفرصة، وظنّ أنّه في مأمن من العقوبة، وإذا تولّى عاث في الأعراض والأموال فساداً، غير متحرج من انتهاك الحرمات!

ولكم أن تتصورا أمة مُؤلّفة من الملاحدة، أو كانت الغالبية فيها للملاحدة، ما عاقبتها في هذه الحياة؟ فهذه أوروبا منبع الإلحاد تَئِنُّ اليوم من أمراض المَدنية والمادية، حيث إنّ الملاحدة أباحوا في البرلمانات الموبقات، كالزنا والشذوذ عن الفطرة والإجهاض، وأباحوا الخمور والقمار، ولا يتحرجون أن يضموا إليهم أموال غيرهم بغير حق، والملحد لا يكف نفسه عن الهوى إلا أن يخاف ألماً يأتيه من الناس أكبر من ذلك الهوى. قال تعالى: (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، أيّ الرجُلَين أهدى؟، فبمجرد النظر إلى حال هَذَيْن الرجُلَيْن نعلم الفرق بَيْنَهما، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال.

من طبائع الملحدين الحط من شأن علماء الدين المستقيمين، باعتقادهم أنّ هدم مَن يتمثّل فيهم الدين القويم هدم للدين نفسه، فإذا بلغوا أن جعلوا الناس يزدرون برجال الدين ويصرفون أسماعهم عمّا يدعونهم إليه من حق، فقد بلغوا أمنيتهم من تعطيل أوامر الدين ونجح شعارهم رفعوه (الدين أفيون الشعوب).

غاية الملحد أن يطعن في الدين، ويصد عن سبيله بقلمه أو لسانه، فتجده يحتال لِأن يذهب إلى غرضه من طريق البحث وإبداء الرأي، فيبالغ في الدعوة إلى حرية الرأي في الدين! وعدم التحجير على العقول!

الخُلاصة:

لا سعادة للأمة إلا بالوحدة، ولا وحدة للأمة إلا أن تكون سليمة العقيدة سَنِيّةَ الآخلاق والآداب، فمن الحكمة أن يراعي الإسلام هذه الوحدة التي هي وسيلة، ويأخذ في المحافظة عليها بالتي هي أحزم، فكان من أحكامه منع الناس من أن يركبوا أهواءهم، ويعلنوا إلحادهم تحت رايته!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي