النيّة الصّالحة شرط لقبول الأعمال عند الله تعالى، وهذا يشمل العمل بمعنى العبادة أو العمل الدنيوي والعمل الخالي من هذا الشرط وباله عظيم وإن كَثُر، وها نحن الآن نقترب من الاقتراع وقريباً تضع عنّا الانتخابات أوزارها، وينجح فيها مَن ينجح، والجميع يعدّ العدّة للعمل والإنجاز.
وأعضاء المجلس يُمثّلون مُكونات المجتمع وهم سواسية أمام القانون، إلا أن مقاصدهم ونياتهم شَتّى، فمنهم مَن دخل المجلس وله رغبة في الانتقام والثأر ممن خالفه الرأي، أو نازعه الأصوات!
ومنهم مَن دخل وقد أخذته الأَنَفة والغيرة، دفاعاً عن قومه وطائفته! ويسعى لخدمتهم، وتحقيقاً لمصالحهم فقط!
ومنهم مَن أخذ على عاتقه الوفاء بقَسَمه والقيام بواجب أداء الأمانة، ولم تأخذه في الله لومة لائم، لكنّه سيبقى وحيداً فريداً لأنّه حُرٌّ إلا من عبوديته لله، وهكذا تنوّعت المعارضة والمجلس واحدٌ!
وإذا حللنا كاريزما التيارات السياسية، وجدناها لا تخلو من إحدى ثلاث إلا ما ندر: فهناك المعارضة للحميّة، والتي هي من أفعال القلوب التي لا يعلمها إلّا علّام الغيوب، وإذا عارض من أجل ذلك فإن هذا يُعتبر قادحاً في عمله النيابي وتضييعاً لوقت المجلس والحكومه معاً، والمُراد بالحميّة المذمومة هنا هي الحميّة المخالفة.
وهناك المعارضة من أجل الشجاعة، أي أنه عارض الحكومة أو النواب أو غيرهم لأنه شجاع وطبيعته هكذا، ولكنّه أراد إظهار شجاعته للإعلام، والشجاعة لا بد لها من ميدان تظهر فيه، فنجد الشجاع يحب مَواطن النزاع، ولا يعمل إلا إذا تلبّدت السماء بالغيوم حتى يصول ويجول فيها!، وهناك المعارضة من أجل الـ (show).
أي أنّه عارض ليراه الناس في وسائل التواصل، ويعطوه (لايك) وكي يعلموا أنّه شجاع من خلال استعراضه في منصة الاستجوابات!
وهكذا نجد النيّات لا حدّ لها كي تقف عندها، فإذا صَرفها الإنسان لغير الله ولم يخلص، شرّقت فيه وغرّبت، وجعلته يركب الصعب والذلول؟
وبذلك يخسر الوطن وتتعطل التنمية، ويتقدم في المناصب من ليس أهلاً، ويُستبعد القوي الأمين، في حين أننا نملك الميزان الذي رَسَمه لنا الدستور في مادته (91)، فالقَسَم الدستوري ذَكَرَ الإخلاص واحترام القانون، وحماية مصالح الشعب وأمواله بالأمانة والصدق!
ولكن للأسف لا نجد البِرَّ بهذا القسَم الا قليلاً، وكأنما المجلس غنيمة ومائدة طعام والرجل تطلعه يمناه وكُلُّن يغترف منها بالأسلوب الذي يراه، وعشّى عياله! فزاد الطين بلّة كما يقال.
وأهم ما يجب أن نتعظ به ممّا جرى في الماضي، أن تُعدّل اللهجة التي يتفوّه بها اليوم كثير من النواب والإعلاميين والنشطاء السياسيين لجهة الإخلاص والإحسان في العمل، ورغم كثرة شعارات المعارضة وبياناتهم وتجمعاتهم، إلا أننا لم نستفد منها شيئاً، بل زادتنا تفككاً وتشرذماً!
كما يحب أن تتعدّل اللهجة (المعارِضة) خصوصاً ونحن مسلمون وفي بلد مسلم فنعارض بالدرجة الأولى كل مَن استهدف إسلامنا وإسلام بلادنا، ونحب وطننا الكويت بفضل الله، لأنه وطن إسلامي، ولا فرق بين وطنك الذي هو مسقط رأسك، أو الوطن البعيد من بلاد المسلمين، كلها وطن الإسلام، يجب أن نحميه من الأعداء.
والحقيقة التي أُود بيانها هي أنّ النية الصالحة التي نحتاجها اليوم، هي أن ننهض لبناء بلدنا مستعينين بالله ثم بتكاتفنا، وأن نقف في وجه كل ظالم ومعتد، وأمامنا الكثير الكثير لمكافحة الفساد، ولا وقت لدينا كي نضيعه في استعراضات مايكروفونية!
الخُلاصة:
لو كتّفنَا أيدينا أمام المفسدين والسارقين، الذين لا يراعون الله في الأموال العامة، لكانت لهم السلطة واليد العُليا في البلاد.
ولأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، ولكن كيف يكون الحل وعندنا نوعان من المعارضة، معارضة مخلصة لله محسنة في عملها وهي قليلة، ومعارضة تطبل بطنها من أجل مصالحها!
فهل نعي هذا؟