أول بلد غربي يطلق حملة تلقيح جماعي بـ «فايزر - بيونتيك»... في يوم شُبّه بـ «يوم النصر»
بريطانيا تُحصّن كبارها... والجدة مارغريت لن تبقى وحيدة
- «نقطة تحول حاسمة» في المعركة لدحر «كوفيد
- 19»
- وكالة العقاقير الأميركية تعتبر اللقاح «آمناً»
أصبحت الجدة مارغريت كينان، أول شخص في العالم يجري تطعيمه بلقاح «فايزر - بيونتيك» المضاد لوباء «كوفيد - 19»، خارج التجارب، في بريطانيا، أول دولة غربية تبدأ التطعيم الجماعي لسكانها، في يوم شُبّه بـ «يوم النصر»، ووصف بأنه «نقطة تحول حاسمة» في المعركة لدحر فيروس كورونا المستجد، في إطار مسعى عالمي يشكل أحد أكبر التحديات اللوجستية عبر التاريخ في وقت السلم.
وتلقت كينان، اللقاح في مستشفاها المحلي في كوفنتري (وسط إنكلترا) صباح امس، في الساعة 0631 بتوقيت غرينيتش، قبل أسبوع من بلوغها 91 عاماً، وبعد نحو أسبوع من إعطاء السلطات البريطانية الضوء الأخضر لتوزيعه، ليصبح البلد مقياساً للعالم فيما يسعى لتوزيع مُركّب يجب تخزينه في درجة 70 مئوية تحت الصفر (-94 درجة فهرنهايت).
وأظهرت مشاهد بثتها قنوات التلفزة، كينات تتلقى الحقنة أثناء جلوسها على كرسي وتبادلها أطراف الحديث مع الممرضة ماي بارسونز. وقالت «أشعر بتميز كبير لكوني أول شخص يحصل على تطعيم ضد كوفيد - 19».
وأضافت «هذه أفضل هدية عيد ميلاد مبكرة يمكن أن أتمنى الحصول عليها لأنها تعني أنه يمكنني أخيرا أن أتطلع إلى قضاء بعض الوقت مع عائلتي وأصدقائي في العام الجديد بعد أن كنت بمفردي معظم العام (الحالي)».
وكانت كينان، التي يناديها أصدقاؤها بماغي، تعمل مساعدة في محل لبيع المجوهرات وتقاعدت منذ أربع سنوات فقط. ولها ابنة وابن وأربعة أحفاد.
وبريطانيا، البلد الذي يسجل أكبر عدد وفيات بالفيروس في أوروبا (61.5 ألف)، هي أول دولة ترخص لاستخدام لقاح تحالف «فايزر - بيونتيك» الألماني - الأميركي، في خطوة سريعة، انتقدها بعض الخبراء.
وأكدت الشركتان، سابقاً، أن اللقاح كان فعّالاً بنسبة 95 في المئة في الوقاية من المرض في تجارب المرحلة النهائية.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي «سنتغلب على هذا الأمر معاً». وحض على مواصلة اتّباع الإرشادات التي تهدف إلى تحجيم انتشار الفيروس.
وفي إنكلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، الأولوية في التلقيح هي للمقيمين في دور الرعاية والعاملين فيها.
لكن التحديات اللوجستية المتمثلة بلزوم تخزين اللقاح عند ما دون سبعين درجة مئوية تحت الصفر، تزيد من تعقيد المهمة. ويلي ذلك تلقيح العاملين في المجال الصحي ومن تفوق أعمارهم 80 عاماً.
وتأمل السلطات تلقيح الفئات التسع التي لها الأولوية بحلول الربيع، وهي تتضمن من تفوق أعمارهم 50 عاماً، والعاملين في المجال الصحي، والأشخاص المعرضين للخطر.
ويمثّل هؤلاء نسبة 99 في المئة من وفيات الفيروس.
وشبّه مدير هيئة الخدمات الصحية الوطنية ستيفن بويس حملة التلقيح، وهي الأكبر بتاريخ نظام الرعاية الصحية، بأنها «ماراثون» في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 66 مليون نسمة.
ولن تتلقى غالبية السكان اللقاح قبل عام 2021.
واعتبر وزير الصحة مات هانكوك، أن «الأسبوع المقبل سيكون لحظة تاريخية»، مشبهاً اليوم الأول من بدء التلقيح بـ «يوم الانتصار» في الحرب العالمية الثانية.
وأضاف بينما كان يغالب دموعه على الهواء مباشرة «كانت سنة صعبة على الكثير من الناس».
وبالإضافة إلى التحديات التقنية، شرعت السلطات بإقناع البريطانيين بأهمية تلقي اللقاح، خشيةً من تأثير بعض المشككين بذلك على الرأي العام.
وبحسب استطلاع لمركز «يوغوف» نشر الاثنين، فإن ما نسبته 28 في المئة من البريطانيين «واثقون جداً» بأمان اللقاح، و40 في المئة «واثقون بعض الشيء»، و23 في المئة «غير واثقين كثيراً» أو «على الإطلاق». بالإجمال، بدأ 40 مركز تلقيح أنشئ في المستشفيات، بتلقي 800 ألف جرعة أولية للقاح آتية من بلجيكا.
وبحسب وزارة الصحة، سيجري إنشاء ألف مركز تلقيح إضافي.
وطلبت المملكة المتحدة 40 مليون جرعة من اللقاح، ما يسمح بإكساب مناعة لـ 20 مليون شخص، كون أن كل فرد بحاجة لتلقي جرعتين بفرق ثلاثة أسابيع.
ومن كل اللقاحات التي يجري العمل عليها، طلبت الحكومة البريطانية 357 مليون جرعة من سبعة مصنعين.
وهي تعتمد بشكل رئيسي على لقاح «أسترازينيكا» وجامعة أوكسفورد، الذي لم ينل الترخيص بعد، لأن نقله أسهل، وسبق أن طلبت منه 100 مليون جرعة لتوسيع حملة التلقيح.
وفي واشنطن، رأى الخبراء في الوكالة الأميركية للأغذية والعقاقير (أف دي إيه) في تقرير نشر أمس، أن لقاح «فايزر - بيونتيك» لا يشكل أي خطر على السلامة يحول دون حصوله على ترخيص قد يصدر قبل نهاية الأسبوع الحالي.
وأشارت الوكالة إلى أن اللقاح آمن بغض النظر عن العمر والجنس والعرق أو وجود أمراض سابقة له.
وذكرت كل من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا أنها ستبدأ اعتبارا من يناير المقبل تطعيم الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وبدأت كل من روسيا والصين بالفعل في إعطاء لقاحات مرشحة محلية الصنع لسكانها، رغم أنهما أقدمتا على ذلك قبل الانتهاء من تجارب السلامة والفعالية النهائية.
وأكدت من ناحية ثانية، أن إجراءات الصحة العامة، وليس اللقاحات، هي التي يمكنها منع زيادة جديدة في إصابات «كوفيد - 19».
وقالت المسؤولة مارغريت هاريس رداً على سؤال، عما إذا كانت اللقاحات قد تأتي في وقت مناسب لمنع موجة ثالثة من التفشي في أوروبا، «اللقاحات أداة عظيمة، ستكون مفيدة جداً لكن أثر اللقاح في توفير نوع من الوقاية المناعية مازال بعيد المنال».
وتابعت: «ما يتعين عمله لتجنب الزيادة... هو إجراءات الصحة العامة».
من جهتها، ذكرت كيت أوبراين، مديرة إدارة التطعيم واللقاحات والمستحضرات البيولوجية، الاثنين: «قد تكون هناك بعض الدول أو بعض الحالات في دول تتطلب فيها الظروف المهنية ذلك، أو توصي بشدة بالتطعيم». وتابعت أن المستشفيات قد تكون أحد الأمثلة.
سيزيد التطعيم الجماعي من الأمل في احتمال وصول العالم إلى منعطف في مكافحة وباء «كوفيد - 19» الذي دمر اقتصادات وتسبب بوفاة أكثر من 1.553 مليون شخص في العالم وأصاب أكثر من 68 مليوناً، منذ ظهوره نهاية ديسمبر 2019 في مدينة ووهان الصينية، رغم أن التخزين في درجات حرارة شديدة البرودة والخدمات اللوجستية الصعبة، ستحد من استخدامه في الوقت الحالي.
ورغم أن بريطانيا تتمتع ببنية تحتية جيدة، فإن التحديات اللوجستية في توزيع اللقاح، والذي لا يمكن حفظه في ثلاجة عادية سوى خمسة أيام فحسب، تعني أنه سيذهب أولاً إلى عشرات المستشفيات ولا يمكن نقله إلى دور الرعاية بعد.
ويمكن أن تُجرى تجارب أكبر على لقاح «فايزر- بيونتيك» وكذلك لقاح شركة «موديرنا»، والذي خلصت النتائج إلى أنه حقّق نجاحاً مماثلاً في التجارب ويستند إلى نفس تقنية «إم.آر.إن.إيه» الوراثية التي تتطلب مثل هذا التخزين شديد البرودة.
وقد يكون النقل والتوزيع أكثر صعوبة في البلدان الأكبر، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند الأكثر تضرراً من الوباء، وفي الدول الأكثر دفئاً. ويُنظر إلى اللقاح الثالث الذي نجحت تجربته، والذي طورته شركة «أسترازينيكا» وجامعة أكسفورد، على أنه أحد أفضل الآمال للعديد من البلدان النامية لأنه أرخص ويمكن نقله في درجات حرارة الثلاجة العادية. وخلصت نتائج تجارب المرحلة الأخيرة إلى أن معدل نجاح اللقاح 70 في المئة.
وتؤثر هذه الخطوة، التي تسري إلى أجل غير مسمى، على عشرات الخدمات اليومية، بما في ذلك قطارات المسافات الطويلة بين ميلانو وفرانكفورت، بالإضافة إلى القطارات الإقليمية التي تربط البلدين، حيث يسافر العديد من العمال يومياً عبر الحدود من شمال إيطاليا إلى سويسرا.
وقلّصت سويسرا وجاراتها إيطاليا وألمانيا وفرنسا خدمة القطارات في نوفمبر الماضي، لكن حالات الإصابة المتزايدة بفيروس كورونا المستجد خلال الموجة الثانية التي دفعت الحكومة الإيطالية لاتخاذ إجراءات جديدة، تعني أن خدمة القطارات ستتوقف مثلما كان الحال خلال الموجة الأولى من الوباء.
وقالت ناطقة باسم هيئة السكك الحديد الاتحادية السويسرية لـ«رويترز»، أمس، إن إيطاليا لم تمنع صراحة السفر بالقطار إلى الخارج، لكن متطلباتها، بما في ذلك قياس درجة حرارة الركاب، تتجاوز قدرة العاملين في القطارات، مما أدى إلى قرار إغلاق الخدمات السويسرية - الإيطالية.
وأضافت أن هيئة السكك الحديد السويسرية ستُنهي رحلاتها عند حدود البلاد مع إيطاليا.