بالأضواء والألوان تبلسم جراحها
فرح الأعياد في بيروت.. من حلاوة الروح
قد لا تكون الأعياد أولويةً عند المسؤولين في لبنان، لكنها عند الناس محطة فرح يريدون التوقف عندها لالتقاط أنفساهم والتعالي فوق ما مرّ بهم من آلام.
بيروت الجريحة التي ما زالت تقبع تحت ركام الانفجار الهيروشيمي الذي ضرب مرفأها في 4 اغسطس، تحاول جاهدة أن تزرع العيدَ في شوارعها وأن تعيد رهجتَه الى قلوب الناس الذين تضرّروا أو فقدوا أحبة وأن تعيد الحركة الى الأسواق ومَعارض الأعياد، والرواد الى المطاعم والمرافق الترفيهية.
الأمر ليس سهلاً بل هو تحدّ كبير في ظل جائحة "كورونا" والظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان، لكن المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والثقافية تقوم بجهود كبيرة لجعل بيروت تنسى كآبتها وتفرح بالأعياد وتطلّ على 2012 بقطرة أمل ولو مغمّسةً بالألم.
كالرمل ينساب الفرح من بين أصابع اللبنانيين. عبثاً يحاولون التشبث به، يغلقون أيديهم على ما تبقى منه لكنه لا ينفك يتساقط ويتهاوى تارِكاً أيادٍ فارغة وقلوباً أشدّ فراغاً. يحلمون بيومٍ يستعيدون فيه فرَحاً كان، ورغد عيشٍ عرفوه طويلاً، لكن وُحول يومياتهم تخنق كل أمل لديهم.
وحده العيد يكسر قتامةَ الأيام ويمدّ لهم خشبةَ خلاصٍ يتعلقون بها علّها توصلهم إلى فسحة فرح وواحة أمل في ظلمةِ ما يعيشونه. ولو أن أعياد آخِر السنة تأتي هذا العام ثقيلةً على لبنان، إلا أن إيمان أهله وصمودهم وحبهم للحياة يرفع عنهم الأثقال ويمدّهم بنخوة للسير نحو الأمام وتحدّي كل الظروف للاحتفال بالأعياد وزرْع البهجة في الشوارع والنفوس.
المجتمع المدني ينتشل بيروت من حزنها
وسط الأنقاض في شارع مار مخايل المدمّر وتجاه مبنى شركة كهرباء لبنان المشلّع، ارتفعتْ أصوات الأولاد في ترانيم ميلادية، وتحدّت شجرةٌ شامخةٌ هولَ الخراب ونشرتْ أضواءها وزينتها في المكان ذاته الذي انتشرت فيه أشلاء ضحايا وأكوام ركام.
المجتمع المدني والجمعيات حاضرة لبثّ بهجة الأعياد وسط النفوس الحزينة، والمبادرات كثيرة. "وبتبقى بيروت العيد ..." تحت هذا الشعار تحتفل لجنة إغاثة بيروت "Ground-0" التي تترأسها الوزيرة السابقة مي شدياق بالأعياد مع أهالي العاصمة، لا سيما المناطق المتضررة من إنفجار المرفأ حيث تحاول قدر المستطاع مساعدتهم على تخطي أضراره المادية والجسدية والنفسية.
تعمل اللجنة على تزيين أكثر من 8 شوارع في المناطق المتضررة بالأضواء والأشجار والزينة المختلفة لتبقى شوارع بيروت نابضة بالحياة. وحتى يكون للصغار حصتهم، تتجوّل شخصيات العيد لتقدّم عروضاً فنية ومسرحية تُفْرِح قلوبَ الصغار مع الحرص على اتخاذ كل وسائل الحماية الضرورية في هذه الظروف الصحية الصعبة.
وحتى تصدح العاصمة بفرح العيد يعود مهرجان "بيروت ترنم" بنسخته الثالثة عشر ليعبّر عن ضرورة التمسك بروح بيروت المتّقدة دائماً حتى لو سئم الناس مشقة العودة بعد كل انكســار. هذا المهرجان الذي يَجْمَع مرنّمين وموسيقيين وفرقاً من كل أنحاء العالم ليرنموا في أبرز المعابد والمعالم التراثية للعاصمة، أصرّ مُطْلِقوه على أن يكون حاضراً هذا العام رغم كل ظروف بيروت وتَهدُّم الكثير من معابدها. لكن الموسيقى تبقى بلسماً للروح، فكيف إذا جمعت بين جمال النغمات وروعة المباني التراثية الجميلة لمدينة عريقة.
وكان افتتاح المهرجان في الأول من ديسمبر بحفلٍ للموسيقي اللبناني العالمي عبد الرحمن الباشا على البيانو في شارع مونو الذي أصابتْه شظايا الانفجار بقوة. وسيمتدّ المهرجان على ست حفلات يشارك في إحداها عازف الساكسوفون اللبناني العالمي ابراهيم معلوف. علماً ان هذه الحفلات مجانية حتى تكون الموسيقى بمتناول الجميع من دون استثناء لتستعيد بيروت روحها وترنّم عن أرواح الضحايا.
بيروت مدينة للحياة
وتتوالى النشاطات التي تهدف الى إعادة ضخ الحياة في شرايين بيروت ولو من "حلاوة الروح" ليتغلّب الأمل على اليأس . صحيح أن البذخ الذي عرفه اللبنانيون في السابق تبدّد وأن صخب الحياة الليلية في المدينة قد خَفَتَ، لكن الجميع مصرّون على التمسك بما تبقى من فرح.
ولا شك أن أهل بيروت محزونون ولم ينسوا جراحهم بعدأ ولا تزال الصدمة تسكن جدران نفوسهم وبيوتهم لكن الحياة لا بد أن تستمر.
مبادرة "بيروت مدينة الحياة" تهدف إلى إحياء أحياء الجميزة ومار مخايل التي اعتادت ان تكون ملأى بالحياة ودُمّرت في انفجار 4 أغسطس. المبادرة، التي تم تنظيمها بالتنسيق مع نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية، تتوخى شهراً مليئاً بالأنشطة والفعاليات لإعادة الحياة إلى قلب بيروت النابض وإدخال الفرح الى قلوب الناس لجعلهم يشعرون ببهجة الأعياد. وقبل كل شيء تأتي المبادرة كتحية تقدير لأولئك الذين رفضوا موت بيروت ووقفوا بقوة وبطولة لإخراجها من كبوتها.
وستشمل فعاليات "بيروت سيتي أوف لايف" أنشطةً ترفيهيةً وورش عمل وأسواقاً وحفلات موسيقية حية ومعارض للفنون والحرف اليدوية وغيرها. ولأن المدينة لا تحلو دون مطاعمها ومقاهيها التي ساهمت في صنع مجدها وشهرتها، ستفتح مطاعم الجميزة الشهيرة أبوابَها لترحّب بروادها الذين اعتادوا الجلوس فيها للتمتع بأجواء بيروت.
وتطلّبتْ مبادرة فتح المطاعم جهداً وتنسيقاً بين نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي وعدد من الجمعيات والمؤسسات المختصة بالصناعة الفندقية لترميم وتأهيل عدد من مطاعم الجميزة ومار مخايل وتقديم العون المادي للعاملين فيها لتتمكن من فتح أبوابها قبل الأعياد وتقديم طعْم الفرح لروادها.
ولا تنتهي المبادرات الهادفة الى محو آثار الجراح عن بيروت، وإن كان الناس يرفضون فكرة النسيان. من هنا جاءت فكرة جمعية "بيت البركة" لصنع مغارة ميلادية من أحجار وأخشاب البيوت المدمّرة نتيجة انفجار 4 اغسطس، لتكون ذكرى منه ودعوة الى الرجاء والأمل في الوقت نفسه.
وتتضاعف حملات المساعدة في فترة الأعياد ليكون الجميع قادرين على الاحتفال بالعيد ولو بلفتات بسيطة قد لا تسمن أو تُغْني عن جوع لكنها ترسم بسمةً على الوجوه وتترك مكاناً للحلم بغدٍ أفضل.
الكل يساعد ويساند على طريقته. فالتضامن مطلوبٌ اليوم أكثر من أي وقت، والأسواقُ الميلاديةُ كما المَعارض التي كانت سابقاً تَفْرض على مُشْتِركيها بدلاً مرتفعاً لقاء عرْض منتجاتهم في أجنحتها، ها هي اليوم في بيروت تقدّم للعارضين المساحات مجاناً تشجيعاً منها على إعادة الحركة إلى الأسواق. فسوق قرية الأماني أو village of wishesالذي تنظّمه جمعية Lebanon Of Tomorrow يستعدّ لاستقبال العارضين في الأشرفية في ساحة ساسين الرمزية، ويعدّ لهم قريةً ملأى بالزينة والأكواخ التي توحي بالعيد ليعرضوا منتجاتهم اليدوية والحرفية وليساهم معهم بدعم الصناعات والحِرَف المحلية. وقد زارت الفنانة إليسا القرية أثناء إجراء التحضيرات لتثني كعادتها على نشاطات المجتمع المدني وتشجّعه على الاستمرار في بذل الجهود لبلسمة جراح بيروت.
... بالألوان والأضواء والزينة تخطّط بيروت لاستقبال العيد ومثلها تفعل مدن لبنان التي اعتادت أن تكون نجوم الأعياد وإن بتقشف أكبر مراعاةً للظروف الاقتصادية الصعبة.
جبيل التي نافست كبريات مدن العالم في الأعوام السابقة بزينتها وحلّت بين المراتب الأولى في العام 2014 كأجمل شجرة عيد ستغيب عنها الشجرة العملاقة هذه السنة، لكن روحية الأعياد لن تغيب. فقد أصرت بلديتها على نشر الزينة المميزة في شوارعها وإضاءة مئة شجرة طبيعية على مداخلها لتُنير القلوب تحت شعار "خلي نور جبيل يضوي الأمل في قلوبنا".
وقد تكون الزينة المستعملة قديمة وتعود للأعوام السابقة لكنها ستتجدد وترتدي حُلّةً مختلفة تُبْقي المدينة تحت الأضواء وتجعلها مقصدا للزوار من كل لبنان.
وكما جبيل، تُعاند مختلف المدن اللبنانية قسوةَ الظروف وتصرّ على نشْر أجواء العيد في شوارعها، ولو بكلفةٍ أقل وزينة من "حواضر البيت". فالناس بحاجة إلى جرعةٍ من الفرح كما العودة الى حياة شبه طبيعية. زحلة، جونية، الجديدة وغيرها الكثير من القرى والمناطق قررت إعادة تأهيل زينة الأعوام السابقة لأن الميزانيات لا تسمح، وثمة الكثير من الأمور الأكثر إلحاحاً. حتى أن بعض المواطنين وجدوا أن التبرع للناس المحتاجين خير من أنفاق الأموال على زينة الشوارع، فالفقراء لا تهمّهم الأضواء إذا كانت بيوتهم خاليةً من لقمة العيش وبرَكة الأعياد.
ولكن رغم الضيق والعوز وتَراكُم الأزمات وتصنيف شعبه بين الأكثر كآبة في العالم، يبقى لبنان مُنْتِجاً للفرح ولو من حلاوة الروح ... وتبقى الأعياد محطة أمل للبنانيين.
بيروت الجريحة التي ما زالت تقبع تحت ركام الانفجار الهيروشيمي الذي ضرب مرفأها في 4 اغسطس، تحاول جاهدة أن تزرع العيدَ في شوارعها وأن تعيد رهجتَه الى قلوب الناس الذين تضرّروا أو فقدوا أحبة وأن تعيد الحركة الى الأسواق ومَعارض الأعياد، والرواد الى المطاعم والمرافق الترفيهية.
الأمر ليس سهلاً بل هو تحدّ كبير في ظل جائحة "كورونا" والظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان، لكن المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والثقافية تقوم بجهود كبيرة لجعل بيروت تنسى كآبتها وتفرح بالأعياد وتطلّ على 2012 بقطرة أمل ولو مغمّسةً بالألم.
كالرمل ينساب الفرح من بين أصابع اللبنانيين. عبثاً يحاولون التشبث به، يغلقون أيديهم على ما تبقى منه لكنه لا ينفك يتساقط ويتهاوى تارِكاً أيادٍ فارغة وقلوباً أشدّ فراغاً. يحلمون بيومٍ يستعيدون فيه فرَحاً كان، ورغد عيشٍ عرفوه طويلاً، لكن وُحول يومياتهم تخنق كل أمل لديهم.
وحده العيد يكسر قتامةَ الأيام ويمدّ لهم خشبةَ خلاصٍ يتعلقون بها علّها توصلهم إلى فسحة فرح وواحة أمل في ظلمةِ ما يعيشونه. ولو أن أعياد آخِر السنة تأتي هذا العام ثقيلةً على لبنان، إلا أن إيمان أهله وصمودهم وحبهم للحياة يرفع عنهم الأثقال ويمدّهم بنخوة للسير نحو الأمام وتحدّي كل الظروف للاحتفال بالأعياد وزرْع البهجة في الشوارع والنفوس.
المجتمع المدني ينتشل بيروت من حزنها
وسط الأنقاض في شارع مار مخايل المدمّر وتجاه مبنى شركة كهرباء لبنان المشلّع، ارتفعتْ أصوات الأولاد في ترانيم ميلادية، وتحدّت شجرةٌ شامخةٌ هولَ الخراب ونشرتْ أضواءها وزينتها في المكان ذاته الذي انتشرت فيه أشلاء ضحايا وأكوام ركام.
المجتمع المدني والجمعيات حاضرة لبثّ بهجة الأعياد وسط النفوس الحزينة، والمبادرات كثيرة. "وبتبقى بيروت العيد ..." تحت هذا الشعار تحتفل لجنة إغاثة بيروت "Ground-0" التي تترأسها الوزيرة السابقة مي شدياق بالأعياد مع أهالي العاصمة، لا سيما المناطق المتضررة من إنفجار المرفأ حيث تحاول قدر المستطاع مساعدتهم على تخطي أضراره المادية والجسدية والنفسية.
تعمل اللجنة على تزيين أكثر من 8 شوارع في المناطق المتضررة بالأضواء والأشجار والزينة المختلفة لتبقى شوارع بيروت نابضة بالحياة. وحتى يكون للصغار حصتهم، تتجوّل شخصيات العيد لتقدّم عروضاً فنية ومسرحية تُفْرِح قلوبَ الصغار مع الحرص على اتخاذ كل وسائل الحماية الضرورية في هذه الظروف الصحية الصعبة.
وحتى تصدح العاصمة بفرح العيد يعود مهرجان "بيروت ترنم" بنسخته الثالثة عشر ليعبّر عن ضرورة التمسك بروح بيروت المتّقدة دائماً حتى لو سئم الناس مشقة العودة بعد كل انكســار. هذا المهرجان الذي يَجْمَع مرنّمين وموسيقيين وفرقاً من كل أنحاء العالم ليرنموا في أبرز المعابد والمعالم التراثية للعاصمة، أصرّ مُطْلِقوه على أن يكون حاضراً هذا العام رغم كل ظروف بيروت وتَهدُّم الكثير من معابدها. لكن الموسيقى تبقى بلسماً للروح، فكيف إذا جمعت بين جمال النغمات وروعة المباني التراثية الجميلة لمدينة عريقة.
وكان افتتاح المهرجان في الأول من ديسمبر بحفلٍ للموسيقي اللبناني العالمي عبد الرحمن الباشا على البيانو في شارع مونو الذي أصابتْه شظايا الانفجار بقوة. وسيمتدّ المهرجان على ست حفلات يشارك في إحداها عازف الساكسوفون اللبناني العالمي ابراهيم معلوف. علماً ان هذه الحفلات مجانية حتى تكون الموسيقى بمتناول الجميع من دون استثناء لتستعيد بيروت روحها وترنّم عن أرواح الضحايا.
بيروت مدينة للحياة
وتتوالى النشاطات التي تهدف الى إعادة ضخ الحياة في شرايين بيروت ولو من "حلاوة الروح" ليتغلّب الأمل على اليأس . صحيح أن البذخ الذي عرفه اللبنانيون في السابق تبدّد وأن صخب الحياة الليلية في المدينة قد خَفَتَ، لكن الجميع مصرّون على التمسك بما تبقى من فرح.
ولا شك أن أهل بيروت محزونون ولم ينسوا جراحهم بعدأ ولا تزال الصدمة تسكن جدران نفوسهم وبيوتهم لكن الحياة لا بد أن تستمر.
مبادرة "بيروت مدينة الحياة" تهدف إلى إحياء أحياء الجميزة ومار مخايل التي اعتادت ان تكون ملأى بالحياة ودُمّرت في انفجار 4 أغسطس. المبادرة، التي تم تنظيمها بالتنسيق مع نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية، تتوخى شهراً مليئاً بالأنشطة والفعاليات لإعادة الحياة إلى قلب بيروت النابض وإدخال الفرح الى قلوب الناس لجعلهم يشعرون ببهجة الأعياد. وقبل كل شيء تأتي المبادرة كتحية تقدير لأولئك الذين رفضوا موت بيروت ووقفوا بقوة وبطولة لإخراجها من كبوتها.
وستشمل فعاليات "بيروت سيتي أوف لايف" أنشطةً ترفيهيةً وورش عمل وأسواقاً وحفلات موسيقية حية ومعارض للفنون والحرف اليدوية وغيرها. ولأن المدينة لا تحلو دون مطاعمها ومقاهيها التي ساهمت في صنع مجدها وشهرتها، ستفتح مطاعم الجميزة الشهيرة أبوابَها لترحّب بروادها الذين اعتادوا الجلوس فيها للتمتع بأجواء بيروت.
وتطلّبتْ مبادرة فتح المطاعم جهداً وتنسيقاً بين نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي وعدد من الجمعيات والمؤسسات المختصة بالصناعة الفندقية لترميم وتأهيل عدد من مطاعم الجميزة ومار مخايل وتقديم العون المادي للعاملين فيها لتتمكن من فتح أبوابها قبل الأعياد وتقديم طعْم الفرح لروادها.
ولا تنتهي المبادرات الهادفة الى محو آثار الجراح عن بيروت، وإن كان الناس يرفضون فكرة النسيان. من هنا جاءت فكرة جمعية "بيت البركة" لصنع مغارة ميلادية من أحجار وأخشاب البيوت المدمّرة نتيجة انفجار 4 اغسطس، لتكون ذكرى منه ودعوة الى الرجاء والأمل في الوقت نفسه.
وتتضاعف حملات المساعدة في فترة الأعياد ليكون الجميع قادرين على الاحتفال بالعيد ولو بلفتات بسيطة قد لا تسمن أو تُغْني عن جوع لكنها ترسم بسمةً على الوجوه وتترك مكاناً للحلم بغدٍ أفضل.
الكل يساعد ويساند على طريقته. فالتضامن مطلوبٌ اليوم أكثر من أي وقت، والأسواقُ الميلاديةُ كما المَعارض التي كانت سابقاً تَفْرض على مُشْتِركيها بدلاً مرتفعاً لقاء عرْض منتجاتهم في أجنحتها، ها هي اليوم في بيروت تقدّم للعارضين المساحات مجاناً تشجيعاً منها على إعادة الحركة إلى الأسواق. فسوق قرية الأماني أو village of wishesالذي تنظّمه جمعية Lebanon Of Tomorrow يستعدّ لاستقبال العارضين في الأشرفية في ساحة ساسين الرمزية، ويعدّ لهم قريةً ملأى بالزينة والأكواخ التي توحي بالعيد ليعرضوا منتجاتهم اليدوية والحرفية وليساهم معهم بدعم الصناعات والحِرَف المحلية. وقد زارت الفنانة إليسا القرية أثناء إجراء التحضيرات لتثني كعادتها على نشاطات المجتمع المدني وتشجّعه على الاستمرار في بذل الجهود لبلسمة جراح بيروت.
... بالألوان والأضواء والزينة تخطّط بيروت لاستقبال العيد ومثلها تفعل مدن لبنان التي اعتادت أن تكون نجوم الأعياد وإن بتقشف أكبر مراعاةً للظروف الاقتصادية الصعبة.
جبيل التي نافست كبريات مدن العالم في الأعوام السابقة بزينتها وحلّت بين المراتب الأولى في العام 2014 كأجمل شجرة عيد ستغيب عنها الشجرة العملاقة هذه السنة، لكن روحية الأعياد لن تغيب. فقد أصرت بلديتها على نشر الزينة المميزة في شوارعها وإضاءة مئة شجرة طبيعية على مداخلها لتُنير القلوب تحت شعار "خلي نور جبيل يضوي الأمل في قلوبنا".
وقد تكون الزينة المستعملة قديمة وتعود للأعوام السابقة لكنها ستتجدد وترتدي حُلّةً مختلفة تُبْقي المدينة تحت الأضواء وتجعلها مقصدا للزوار من كل لبنان.
وكما جبيل، تُعاند مختلف المدن اللبنانية قسوةَ الظروف وتصرّ على نشْر أجواء العيد في شوارعها، ولو بكلفةٍ أقل وزينة من "حواضر البيت". فالناس بحاجة إلى جرعةٍ من الفرح كما العودة الى حياة شبه طبيعية. زحلة، جونية، الجديدة وغيرها الكثير من القرى والمناطق قررت إعادة تأهيل زينة الأعوام السابقة لأن الميزانيات لا تسمح، وثمة الكثير من الأمور الأكثر إلحاحاً. حتى أن بعض المواطنين وجدوا أن التبرع للناس المحتاجين خير من أنفاق الأموال على زينة الشوارع، فالفقراء لا تهمّهم الأضواء إذا كانت بيوتهم خاليةً من لقمة العيش وبرَكة الأعياد.
ولكن رغم الضيق والعوز وتَراكُم الأزمات وتصنيف شعبه بين الأكثر كآبة في العالم، يبقى لبنان مُنْتِجاً للفرح ولو من حلاوة الروح ... وتبقى الأعياد محطة أمل للبنانيين.