نجاحاتها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي لم تنعكس في صناديق الاقتراع فكان السقوط المدوّي

المرأة الكويتية... لا ثقة سياسية

حضور نسائي طاغٍ في الانتخابات وغياب تام في النتائج
تصغير
تكبير

يحمل واقع المرأة في الكويت وجهين متناقضين، لا يعكس أحدهما الآخر، ولم يستطيعا طوال السنوات العشر الأخيرة على أقل تقدير أن يمتزجا أو أن يؤثر أحدهما «الإيجابي» في الآخر «السلبي»، فبدت المرأة إزاء هذا الوضع وكأنها أمام انفصام في الصورة.

فعلى الرغم من نجاح المرأة في المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حيث قادت دفة العديد من الشركات إلى تحقيق النجاحات والإنجازات، وأثبتت حضوراً طاغياً في القضايا الاجتماعية والخدمية، إلا أنها منيت بفشل وهزائم متتالية في المجال السياسي، ولم تستطع إثبات «علو كعبها» في هذا الميدان، أسوة بالميدانين السابقين، وحتى النموذج الوحيد الذي كان في مجلس الأمة المنقضي، صفاء الهاشم، منيت بخسارة كبيرة ولم تستطع المنافسة على الاحتفاظ بمقعدها، فحلت في مركز متأخر وبعدد قليل من الأصوات.

غياب المرأة السياسي شكّل علامة فارقة، دفعت إلى دراسة الأسباب التي أدت إلى تفضيل الناخبين للمرشحين الرجال على «نصف المجتمع» في انتخابات يوم السبت الماضي.

وما بين نظام الصوت الواحد، والتصويت حسب العائلات والأسر، وعدم القدرة على الوصول إلى الناخبين بحرية، تعددت آراء بعض القياديات في الشركات والقطاع الخاص، اللواتي دعون في تصريحات لـ «الراي»، إلى منح ثقة أكبر للنساء والنظر إلى النجاحات العديدة اللواتي يحققنها في العديد من المجالات، بما يساعد على تحقيق مصالح الكويت العليا، وإبراز دورها في دعم العمل السياسي للمرأة وإن كان حديث العهد نسبياً.

ولم تفلح خطة نسوية لدعم المرشحات من تحقيق نتائجها، حيث سبق لـ«الراي» أن سلطت الضوء على «مبادرة سجل مضاوي» الإعلامية التي قادتها مجموعة من الناشطات برئاسة أسرار حيات لدعم المرشحات، لكن هذه المبادرة لم تحقق النتائج المرجوة، لأسباب رأى عدد من المسؤولات عنها أنها لا تختلف عما ذكرته الاقتصاديات، سواء من حيث النظام الانتخابي الذي يحصر الاختيارات باسم واحد تفرضه الانتماءات القبلية أو الفئوية، أو عدم إيمان المجتمع بالمرأة ككيان سياسي يمكن أن يراهن عليه وينجح.

ورأت مسؤولات مبادرة سجل مضاوي أن النتائج أوجدت حالة من الحسرة والخذلان لدى جموع كبيرة من النساء، واعتبرن ذلك تراجعاً فكرياً وحضارياً كبيراً، واستمراراً للنظرة الدونية للمرأة، وقصوراً مباشراً في دعم جهود وتمكين المرأة الكويتية، على مستوى التعليم والمجتمع والتيارات السياسية والمدنية وجمعيات النفع العام.

5 أسباب للفشل

أرجعت الرئيسة التنفيذية في شركة «ديليفيرو» سهام الحسيني، فشل المرأة في الوصول إلى مجلس الأمة بدورته الحالية، إلى 5 نقاط رئيسية:

1- عدد المرشحات الضئيل نسبياً.

2- الفشل في الوصول إلى الناخبين أو الحضور إلى الدواوين.

3- الانتماء إلى التيار الليبرالي غير المنظّم.

4- نظام الصوت الواحد.

5- طريقة الاقتراع بالتصويت لمرشحين ينتمون إلى الأسرة أو العائلة.

وفاء القطامي:

المرشحات لم يقدمن رؤيتهن وبرنامجهن بشكل يقنع الناخبين

قالت رئيسة لجنة المال والاستثمار في غرفة التجارة والصناعة وفاء القطامي، إنّ غياب المرأة عن مجلس الأمة الجديد، يعود إلى عدم قدرة المرشحات على تقديم رؤيتهن وبرنامجهن الانتخابي بشكل يقنع الناخبين في الكويت، لافتة إلى أن السبب الرئيسي يعود إلى طبيعة الشعب الكويتي، وطريقة التصويت المعتمدة لديه.

ورأت القطامي أنه يتعين على الناخبين منح فرصة أكبر للمرأة الكويتية، والثقة بقدرتها على أداء التشريع والرقابة بصرامة، وبأنها تضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، لافتة إلى أنه يتعين أيضاً على المرشحات في الفترة المقبلة اعتماد أساليب أخرى تتيح لهن الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الأصوات.

أسرار حيات: كيف ستنجح المرأة والتصويت يتم على أساس قبلي ومذهبي؟

أوضحت مسؤولة «مبادرة سجل مضاوي» أسرار حيات التي قادت الحملة الإعلامية لدعم جميع المرشحات للانتخابات البرلمانية، أن «التصويت في الكويت يتم بقانون انتخاب يسمح بصوت واحد، مع مجتمع يصوّت على أساس قبلي ومذهبي وعائلي أو انتماء لتيارات سياسية، وحتى المعتدل من هذه التيارات لا يتبنى المرأة كمرشحة له ولا يدعم خطابها السياسي أو برنامجها الانتخابي، فمن أين ستأتي المرشحة أو المرأة بأصوات الفوز والقواعد الانتخابية متركزة في ما ذكرناه؟».

وأشارت حيات إلى أن «جميع القواعد وتكوينها يتم عبر مجالس إدارات جمعيات وأندية وغرفة التجارة، ولم تتمكن المرأة من الدخول لها، اذاً من أين ستحصل على الأصوات؟

أما فكرة أن المرأة خذلت المرأة فهي فكرة غير حقيقية، أو هي جملة لرمي اللوم على المرأة نفسها وإبراء ذمة المسؤولين من عدم وصولها للانتخابات»، مؤكدة أن المسألة يشترك فيها الرجال والنساء على حد سواء وهم مخرجات هذا المجتمع الذي يصوت على الأسس التي ذكرت.

سهام الحسيني: العادات لا تمكنهنّ من بناء شبكة علاقات وشخصية سياسية

رأت الرئيسة التنفيذية في شركة «ديليفيرو» سهام الحسيني، أن التقاليد والعادات في المجتمع تقلّص فرصة وصول المرأة إلى الناخبين وإبراز رسالتها ورؤيتها الانتخابية، على عكس الرجال الذين يتنقلون بسهولة بين الدواوين وينظّمون تجمعات وندوات، في حين تعتمد النساء بشكل رئيسي على بث الرسائل والفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يحول دون تمكينهن من بناء شبكة علاقات واسعة النطاق وشخصية سياسية بين أفراد المجتمع.

وتابعت أن التيار الليبرالي الذي ينتمي إليه معظم المرشحات في الانتخابات الأخيرة يعاني من عدم التنظيم في الكويت، الأمر الذي أضعف فرصهن في الوصول إلى قاعة عبدالله السالم، معتبرة أن الصوت الواحد أيضاً شكّل عاملاً سلبياً ضد المرأة.

رشا الغنيم: غير قادرة على تقديم بديل للرجل يقنع الناخب ويختاره

أكدت الرئيسة التنفيذية السابقة في إحدى الشركات، وسيدة الأعمال رشا الغنيم، أن عدم وصول المرأة إلى مجلس الأمة الجديد يشكل ظلماً لنصف المجتمع في الكويت، التي كانت تستحق عبر العديد من المرشحات المشاركات في العرس الانتخابي النجاح.

ولفتت الغنيم إلى أن السبب في عدم نجاح أي امرأة في الانتخابات الحالية، يعود إلى قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر فيه، لافتة إلى أن النساء تعاني من عدم القدرة على إقناع ناخبي بعض المناطق بأحقيتها في الدخول إلى مجلس الأمة نظراً للعادات والتقاليد السائدة لديها.

وأفادت أن السبب الآخر يعود إلى عدم قدرة المرشحات باستثناء واحدة أو اثنتين منهن من تشكيل بديل مقنع ليختاره الناخب الكويتي، لافتة إلى أنه لو اعتمد التصويت على أساس وطني بدلاً من الاختيار على أسس عقائدية وطائفية وجماعات لكانت النساء ستحصلن على 5 إلى 10 مقاعد من مجلس الأمة الجديد.

مها البغلي: من أسباب الفشل أن أغلبهن مستقلات لا ينتمين لتيار سياسي

اعتبرت رئيسة شبكة سيدات الأعمال والمهنيات في الكويت عضو المجلس البلدي مها البغلي، أن عدم وصول أي امرأة إلى مجلس الأمة يرجع إلى أن الناخبين في الكويت خصوصاً من النساء لا يملكون الوعي الكافي لاختيار المرشح الأبرز والأفضل والأكثر قدرة على تمثيلهم في المجلس.

وذكرت البغلي أن السبب الأبرز في فشل المرشحات بالنجاح في الانتخابات، هو كون أغلبهن من المستقلات، اللواتي لا ينتمين إلى أي تيار سياسي، الذي يشكّل المعيار الأساسي للتصويت في الانتخابات البرلمانية في الدولة، لافتة إلى أن هذا الامر يحصل رغم أن عدداً كبيراً من بين المرشحات الـ 33 يملكن خبرة كبيرة وشهادات عليا وحققن إنجازات عدة في الحياة العملية والمهنية.

شيخة الجاسم: المرشحات تعرضن لحملات تشويه قذرة لإبعاد الناخبين عنهن

قالت مرشحة الدائرة الثالثة الدكتورة شيخة الجاسم إن «هناك تعمداً في هذه الانتخابات بحرمان المرأة الكويتية من التمتع بحقها السياسي، وتثبيت فكرة في عقل الناخبين أن المرأة لا تصلح أن تكون نائبة في مجلس الأمة، وأن تقوم بواجبها في التشريع، مستغلين سوء أداء النائبة الوحيدة في مجلس الأمة السابق». وأوضحت الجاسم أن «المرشحات تعرضن إلى تشويه سمعة لإبعاد الناخب الكويتي عن التصويت لهن، وذلك ضمن حملات قذرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومدفوعة الثمن لتشويه هذه الصورة الجميلة، مستغلين عنصرية المجتمع الذكوري اتجاه المرأة، لتمرير هذه الحملات الخبيثة وكره البعض لممارسات المرأة الكويتية لحقها السياسي، بالرغم من تجربتها وخبرتها العملية والعملية».

وذكرت أن «الحكومة كانت سلبية في دعم المرأة».

إيمان دشتي: «الصوت الواحد» هو السبب

قالت إيمان دشتي من «مبادرة سجل مضاوي» إن «قانون الصوت الواحد هو السبب فالغالبية العظمى في الكويت يصوتون على حسب التيارات والطائفية والقبيلة، وهم يرون أن لا مصحلة من التصويت للمرأة ولا يساعدونها في التمكين والإعداد المسبق للمرأة، كما أن القانون ليس فيه حصص نسبية المساواة ولا مبدأ تكافو الفرص إلى جانب غياب الدعم، وأتمنى أن تنال المرأة حقها في الاستحقاقات المقبلة».

بلسم الأيوب: لا تمكين للمرأة سياسياً من دون دعم الدولة

بيّنت نجمة المبارزة بلسم الأيوب أن «المجتمع والرأي العام يصران على تعزيز فكرة أن المرأة في المجتمع هي وحدها تتحمل خسارة المرأة في السباق الانتخابي، وأن المرأة لا تثق بالمرأة ولا تحبذ انتخاب المرأة نظراً للتجارب البرلمانية السابقة للمرأة الكويتية، والتي يرى البعض أنها تجارب لا ترقى إلى المستوى المنشود. ومن وجهة نظري أرى من غير المنصف أبدا أن نحمل المجتمع النسائي وحده نتائج خسارة المرشحات، فالمجتمع هو امرأة ورجل، والرجل المرشح اليوم يفوز بأصوات الطرفين المرأة والرجل.

وأتحدث هنا من مبدأ المساواة بين الجنسين، ولا نستطيع أن نمكن المرأة سياسياً من دون دعم الدولة والمجتمع، فعلى الدولة بمؤسساستها أن تسعى لمحاربة الفكر المتطرف ضد المرأة، وهنا أركز على الصورة الاجتماعية تحديداً، مثل الرياضة. فالرياضة والسياسة لا تختلفان كثيراً».

عذراء الرفاعي: لا نجاح بلا دعم طائفة أو قبيلة أو حزب

رأت مرشحة الدائرة الأولى عذراء الرفاعي أن «من أسباب حرمان المرأة من الوصول إلى مقاعد مجلس الأمة، كان قصر المدة التي لم تمكّن المرشحات من تهيئة أنفسهن وقواعدهن الانتخابية لخوض الانتخابات، بالإضافة إلى أن جائحة كورونا كانت سبباً في ضعف التواصل مع الناخبين والناخبات لإيصال أفكارهن وتوجهاتهن السياسية، وحرمت الذكور المؤيدين لحقوق المرأة من التواجد في مراكز الاقتراع للتصويت لها».

وأوضحت الرفاعي أن «المرشح المستقل لا يستطيع الوصول الى مجلس الأمة ما لم يكن مدعوماً من طائفة أو قبيلة أو حزب، والكثير من المستقلين حُرموا من الوصول لعدم وجود هذا الدعم، وبالتالي أنا ومجموعة من زميلاتي والمؤيدين لنا من الذكور في صدد إنشاء تكتّل لدعم المرأة للوصول إلى مجلس الأمة القادم».

أنوار القحطاني: مجتمعنا ذكوري يختصر دور المرأة في التصويت للرجل

أكدت مرشحة الدائرة الخامسة أنوار القحطاني أن «المرأة أسقطت المرأة وحرمتها من دخول قاعة عبدالله السالم، مما غيّب صوتها وحرمها ممَنْ سيدافع عن حقوقها ومكتسباتها، وسط مجتمع ذكوري لا يرى من المرأة إلّا صوتها وقت الانتخابات».

وأشارت القحطاني إلى أن «المجتمع الكويتي، بالرغم من امتلاكه الشهادات الدراسية العليا والانفتاح على العالم ومسيرة ديموقراطية مرّ عليها قرن من الزمن، مازال مجتمعاً ذكورياً وطائفياً وعنصرياً، ولا يرغب السواد الأعظم منه أن يكون للمرأة مقعد في مجلس الامة، مختصراً دورها في منح صوتها للرجل وقت التصويت وترد البيت تطبخ وتقابل عيالها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي