عُرف بتأييده القوي لحملة الأسد على المحتجين السلميين... واتهم الغرب بتأجيج الاضطرابات
وفاة وليد المعلم... «واجهة» النظام السوري
- أعلن في 2006 استعداده ليكون أحد جنود نصرالله
- اشتهر بمقولتَي «من هو بومبيو»؟ و«سننسى أن أوروبا على الخريطة»
- كان يعاني من متاعب في القلب
- خالد بن أحمد: أخ وفيّ وديبلوماسي قدير
- عُمان: إسهاماته بارزة في العمل الديبلوماسي
- موفد لعون شارك بتشييع المعلّم في دمشق
توفي، أمس، وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أحد أبرز وجوه السلطة، والذي أيد بقوة حملة رئيس النظام بشار الأسد على المحتجين السلميين قبل نحو عشرة أعوام.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية في بيان مشترك، نقلته «وكالة سانا للأنباء»، وفاة نائب رئيس مجلس الوزراء (79 عاماً) الذي «عرف بمواقفه الوطنية المشرفة في مختلف ساحات العمل السياسي والديبلوماسي».
وقال رئيس الحكومة حسين عرنوس، إن سورية فقدت «ديبلوماسياً مخضرماً دافع باقتدار عن وطنه في المحافل الدولية والإقليمية ومختلف ساحات العمل السياسي».
وفيما لم يُعلن عن سبب وفاته، إلا أن المعلم، الذي شيعت جنازته أمس في دمشق، كان يعاني منذ سنوات من متاعب في القلب.
وحتى مساء أمس، لم يُعلن عن من سيخلف المعلم، فيما قال مصدر مقرب من الحكومة لـ«رويترز» إن من المتوقع على نطاق واسع أن يخلفه نائبه فيصل المقداد.
وإلى جانب المقداد، تداولت وسائل إعلام أسماء لـ 3 شخصيات أخرى لمنصب وزير الخارجية: السفير لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، المستشارة في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، ومعاون وزير الخارجية أيمن سوسان.
وكان آخر ظهور علني للمعلّم، الأربعاء الماضي، خلال افتتاح مؤتمر عودة اللاجئين في دمشق، وبدا متعباً وفي حالة صحية سيئة استدعت مساعدته من شخصين على دخول قاعة الاجتماعات.
ونعى نائب وزير الخارجية الروسي ميخايل بوغدانوف «ديبلوماسياً محنكاً» يعرفه منذ 35 عاماً، و«كان يعلم مدى أهمية العلاقات الروسية - السورية».
وقال: «فقدنا شريكاً موثوقاً وصديقاً مخلصاً، كان شديد الذكاء ويتسم بحس الفكاهة، ولديه معرفة عميقة في السياسة الدولية والوقائع في الشرق الأوسط».
وقدم وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف تعازيه بالمعلم الذي «لعب دوراً مهماً في خدمة والدفاع عن مصالح بلاده الوطنية وأمنها».
وأعربت وزارة الخارجية في سلطنة عُمان عن «تعازيها ومواساتها» بوفاة المعلم، مضيفة أنه كان له «إسهاماته البارزة في العمل الديبلوماسي على الصعيدين الإقليمي والدولي».
وأعرب الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة المستشار الديبلوماسي لملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، عن تعازيه بوفاة «الأخ الوفي والديبلوماسي القدير في الأوقات الصعبة».
وشكّلت وفاة المعلّم مناسبةً جديدة للبنان الرسمي للمضيّ بالتطبيع المتدرّج مع النظام السوري مع ما قد يكون لذلك من انعكاساتٍ خارجية، حيث أوفد الرئيس ميشال عون الوزير رمزي المشرفية لتمثيله بمراسم التشييع، بعدما كان أبرق للأسد معزياً ومتمنياً عودة السلام إلى سورية «لينعم الشعب السوري الشقيق مجدداً بالازدهار الذي يستحقه».
كما أبرق في الإطار نفسه رئيس البرلمان نبيه بري.
واجهة الأسد
شكّل المعلم خلال سنوات النزاع واجهة للنظام في الخارج، وكان المسؤول الوحيد الذي احتفظ بحقيبة مهمة رغم تغيير الوزراء في الحكومات التي تعاقبت خلال سنوات الحرب المدمرة.
ولطالما اعتبر خلال مؤتمراته الصحافية الطويلة الحرب التي تشهدها سورية «مؤامرة» خارجية لأن بلاده «ركن في محور الممانعة»، وكرر أن الأسد «باقٍ في منصبه طالما الشعب يريده».
وكان من بين أول من وصف معارضي النظام بـ«الإرهابيين»، ومن أشد منتقدي المقاتلين الأكراد لتلقيهم دعماً من واشنطن التي اتهمها، والغرب عموماً، بتأجيج الصراع الذي أودى بحياة أكثر من نصف المليون شخص ودفع نحو 5.6 مليون شخص معظمهم من السُنّة إلى اللجوء إلى دول أخرى.
ويعتبر معارضو الأسد، أن المعلم «خائن»، لدعمه الحملة العنيفة على الثورة منذ اندلاعها في العام 2011 حين نزل الآلاف إلى الشوارع مطالبين بإنهاء حكم عائلة الأسد.
والمعلم ديبلوماسي مخضرم عُرف بنبرته الهادئة وبرودة أعصابه حتى في أصعب مراحل الحرب، وغالباً ما كان يتحدث ببطء.
كما عُرف بمواقفه الساخرة من الغرب الذي فرض عقوبات على سورية والمسؤولين فيها، وشهد تحوّل دمشق بدرجة أكبر نحو موسكو وطهران مما عزز حكم الأسد وسمح له باستعادة معظم الأراضي التي انتزعتها المعارضة.
ودافع المعلم، المولود في عام 1941 لعائلة سنية من دمشق، علناً عن الدور العسكري المتنامي لموسكو وإيران، الذي حظي بدعم ممن يعملون لحسابها في سورية، بينما وصفه العديد من المعارضين بأنه «احتلال» والسبب في تأجيج التوتر الطائفي.
وقال المعلم في 2006 إنه على استعداد ليكون أحد جنود الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، وأرسل «حزب الله» في السنوات الأخيرة آلافاً من أعضائه للقتال إلى جانب قوات الأسد.
وخلال مؤتمر صحافي في دمشق 2016، قال المعلم «سننسى أن هناك أوروبا على الخريطة وسنتجه جنوباً وشرقاً وغرباً».
وفي سبتمبر 2019، ردّ المعلم على سؤال لصحافي يتعلق بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، على هامش فعاليات الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، بالقول «من هو بومبيو؟ لا أعرفه».
وفي نوفمبر 2011، عرض المعلم خلال مؤتمر صحافي مقاطع مصورة لما وصفها بـ«عصابات إرهابية مسلحة قتلت مدنيين وعسكريين في مناطق سورية مختلفة»، ليتضح أن ما عرضه هو جزء من أرشيف لأحداث أمنية حصلت في لبنان عامي 2008 و2010.
وفي يونيو 2020، حصل التباس جراء تصريح أدلى به المعلم خلال مؤتمر صحافي عقده في دمشق للتعليق على «قانون قيصر» الأميركي، أكد فيه صحة الأنباء عن طلب الرئيس دونالد ترامب التواصل مع الأسد، للبحث في ملف رهائن أميركيين، ليصدر بعدها بيان نفي عن وزارة الخارجية، في ما بدا وكأنه تكذيب لرواية المعلم.
واقتصرت زيارات المعلم الخارجية خلال سنوات النزاع على عدد محدود من الدول، أبرزها روسيا وإيران، الداعمتان لنظام الأسد. وتذكر وزارة الخارجية على موقعها أن «سورية حقّقت اختراقاً لمحاولة عزلتها منذ تولي المعلم وزارة الخارجية»، مشيرة إلى دوره في «تعزيز العلاقات مع عدد من الدول، خصوصاً العلاقة القوية مع روسيا».
وطالت عقوبات أميركية في 2011 المعلم الذي ذكرت واشنطن أنه «يكرر لأزمة المؤامرة الدولية ويحاول إخفاء الأعمال الإرهابية للنظام ونشر الأكاذيب»، ووصفه مسؤول أميركي حينها بأنه «صلة الوصل بين دمشق وطهران»، وطالته عقوبات أوروبية في العام اللاحق احتجاجاً على قمع دمشق بالقوة للتظاهرات.
وهاجم المعلم في الآونة الأخيرة «قانون قيصر»، معتبراً أنه يهدف إلى «خنق السوريين»، وأعلن أن دمشق ستحصل على دعم من إيران وروسيا لتخفيف وطأة العقوبات.