العجز سيبلغ (-13) و(-4.5) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام
«الوطني»: ترجيحات بتدهور أرصدة المالية العامة والحسابات الجارية الخارجية في دول مجلس التعاون
- الاقتصاد العالمي سينكمش 4.4 في المئة هذا العام
- الصين الوحيدة بين الكبار التي ستحقق نمواً 2 في المئة
أشار بنك الكويت الوطني إلى أن العام الجاري يعتبر غير مستقر بشكل استثنائي، إذ أودت جائحة «كوفيد-19» بحياة أكثر من 1.2 مليون شخص، وألحقت أضراراً جسيمة بالاقتصاد العالمي دون وجود أي علامات للتراجع قريباً.
وأوضح البنك في تقريره الاقتصادي، أن تداعيات الجائحة أثرت بدرجات متفاوتة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، وأنه إلى جانب تأثير قيود الإغلاق للحد من تفشي الفيروس على الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، فإن إجراءات تخفيض إنتاج النفط التي فرضتها مجموعة أوبك مع حلفائها، والرامية إلى تصحيح اختلال التوازن بين العرض والطلب، دفع قطاع النفط بدول مجلس التعاون الخليجي إلى انكماش كبير.
وتوقع التقرير أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المنطقة بنسبة 5 في المئة هذا العام، على أن يتعافى ويصل لمعدل نمو في المتوسط عند 3 في المئة سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وكشف عن سعي حكومات المنطقة إلى دعم اقتصاداتها، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، إذ أقرت حزم التحفيز الاقتصادي التي خففت من تداعيات الجائحة.
ورجح التقرير تدهور أرصدة المالية العامة والحسابات الجارية الخارجية، ليصل العجز إلى (-13) و(-4.5) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي خلال عام 2020.
وبيّن أنه بين 2021 و2023، فمن المتوقع أن يتحسن العجز المالي إلى (-5) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تسجل الحسابات الخارجية في المتوسط فائضاً نسبته 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورأى أنه إزاء الأوضاع المتدهورة لماليتها العامة، اتخذت الحكومات الخليجية تدابير تهدف إلى خفض الإنفاق وإرجاء تنفيذ بعض المشاريع، في حين غابت التدابير المتعلقة بالإيرادات باستثناء المملكة العربية السعودية التي اتخذت إجراءات لمعالجة عجز الإيرادات، وكان أبرزها زيادة ضريبة القيمة المضافة 3 أضعاف.
قيود جديدة
لفت «الوطني» إلى ارتفاع الإصابات مجدداً في فصل الخريف في أوروبا والولايات المتحدة بشكل كبير، ما أدى إلى جولة جديدة من القيود الصعبة التي من المحتمل أن تمتد إلى دول أخرى، وتزيد من الضغط على النشاط الاقتصادي العالمي الذي يعاني أصلاً من الانخفاض.
وتوقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.4 في المئة هذا العام، مع تضرر الولايات المتحدة وأوروبا بشكل أكبر، مع انخفاض بنسبة 4.3 و8.3 في المئة على التوالي، وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة.
ورجح أن يكون أداء الاقتصادات الصاعدة والنامية أفضل قليلاً، إذ سينكمش اقتصادها بنسبة 3.3 في المئة، مبيناً أن الصين التي شهدت بداية ظهور الوباء، ستكون الوحيدة بين الاقتصادات الكبرى التي من المتوقع أن تحقق نمواً بنسبة 2 في المئة هذا العام.
ولفت إلى اعتماد الصين لمكافحة الفيروس، في وقت مبكر، إجراءات أكثر صرامة من أي دولة أخرى، وأنه ربما تكون قد عانت اقتصادياً أكثر في البداية، ولكن ثبت لاحقاً جدوى هذه الإجراءات في تحقيق التعافي.
ونوّه باستجابة العالم بشكل سريع للجائحة، إذ تم ضخ ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار للتخفيف من تداعيات الوباء، في وقت مازالت هناك حاجة إلى مزيد من الدعم، خصوصاً مع ظهور موجة جديدة من العدوى.
وبيّن أن صندوق النقد الدولي المعروف حتى الآن بسياسته الاقتصادية المتحفظة، دعا إلى مزيد من الاستثمار الحكومي، إذ يرى أن البلدان يجب ألا تعبأ كثيرا بالديون في الوقت الحاضر، بل ينبغي عليها أن تستفيد من معدلات الفائدة المنخفضة تاريخياً.
رؤية مستقبلية وسط عدم اليقين
اعتبر التقرير أن عودة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، تشكل خطراً كبيراً على الرؤية المستقبلية لدول المنطقة، نتيجة تأثيرها على القطاعين النفطي وغير النفطي، إذ دفعت جائحة كورونا نحو التعجيل بالتحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، في ظل ما أحدثه الوباء من تغيير في طريقة عمل الناس وسفرهم، وتقليل الطلب على النفط، في ظل اكتساب معالجة المشاكل المناخية زخمًا بين جميع البلدان، بما فيها الصين والتي تعد أكبر مستورد للنفط في العالم.
وذكر أن البعض يعتقد مثل شركة «BP» للطاقة، أنه تم الوصول إلى ذروة الطلب على النفط في 2019، في حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر الطلب في الارتفاع، ولكن لمدة 10 سنوات إضافية فقط.
وأفاد أنه بالنسبة لمنظمة «أوبك»، فقد جاءت رؤيتها أكثر تفاؤلاً، إذ توقعت أن تصل ذروة الطلب بحلول عام 2060.
ورأى التقرير أنه بغض النظر عن هذه الآراء المتباينة، سيأخذ الطلب على النفط في نهاية المطاف اتجاهاً تنازلياً، مبيناً أنه في الوقت الحالي، يتعين على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، تقديم المزيد من الدعم المالي لحماية الأرواح في الوقت الحالي وتوفير المزيد لتأمين سبل العيش في المستقبل.
وشدد على أنه يجب أن يكون الإنفاق العام موجهاً بشكل جيد، وأن يركز على الاستثمار الذي يمكن أن يحفز نشاط القطاع الخاص.
وتابع أنه يمكن أن يعتمد تمويل الإنفاق الإضافي بشكل أكبر على إصدار الديون وبدرجة أقل على الاحتياطيات، نظراً لانخفاض مستوى الدين في المنطقة وبيئة أسعار الفائدة المنخفضة، إذ لا تقارن مخاطر الديون الجديدة بتكلفة عدم القيام بالإجراءات الواجبة على المدى الطويل.
الحذر... مطلوب
أكد التقرير أنه على المدى المتوسط، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتوخى الحذر، وأن تضع خططها بناء على السيناريو الأسواء لأسعار النفط.
وذكر أنه في مرحلة ما بعد الجائحة، ستحتاج الحكومات إلى تحويل انتباهها إلى معالجة الاختلالات المالية المتزايدة، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، وترشيد الإنفاق، والقيام بالإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز نشاط القطاع الخاص والعمالة لتنويع القاعدة الاقتصادية.
الإصلاح في مصر
أوضح التقرير أن مصر تمكنت من تجنب الركود الاقتصادي في عام 2020، بفضل التزام السلطات بمواصلة جهود الإصلاح، في سبيل ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي، وإجراء إصلاحات هيكلية تشتد الحاجة إليها لجعل القطاع الخاص المحرك الرئيسي للنمو.
واعتبر أنه لحسن الحظ، تمتلك معظم دول مجلس التعاون الخليجي موارد مالية وفيرة، من شأنها أن تسمح بالتكيف التدريجي (تواجه البحرين وعمان وضعاً أكثر صعوبة)، ما يقلل من صعوبة الإصلاحات المطلوبة.
وبيّن أنه مع ذلك، ونظراً للاعتماد الكبير على النفط، فإن حجم التغيير كبير والتحدي هائل، خصوصاً بالنسبة للبلدان ذات الحيز المالي المحدود والهوامش المالية المنخفضة، ومؤكداً أنه كلما بدأت الدول في مسار الإصلاح مبكراً، كانت عملية التحول أكثر سهولة.