إضافة إلى إستراتيجية «البترول 2040»
«الشال»: الكويت لا تملك جمع 3 أرباع تريليون دولار لتمويل رؤيتها
- فقدان 16 في المئة من حجم إنتاج النفط على مدى سنتين
- 81 مليون دينار سنوياً فقط معدل تدفق الاستثمار المباشر في 5 سنوات
- التصنيفات الأدنى للكويت وليدة سلسلة خطايا سنوات خلت يرجح استمرار هبوطها
- بيع أصول من الاحتياطي العام لـ«الأجيال» مخالفة جسيمة وصعوبة دفع الرواتب أزمة سيولة لا ملاءة
أفاد مركز الشال للاستشارات الاقتصادية أنه وفقاً لبيان وزير المالية براك الشيتان الصادر في أغسطس من العام الحالي، يُقدّر أن الكويت فقدت نحو 23 في المئة من حجم إنتاجها النفطي ما بين مايو ويوليو 2020، مع خفض نسبة الفاقد إلى 18 في المئة للفترة من يوليو حتى ديسمبر المقبل، وقد يُمدّد، ثم إلى 14 في المئة للفترة من يناير أو من أبريل 2021 وحتى نهاية أبريل 2022.
وأوضح «الشال» في تقريره الأسبوعي أن مؤسسة البترول، ورغم الخفض المذكور، قدّرت أن يبلغ معدل سعر البرميل لمزيج برنت للسنة المالية الحالية نحو 34.22 دولار، ما دفع «المالية» لتخفيض تقدير سعر برميل النفط الكويتي في الموازنة الحالية إلى 30 دولاراً، ما يعني أن ضغوط إيرادات النفط تأتي من اتجاهين، فقدان نحو 15-16 في المئة من حجم الإنتاج النفطي على مدى سنتين ماليتين، وفقد 45 في المئة تقريباً من السعر المقدر لبرميل النفط الكويتي في الموازنة الحالية، وإن كان «الشال» يعتقد بأن معدل السنة المالية الحالية سيستقر حول الـ40 دولاراً للبرميل وليس 30.
قناعة الإدارة ولفت التقرير إلى أن بيان وزير المالية ليس بيان الوزارة، وإنما بيان لكامل مجلس الوزراء، ما يعني أنه يمثل قناعة لكامل الإدارة العامة التنفيذية بما يفرض ترجمته إلى تغيير جوهري في السياسات والإستراتيجيات، مبيناً أنه في جانب السياسات، لم يؤدّ سوى إلى خفض للنفقات العامة بنحو 945 مليون دينار، أو نحو 4.2 في المئة، وهو إعلان عجز عن التأقلم مع متغيرات جوهرية، والأهم، ورغم أن توقعات أداء سوق النفط مصدرها مؤسسة البترول، لا يبدو أن أحداً تناول مدى جدوى وجدية إستراتيجيـة المؤسسة التي تستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول 2040 وبتكلفة بنحو 450 مليار دولار أو حتى نصفها بعد التعديل.
وأضاف «المؤكد أن تلك الإستراتيجية بنيت على سيناريو مختلف لمستقبل سوق النفط، وإن صدق ذلك، لابد من مراجعة أهداف الإستراتيجية وفقاً لما طرأ من متغيرات جوهرية»، منوهاً إلى أنه إن كانت إستراتيجية المؤسسة صحيحة، فلا بد وأن تكون رؤية «كويت جديدة 2035» والتي تحتاج أيضاً إلى استثمارات تفوق 450 ملياراً، والتي تستهدف خفضاً متصلاً في الاعتماد على النفط، إستراتيجية غير صحيحة.
وأشار التقرير إلى أن الكويت لا تستطيع ولا تحتمل السير في تبني إستراتيجيتين متناقضتين، ولا تملك جمع نحو 3 أرباع تريليون دولار لتمويلهما، بينما معدل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للكويت للسنوات الخمس 2015-2019 لم يتعد 277 مليون دولار، أو 81 مليون دينار سنوياً، لافتاً إلى أنه ما دامت الكويت تدخل عهداً جديداً، وفي ظروف بالغة الصعوبة، لا بد وأن تكون لديها حكومة واحدة تقرّر تبني إستراتيجية تنمية واحدة، وعدا عن ذلك، ستصبح كمن يقود مركب بدفتين، واحدة معاكسة تماماً للثانية، تحرق الوقود وهي مكانها راوح، وتكاليفها على اختلالات الاقتصاد المحلي الهيكلية إلى اتساع.
التصنيف الائتماني
وأفاد التقرير بأن التصنيفات الائتمانية ليست سوى انعكاس للسياسات المالية المحلية وبدرجة أقل للسياسات الاقتصادية، بمعنى أنها تشخص واقع البلد وتعطيه درجة، بينما الواقع، جيداً أو سيئاً، هو نتاج السياسات العامة للبلد، وإن كان التصنيف الائتماني رديئاً، لن يرتقي به سوى تغيير تلك السياسات، وليس إقناع وكالات التصنيف الائتماني بأننا نستحق ما هو أفضل، موضحاً أن التصنيفات الأدنى للكويت، والتي يرجح أن تستمر في الهبوط، ليست وليدة اليوم، وإنما وليدة لسلسلة من الخطايا المالية لسنوات خلت، وذلك ما يلخصه تقرير صادر من لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة تلاه رئيسها عدنان عبدالصمد في بداية شهر سبتمبر الماضي.
وبيّن «الشال» أن تقرير اللجنة يذكر أن جملة الإيرادات المقدرة للموازنة الحالية 2020 /2021 كانت بحدود 7.5 مليار دينار بعد خفض سعر برميل النفط في الموازنة من 55 إلى 30 دولاراً، وأن العجز المقدر لها سيبلغ نحو 14 مليار دينار، في حين يتوقع أن يصبح ما بين 10-12 ملياراً.
وذكر أنه رغم ضخامة العجز المقدر، فإن جهد المجلسين - وزراء وأمة - تمخّض عن خفض للنفقات بحدود 945 مليون دينار فقط، أي أن العجز المقدر ارتفع بنحو 3.6 ضعف عن الفعلي للسنة المالية الفائتة، بينما النفقات انخفضت بنحو 4.2 في المئة فقط، مشيراً إلى أن خلاصة السياسات الخاطئة منذ خريف 2014 وحتى الاصطدام الحالي بالحائط، كانت الركون إلى شراء الوقت باستهلاك كل سيولة الاحتياطي العام، والبالغة 50 مليار دينار، وفقاً للتقرير المذكور، سواءً بغرض تمويل عجز الموازنة بدلاً من علاجه، أو تمويل النفقات خارجها، والأخيرة بدعة.
ونوه «الشال» إلى أنه ترتب على أوضاع المالية العامة التي ضربت استدامتها، بروز مؤشرين مقلقين، الأول، بيع أصول من الاحتياطي العام لاحتياطي الأجيال القادمة بنحو 2.5 مليار دينار، وتلك مخالفة جسيمة، وإن كانت اضطرارية مقابل شراء شهرين سيولة تبعها إلغاء تحويل 10 في المئة من الإيرادات لاحتياطي الأجيال القادمة. أما المؤشر الثاني، فتصريح لوزير المالية بأن البلد سيواجه صعوبة في تمويل رواتبها في شهر نوفمبر الجاري، وتلك أزمة سيولة وليست أزمة ملاءة مالية.
استعادة التاريخ
وأوضح أنه كان يمكن اجتناب ذلك الوضع البائس لو أن الإدارة العامة استمعت إلى نصح مكرر بحتمية بلوغه، وتبنت سياسات استباقية حصيفة، وبتكاليف طفيفة، مؤكداً أن مناسبة استعادة التاريخ ليست من أجل تبادل اللوم، ولكن من أجل التعامل مع الوضع الحالي لأنه وضع صعب وبالغ الخطورة، فإن استمر نهج السياسات المالية بشكل خاص، والاقتصادية بشكل عام، مماثل للنهج التاريخي، فقد لا تتاح للبلد فرصة إصلاح في المستقبل.
وبيّن «الشال» أن الإصلاح المطلوب لا يمكن أن يتم سوى بإصلاح جذري للإدارة العامة للبلد، في حين أن المؤشرات الأولية لا توحي بأنه قادم، فالقراءة الأولية لمخرجات الانتخابات النيابية المحتملة، توحي بعودة تشكيلة مشابهة لسابقتها. وتابع «إن صدق اجتهادنا، ونتمنى ألا يصدق، سيغلب على التشكيل الحكومي القادم نهج الجينات والمحاصصة، ما يعني عودة سياسات التسامح مع الفساد والهدر وتقديم الولاءات على الكفاءات في معظم الإدارة العامة للبلد»، مشيراً إلى أن توقيت إجراءات الإصلاح الجوهرية بات العامل الأساس من أجل اجتناب تداعيات الوضع الحالي، وبناء قواعد لمستقبل أفضل، فمرور وقت ولو كان قصيراً من دون إصلاح، سيجعل تكاليفه غير محتملة، والتصنيف الائتماني في المستقبل، الجيد أو الضعيف، محصلة أي طريق نختار.
12 مليار دينار عجزاً متوقّعاً
توقع «الشال» تحقيق الموازنة العامة للسنة المالية الحالية عجزاً يتراوح بين 10 و12 مليار دينار، إذا استمرت أسعار النفط عند مستواها الحالي.
ولفت إلى أن تقرير المتابعة الشهري لوزارة المالية لغاية شهر يونيو الماضي، أظهر أن جملة الإيرادات المحصلة حتى نهاية الشهر الثالث من السنة المالية الحالية 2020 /2021، بلغت نحو 1.369 مليار دينار، أي ما نسبته نحو 18.2 في المئة من جملة الإيرادات المقدرة للسنة بكاملها والبالغة نحو 7.503 مليار دينار، إذ بلغت النفطية الفعلية نحو 1.316 مليار، أي نحو 23.4 في المئة من الإيرادات النفطية المقدرة للسنة بكاملها والبالغة 5.628 مليار، وبما نسبته 96.2 في المئة من جملة الإيرادات المحصلة.
وأوضح التقرير أن معدل سعر برميل النفط الكويتي بلغ نحو 25.6 دولار خلال الشهور الثلاثة الأولى من السنة المالية الحالية، وتم تحصيل ما قيمته نحو 52.653 مليون إيرادات غير نفطية خلال الفترة نفسها بمعدل شهري 17.551 مليون، بينما كان المقدر في الموازنة للسنة بكاملها نحو 1.874 مليار، أي أن المحقق إن استمر عند هذا المستوى، سيكون أدنى للسنة بكاملها بنحو 1.664 مليار دينار عن المقدّر. وتابع التقرير «كانت اعتمادات المصروفات للسنة الحالية قُدّرت بنحو 21.555 مليار دينار، وصُرف فعلياً - طبقاً للنشرة - حتى 30 /06 /2020 نحو 1.725 مليار، وتم الالتزام بنحو 733 مليوناً، وباتت في حكم المصروف، لتصبح جملة المصروفات - الفعلية وما في حكمها - نحو 2.458 مليار، وبلغ المعدل الشهري للمصروفات نحو 819.458 مليون».
وأشار إلى انخفاض جملة مصروفات «التجاري» التشغيلية بالمطلق بقيمة أقل من انخفاض الإيرادات التشغيلية، إذ بلغ انخفاضها نحو 10.4 مليون دينار، أي 27.8 في المئة، وصولاً إلى 26.9 مليون دينار، مقارنة بـ37.3 مليون للفترة ذاتها من 2019، إذ تحقق ذلك نتيجة انخفاض جميع بنود مصروفات التشغيل، فيما حققت جملة المخصصات انخفاضاً بنحو 16.64 مليون دينار، أي بـ24.6 في المئة، عندما بلغت 51.04 مليون دينار مقارنة بـ67.68 مليون، وعليه، ارتفع هامش صافي الربح إلى نحو 17.7 في المئة بعد أن كان 13.4 في المئة خلال الفترة المماثلة من 2019.
وأفاد «الشال» بأن الأرقام تشير إلى أن مطلوبات البنك، من غير احتساب حقوق الملكية، سجلت انخفاضاً بلغ 341.7 مليون دينار، أي ما نسبته 8.3 في المئة، لتصل إلى 3.799 مليار مقارنة بـ4.14 مليار بنهاية 2019، فيما انخفضت بنحو 204.3 مليون دينار أي بـ5.1 في المئة، عند المقارنة بما كان عليه ذلك الإجمالي في الفترة نفسها من العام الفائت.