وزير الخارجية لـ «الراي»: لدي أمل بأن الشعب الأميركي سيحدث التغيير
هل يمكن التغلّب على فنزويلا؟... دروس وعِبر
في «المدرسة الفنية - التجارية لمانويل بلاسيو فاخردو دي كراكاس فنزويلا»، في منطقة الـ 23 ينيرو، حضر وزير الخارجية خورخي آرياسا، بينما كان عدد من السكان ينتظرون دورهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، الأحد، بعد فحصهم المبدئي وتطهير أيديهم، وفق الإجراءات الصحية في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
في جانب من المدخل، وقف عدد من الحراس، يراقبون، ومن دون تدخل. وحضرت أيضاً إبنة القائد الراحل هوغو شافيز، ماريا غراسيا، إلى المدرسة نفسها، التي كان والدها يصوت بها دائماً.
ليس مستغرباً أن يُشاهد ناخبون من أعمار مختلفة، حتى أولئك العجزة الذين يحتاجون إلى مساعدة للوصول إلى مركز الاقتراع. لكن لوحظ أن عدد الناخبين ليس كبيراً، وهذا له تفسيرات عدة: أولاً، بسبب وباء «كوفيد - 19» وتدابير الوقاية المُشددة.
ثانياً، تشهد دول أميركا اللاتينية حضوراً قليلاً في الانتخابات النيابية (في كوستاريكا سجلت نسبة 24 في المئة فقط في أجواء طبيعية)، بعكس الحضور الكثيف في الانتخابات الرئاسية.
وثالثاً، بسبب مقاطعة اكبر أحزاب المعارضة، للانتخابات البرلمانية.
لكن التناغم بين العامة وبعض المسؤولين في فنزويلا، فريد من نوعه، مما يدل على لحمة بين الطرفين رغم العقوبات القاسية الأميركية التي يتعرض لها الشعب والتي تهدف إلى الفصل بينه وبين المسؤولين.
من جهته، وبعدما أدلى بصوته، توجه الوزير ارياسا إلى القهوة المقابلة... ابتسم للجميع، وسلم باليد. وبدا من الواضح أنها ليست زيارته الأولى للمكان، وليست زيارة انتخابية بهدف إعلامي، لأن جميع الإعلاميين كان غادروا مركز الاقتراع.
«نحن نرى خورخي ومسؤولين آخرين بشكل متقطع ومستمر»، قال دييغو أحد الجالسين في المقهى الذي وقف ليأخذ صورة «سلفي» مع الوزير.
«إذا علم الناس أن هناك سرقة من قبل موظفين حكوميين أو تقصيراً معيناً أو شكوى، يأتي هؤلاء إلينا ليبلغونا ونحن نتفاعل معهم ومع حياتهم ومشاكلهم لأنهم هم من انتخبنا وعلينا التصرف بسرعة.
هذه هي مدرسة القائد هوغو شافيز»، بحسب ما صرح ارياسا لـ «الراي».
إنها أحد أسرار فنزويلا التي تضم سياسيين مثل زعيم المعارضة خوان غوايدو، الذي طلب تدخلاً أجنبياً أميركياً عسكرياً.
وتضم هذه البلاد أيضاً، فريق الرئيس نيكولاس مادورو الذي يشعر بأنه جزء من الشعب، الذي يتكفل هو بحمايته.
ومهما كان لدى المعارضة من شكوى أو تذمر أو اتهام للرئيس وفريقه بالتقصير أو أي اتهام آخر، فإنها خيانة أن يطلب سياسي تدخل قوات خارجية.
لكن يبدو أن الحنين للاستعمار لا يزال يدور في فكر البعض ويدغدغ مشاعرهم.
لم يتعلم هؤلاء من التاريخ المعاصر الذي أوصل شافيز إلى السلطة، وهو الذي ولد فقيراً في جنوب غربي فنزويلا، وتطوع في الجيش... وأودع السجن عام 1992 بعد فشل محاولة انقلابية، ليخرج منه عام 1998 ويدخل الانتخابات الرئاسية ويفوز فيها بـ56 في المئة من الأصوات.
وفي 2002 خرج مليون متظاهر في الشارع المعارض ضده، ليدفع الجيش بسجنه. إلا أن تعيين بيدرو كارمونا مكانه لم ينفع، فأعاد الشعب والجيش الموالي له شافيز إلى سدة الرئاسة.
وفي 2004 دعمه الشعب باستفتاء عام. وفي 2006 أعطاه 63 في المئة. وفي 2012 ربح الرئاسة بنسبة 54 في المئة.... في فنزويلا تبقى الكلمة الأخيرة دائماً للشعب وليس للمسؤولين.
لهذا السبب لا تستطيع الولايت المتحدة أن تهزم الشعب الفنزويلي بالطرق السلمية والقانونية، لذا لجأت إلى سلاح العقوبات لقلب الشعب ضد النظام الحاكم. وهذا ما يحدث في لبنان وسورية وإيران، لكن من دون أن تبصر الخطة الأميركية، النور.
ويتغنى الفنزويليون، بتعبير «حتى النصر دائماً»، وهي عبارة قالها تشي غيفارا ورددها شافيز مراراً.
وهذا النصر قد تجلى اليوم بانتصار خط شافيز - مادورو، انتخابياً.
ومن الطبيعي ألا تعترف أميركا (و50 دولة حليفة) بالنتائج، لأنها اختارت غوايدو رئيساً بالقوة، هو الذي فقد منصب رئيس للجمعية الوطنية وأصبح «دمية» بيد أميركا ولم يعد لديه أي صفة رسمية.
سيكون مثيراً مشاهدة تغيير في سياسة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن نحو أميركا اللاتينية.
في السياق، ترك وزير الخارجية الفنزويلي الباب مفتوحاً للإدارة الجديدة، بقوله: «ليس من الممكن إجراء محادثات راقية مع أميركا ما دام (الرئيس المنتهية ولايته دونالد) ترامب في السلطة».
لدى المسؤولين في فنزويلا أمل في سياسة بايدن، رغم أنه ضعيف جداً لأن الإدارات الأميركية المتعاقبة تشابه بعضها في تصرفاتها.
«لدي أمل في شعب أميركا بأنه سيحدث التغيير»، قالها ارياسا لـ «الراي»... إنها تمنيات أساسها ضعيف على ما يبدو في المنظور القريب.