No Script

صدى

التعليم الفني... بين الصورة النمطية والحالة الضرورية

تصغير
تكبير

إن تقدم أي مجتمع وتطوره يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستوى المنظومة التعليمية والتدريبية، ومدى قدرتها على استيعاب المتغيرات المتسارعة على مستوى سوق العمل، ولعل من أبرز الصعوبات التي تواجه النظم التعليمية في الوقت الراهن هي اعتمادها على مسار تعليمي واحد، يرتكز على الجانب الأكاديمي النظري على حساب الجانب التدريبي الفني.

وفي مقابل ارتفاع عدد حاملي الشهادات الجامعية خلال السنوات الأخيرة، واكتفاء سوق العمل بهم، انخفض عدد الفنيين، الذين تزايد الطلب عليهم أكثر من أي وقت مضى.

وألقى هذا الاختلال بانعكاساته السلبية على سوق العمل الذي بات في حاجة إلى هؤلاء الفنيين، لتدور عجلته بشكل طبيعي.

ويتضح مستوى الطالب وتتحدد اتجاهاته التعليمية بعد عشر سنوات من التعليم الأساسي، وفي عمر 15 - 16 سنة يكون الوقت مناسباً لتحديد المسار التعليمي الملائم لمستواه، والتوجه نحو التعليم الأكاديمي أو التعليم الفني، والاختيار بين برامج تدريبية متنوعة، تؤهله لأداء أعمال فنية مختلفة كقطاع الطاقة المتجددة والبناء والزراعة وغيرها.

ويلتحق الطالب بهذا النظام التعليمي غير التقليدي، بعد موافقته على عقد دراسة بينه وبين المؤسسة التعليمية والشركات المتخصصة في مجاله والعاملة في السوق، حيث يجمع فيه بين الحصص النظرية في المؤسسة، والبرامج العملية بشكل أكبر في جهة العمل، تحت إشراف مُدربين مؤهلين، لمدة ثلاثة أعوام، وبعدها يحصل على الشهادة الثانوية تعادل شهادة الثانوية العلمية أو الأدبية، تمكنه من العمل مباشرة في مجاله نفسه، وبذلك يكون قد اكتسب خبرة أثناء فترة التعليم، وهذا يخدم سوق العمل، ويقلل من النفقات على تدريب العمالة، وإذا ما أراد الاستمرار في التعليم الفني، فبإمكانه الالتحاق بالجامعات التخصصية ومواصلة تحصيله العلمي.

ولو نظرنا إلى التجارب التي خاضتها دول العالم، لوجدنا التجربة الألمانية رائدة في مجال التعليم الفني، الذي أصبح ركيزة أساسية من ركائز اقتصادها وتصدير منتجاتها، وعنواناً من عناوين نجاحها.

لذا يجب التخطيط للمستقبل وتأمين قوة عمل مؤهلة وضمان وجود فنيين يسدون حاجة سوق الشغل، وإقرار قانون يحمي المهن الفنية من دخول غير المتخصصين للحفاظ على ارتفاع مستوى تلك المهن والخدمات.

إن التعليم الفني لا يلقى في العديد من الدول العربية أهمية، بل ويحمل انطباعاً سيئاً ويرتبط بالصورة النمطية، بأن الطالب الذي يسلكه إمّا أن يكون فاشلاً دراسياً وإمّا سيحظى مستقبلاً بمكانة اجتماعية أقل ممن يسلك التعليم الجامعي، لذلك تحرص غالبية الأسر على إلحاق أبنائهم بالجامعات وتشعر بالحرج إذا سلكت طريقاً غيره.

لذا يجب تغيير الثقافة السائدة لدى مجتمعاتنا التي تصنف المهن بين راقية وغير راقية، وذلك لن يتحقق إلا بتضافر جهود الجميع، من حكومة ومجتمع مدني وأولياء الأمور، ومن خلال رؤية شاملة توازن بين مخرجات التعليم الأكاديمي والفني من جهة، وبين متطلبات سوق العمل من جهة أخرى.

تويتر/ suhailagh1

انستغرام/ suhaila.g.h

kwt.events

suhaila.g.h@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي