وقف إطلاق نار شامل في الجمهورية الانفصالية... وروسيا «راعية السلام»
أذربيجان تكرّس انتصاراتها... وكاراباخ تحافظ على استمراريتها
- باشينيان يتجرّع اتفاقاً «مؤلماً» وعلييف يتحدث عن «وثيقة استسلام»
وقّعت أرمينيا وأذربيجان، برعاية روسيا اتّفاقاً لوقف إطلاق النار في ناغورني كاراباخ، يكرّس الانتصارات العسكرية التي حقّقتها قوات باكو في الإقليم الانفصالي بعد ستّة أسابيع من المعارك الدامية، بينما بدأت روسيا، أمس، بنشر نحو ألفي جندي لحفظ السلام في المنطقة التي تسكنها غالبية من الأرمن والتي انفصلت عن أذربيجان بعد حرب في التسعينات.
وقد وقع الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة 21,00 ت غ، الاثنين، كل من الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان وكذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.وقال بوتين إن الطرفين المتنازعين سيحتفظان «بالمواقع التي يسيطران عليها»، ما يعني خسارة الانفصاليين الأرمن السيطرة على أنحاء واسعة من الإقليم بعدما دحرتهم منها القوات الأذربيجانية، ما أدى إلى اندلاع تظاهرات غضب في أرمينيا حيث اقتحم المتظاهرون مقري الحكومة والبرلمان ليلاً، إلا أن قوات مكافحة الشغب استعادت السيطرة عليهما صباح أمس.
اتفاق «مؤلم»
وأتى تصريح بوتين، بعيد دقائق من إعلان باشينيان، أنّه وقّع اتفاقاً «مؤلماً» مع كلّ من أذربيجان وروسيا لإنهاء الحرب في الإقليم المتنازع عليه.
وقال باشينيان في بيان على صفحته عبر «فيسبوك»: «لقد وقّعت إعلاناً مع الرئيسين الروسي والأذربيجاني لإنهاء الحرب في كاراباخ»، واصفاً هذه الخطوة بأنّها «مؤلمة بشكل لا يوصف، لي شخصياً كما لشعبنا».
وتابع أنّه اتّخذ قرار التوقيع بعد ما أصر الجيش على ذلك، مشدّداً على أنّ هذا الاتّفاق هو «أفضل الحلول المتاحة في الوضع الراهن».
وأتى إبرام هذا الاتفاق بعيد سيطرة القوات الأذربيجانية على مدينة شوشة المدينة الاستراتيجية الواقعة على بُعد 15 كيلومتراً من عاصمة الإقليم الانفصالي ستيباناكرت، ما يمثّل سقوط «نقطة تحوّل» في الحرب.
وقال رئيس الجمهورية الانفصالية أرايك هاروتيونيان، إنه لو استمرت الأعمال القتالية بالوتيرة نفسها، «كانت ستضيع أرتساخ (الإسم الأرميني لكاراباخ) بالكامل».
«وثيقة استسلام»!
لكنّ علييف تحدّث عن «وثيقة استسلام». وقال «لقد أجبرناه (باشينيان) على توقيع الوثيقة، إنها بالأساس وثيقة استسلام».
وأوضح أنّ الاتفاق يرتدي «أهمية تاريخية»، مشيراً إلى أنّه ينصّ على أن تسحب أرمينيا قواتها من الإقليم خلال مهلة زمنية قصيرة، وعلى أن تشارك روسيا وكذلك تركيا، حليفة أذربيجان، في تطبيق بنود الاتفاق.
ونعت علييف، باشينيان، بـ «الجبان» لأنّه لم يوقّع الاتّفاق أمام عدسات وسائل الإعلام.
واستعادت باكو عددا من المحافظات السبعة التي تشكل الخط الأمني للانفصاليين الأرمن منذ التسعينات منها جبرائيل وفوزيلي.
وعلى أرمينيا التخلي عن محافظات أخرى كانت قواتها تسيطر عليها في التسعينات هي كلبجار بحلول 15 نوفمبر الجاري، وأغدام في موعد أقصاه 20 من الشهر نفسه، ولاتشين حتى الأول من ديسمبر المقبل.
وخرجت الجمهورية المعلنة من جانب واحد، حيث غالبية السكان من الأرمن منذ حرب التسعينات، ضعيفة ومهزومة لكنها حافظت على استمراريتها.
وستكون صلتها الوحيدة مع أرمينيا ممر لاتشين لربطها وعاصمتها ستيباناكرت بعرابها السياسي والعسكري والاقتصادي. وستحيطها أراض تحت سيطرة أذربيجان من الشرق والغرب والشمال والجنوب.
لكن أذربيجان عجزت عن تحقيق هدفها: استعادة كل الأراضي التي خسرتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
ومن المرجح أن تهدد الهزيمة العسكرية مستقبل باشينيان الذي وصل إلى السلطة من خلال ثورة شعبية في العام 2018.
وحتى قبل الإعلان عن اتفاق وقف النار، دعا 17 حزباً معارضاً إلى استقالته. ونفى باشينيان إشاعات فراره، وقال «أنا في أرمينيا ومازلت أقوم بعملي».
قوات السلام الروسية
وأعرب بوتين عن أمله في أن يؤدّي هذا الاتفاق إلى «تهيئة الظروف اللازمة لتسوية دائمة» للنزاع.وللتحقق من احترام وقف المعارك، ستنتشر كتيبة من القوات الروسية لحفظ السلام قوامها 1960 عسكرياً و90 ناقلة جند مدرعة و380 آلية ومعدات متخصصة على طول «خط التماس» أي على طول الجبهة الأرمينية - الأذربيجانية.
وستكلف أيضا ضمان أمن ممر لاتشين النقطة الأساسية لتموين كاراباخ من أرمينيا.وستنتشر القوات الروسية في موازاة الانسحاب الأرميني. ومدة مهمتها خمس سنوات قابلة للتجديد.
وأكد الكرملين ان لا اتفاق على نشر قوات حفظ سلام تركية في المنطقة.وقال الناطق ديمتري بيسكوف، إن مركزاً لمراقبة الهدنة، على مشارف كاراباخ، يخضع لاتفاق منفصل.
وأسفر النزاع عن مقتل ما لا يقلّ عن 1300 شخص منذ 27 سبتمبر الماضي، وفقاً لإحصاءات جزئية نشرها الطرفان.
وستنظم المفوضية العليا للاجئين، عودة اللاجئين والنازحين جراء المعارك. كما سيتم تبادل الأسرى والرفات.وبات على يريفان السماح بعبور ن دون عراقيل بين المدينة الأذربيجانية وجيب ناخيتشفان جنوب غربي أرمينيا.
لكن لم يرد على ذكر أي مفاوضات محتملة في هذه الوثيقة لتسوية القضية نهائياً. وتبقى ناغورني كاراباخ، جمهورية معلنة من جانب واحد غير معترف بها دولياً منذ نحو 30 عاماً.
وأتى توقيع الاتفاق بعد ساعات على تقديم باكو اعتذاراً رسمياً لموسكو على إسقاطها من طريق الخطأ مروحية عسكرية كانت تحلق فوق أرمينيا قرب الحدود الأذربيجانية، ما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقم «مي - 24» وإصابة ثالث بجروح.