ربيع الكلمات

عبدالعزيز الشايع... سيرة ومسيرة

تصغير
تكبير

هذا حال الحياة، يرحل الكبار لكن تبقى أعمالهم شاهدة على سيرهم ومسيراتهم، إنّها رحلة عطاء خالدة، لانستطيع أن نتحدّث عنها في كلمات قليلة، ولأنّه يستحق الكثير خصوصاً وهو أحد المؤسسين لمعظم المؤسسات الاقتصادية والإنسانية.

رحل العم عبدالعزيز الشايع عن الدنيا، وبرحيله فقدت الكويت أحد رجالها المخلصين، بسيرة حافلة بالإنجازات والنجاحات وتأسيس العديد من المؤسسات العملاقة داخل وخارج الكويت.

وساهم المرحوم في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي وترأس اللجنة الشعبية لجمع التبرعات، والتي برزت لنجدة الفقراء والمحتاجين في العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة، خصوصاً في الدول الأفريقية التي، أصابتها الحروب والمجاعات، حيث تم إنشاء اللجنة عام 1945 بمبادرة أهل الخير من مجموعة من تجار الكويت الأفاضل، وشغل عضوية المجلس البلدي 1960 - 1963 ثم أصبح وزيراً للكهرباء والماء عام 1964، وشارك في تأسيس العديد من المؤسسات والشركات مثل شركة الناقلات عام 1957، وفندق الشيراتون.

وشاهدت أحد اللقاءات له وهو يتحدث عن سيرته الطويلة والشاقة، في رحلة طلب الرزق والسفر إلى الهند مع عمه علي الشايع، وكيف جمع بين الدراسة والعمل في المكتب، وهو نموذج من الرجال الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم، وفي ظل ظروف كانت في غاية الصعوبة.

ويقول :»ذهبت إلى بومباي لأول مرة في حياتي وأنا لم أتجاوز الثالثة عشرة من عمري، وما إن بلغت التاسعة عشرة حتى تحمّلت مسؤولية العمل الشاق في تلك البلاد الغريبة، بعيداً عن أهلي وأصدقائي وبلدي، وكان الأخ صالح علي الشايع قد تعمد أن يترك لي المجال مفتوحاً للعمل لأنه اطمأن إلى قدراتي ولثقته بي، ولذلك كنت حريصاً جداً على أن أكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقي في ذلك العمر الصغير، وأن أكون أهلاً للثقة التي أولاني إياها الأخ صالح، فحاولت دائماً القيام بأعمال مفيدة جداً قدر استطاعتي، وساهمت في تطوير عملنا التجاري بواسطة ما حباني الله إياه من حب للعمل وصبر على الشدائد، وتحمّل للمكاره واستخدام للعقل والابتعاد عن التهور من دون التخلي عن روح المغامرة المحسوبة بدقة، وهي روح العمل التجاري».

واصل العم عبدالعزيز الشايع رحلاته التجارية بين الكويت والهند ، لكن دور بومباي التجاري تراجع كثيراً بعد استقلال الهند عن بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والذي نتج عنه انقسام الهند إلى بلدين هما الهند وباكستان، وتأثر العمل التجاري في الهند، ومن الشروط أن يكون لكل صاحب شركة أجنبية في بالهند شريك هندي بنسبة 50 في المئة من رأسمال الشركة، وللعلم ما زال محل أسرة الشايع موجوداً إلى اليوم والذي تجاوز عمره 100 عام.

ويقول في كتابه «أصداء الذاكرة»: جاءني ابني محمد خلال شهر رمضان عام 2005 ليخبرني بضرورة الاستحواذ على قسم من الأسهم لشركة المباني لمشروع الأفنيوز في الكويت، والذي سيفتح أبوابه عام 2007 وشرح لي عن أهميته الاستراتيجية لقطاع التجزئة الذي شهد توسعات كبيرة.

وأضاف: «عند سؤالي له عن كيفية تدبير المبلغ المطلوب لشراء الحصة اللازمة للاستحواذ، تركني لدقائق وأجرى اتصالاته، وأتى ليخبرني بأن المبلغ تم تدبيره، وعليه الإسراع لإتمام الصفقة مع شركة الصناعات الوطنية التي تملك 51 في المئة من المشروع - وعلى أساس شراء نسبة تكون كافية للاستحواذ، وفعلا تمت العملية بنجاح وطلبنا من محمد أن يكون رئيس مجلس الإدارة لهذه الشركة، لما له من خبرة متميزة في إنشاء وإدارة المحلات التجارية، وقد باشر في تطوير المشروع».

رحم الله العم عبدالعزيز الشايع، فهو أحد رجالات الكويت المخلصين الذين عاشوا فترتين قبل النفط وما بعده، فإنّ أعماله ستبقى شاهدة على أثره .

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي