No Script

رواق

شوارع البسكويت

تصغير
تكبير
أعرف أن الكتابة عن هذا الموضوع بالذات، تشبه المقولة الشهيرة التي نسبت إلى كوين ميري انطوانيت، من دون أن نتأكد من صحتها أو دقتها: «إذا لم يجدوا الخبز، فليأكلوا البسكويت» ! فاض الكيل في بلد وظّف فائض ميزانيته في الفوضى، لسنوات كنا أعلى معدلات إنتاج نفطي، وأقل معدلات الحصول على سكن، المتزوج، الذي يؤجل شهر العسل لتقديم طلب الإسكان يحصل على البيت عندما يدلف أحفاده إلى الحياة، وكلما ارتفع سعر البرميل في البلد، انخفضت فرصة المواطنين في الحصول على السكن ! الأمانة تقتضي القول إن الحكومة كانت جادة في علاج مشكلة الإسكان وراحت سنة بعد سنة تبني مدناً بعد مدن، لكنها - وللأمانة أيضاً - لم تفرّق بين بناء المدن وسلق البيض، مثلما لم تفرّق الملكة التي انتهت حياتها بالمقصلة بين الخبز والبسكويت ! في بلد - يشاع عن أطفاله أنهم يرضعون البترول عوضاً عن الحليب - يحلم المواطن أن يحصل على خبز البيت وبسكويت الأرصفة، كما كانت عليه قبل سبعين سنة، تراجعنا فيها كل سبع سنوات سنة ضوئية، حتى بتنا لا نبصر النور في نهاية النفق ! بلغ الهدر مداه فضرب البنى التحتية التي تئن تحت ظلم وضيق وظلمات الأرصفة، فهي إما مكسورة وإما قذرة، لا ثالث لهما إلا في الأحمدي ! لا أرصفة في الأحمدي، بل طرقات زرع على جانبيها الورد من جهة والنخيل من جهة أخرى وتتوسطها ممرات المشاة والدراجات أمام البيوت، التي شيّدها الانكليز بجمال أسوارها الخشبية التي لا تقل جمالاً عن أرصفتها الزراعية، لكن الكويتيين أبوا إلّا أن يزيلوا الخشب ويستبدلوه بـ«الچينكو» في ادعاء كاذب أن الخشب لا يناسب طقس الكويت، الذي شهد تاريخها على زيف ادعائهم بسفن البوم الخشبية، التي شقّت عُباب الموج، ووصلت الهند وعادت في حال أفضل من «الچينكو» ! ما علينا من الخشب الحين، علينا من الرصيف، فإلى متى شوارعنا بلا أرصفة ؟ وأعرف أن المطالبة بالأرصفة الجميلة تشبه أكل البسكويت، في بلد يطالب أبناؤه بالخبز؟ والى متى الكويتي بلا سكن في الكويت ؟ سيقول قائل: تريدون الخبز أم البسكويت على غرار تريدون العنب أم الناطور؟ وأجيب من حق كل كويتي أن يحصل على خبز البيت، وبسكويت الأرصفة في آن واحد، لكن الطامة الكبرى في الكويت ألّا نجد فيها البسكويت ولا الخبز حتى !
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي