لفتت إلى أن مستويات الدين بالكويت ستصل 37 في المئة من «الناتج» بـ 2021
«ذي إيكونومست»: الدول العربية تقترض لتحافظ على بيروقراطياتها... المتضخّمة
- الكويت تخصص أكثر من 70 في المئة من ميزانيتها للرواتب والدعوم
ذكر تقرير نشرته مجلة «ذي إيكونومست» أن عمليات الاقتراض تقدم عوائد محدودة للدول العربية، مبيناً أن بلدان المنطقة تبحث عن تحمل الديون ليس بهدف تمويل الإصلاحات، ولكن للحفاظ على البيروقراطية المتضخمة.
وأشار إلى أن أكثر من 70 في المئة من أحدث موازنة للكويت تم تخصيصها لرواتب القطاع العام والدعوم، مشيراً إلى حزم التحفيز الخاصة بتداعيات فيروس كورونا بالدول العربية كانت شحيحة، مع تخصيصها نحو 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة المتعلقة بالوباء، مقارنة بـ3 في المئة بالنسبة لجميع الأسواق الناشئة، وهو ما أرجعه التقرير جزئياً إلى القوة المالية المحدودة لتلك الدول.
وأفاد التقرير بأنه رغم أن عمليات الاقتراض ساعدت في التغلب على هذه المشكلة، لكنها أيضاً أدت إلى تفاقم مشكلة الديون، فعلى سبيل المثال تنفق مصر ما يقدر بنحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على خدمة الدين، ومع التوقعات في أن تظل أسعار النفط منخفضة خلال العام المقبل، في وقت ستتباطأ فيه الصناعات الحيوية مثل السياحة، ستحد أعباء الديون الثقيلة من مدى قدرة الحكومات العربية على تحريك اقتصاداتها الراكدة.
من ناحية أخرى، أوضح التقرير أن دول منطقة الشرق الأوسط تشهد عودة لمحافظ المستثمرين الأجانب، الذين تمكنوا منذ مارس الماضي من استثمار أكثر من 10 مليارات دولار من الديون بالعملة المحلية، ما عكس عمليات البيع التي حدثت في الأيام الأولى لفيروس كورونا، لافتاً إلى أن هناك حماسا مماثلا في جميع أنحاء المنطقة، حيث أصدرت دول الخليج رقماً قياسياً قدره 100 مليار دولار من الديون العامة وديون الشركات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، فيما تغازل سندات الخزانة المستثمرين المحليين أيضاً، وإن لم يكن ذلك ناجحاً دائماً.
وبيّن التقرير أن الدول العربية تشهد نوبة من عمليات الاقتراض، وهي حالة ليست جديدة على الدول التي كان الكثير منها حتى قبل فيروس كورونا تصدر ديوناً لمواجهة أسعار النفط المنخفضة والاقتصادات الراكدة، مشيراً إلى أن الوباء أدى إلى زيادة الاحتياجات المالية للدول.
وبحسب «ذي إيكونومست»، فإنه بحلول العام المقبل، ستكون نسب الدين العام في العديد من هذه البلدان في أعلى مستوياتها منذ عقدين، على أن البحرين ستسجل أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 120 في المئة. ويبلغ دين 11 دولة مصدرة للنفط والغاز في المنطقة 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالمتوسط، وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2016، ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، من المرجح أن تصل هذه النسبة إلى 47 في المئة. في المقابل، ذكر التقرير أن الزيادات تبدو أقل حدة في الدول التي ليس لديها موارد للطاقة، رغم أنها أيضاً تحظى بمستويات ديون مرتفعة على مستوى العالم.
ومع ذلك، رأت «ذي إيكونومست» أن ذلك ليس دائماً مدعاة للقلق، موضحة أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السعودية ستصل إلى 34 في المئة خلال العام المقبل، مرتفعة من 17 في المئة خلال 2017، فيما ستتضاعف مستويات الدين في الكويت والإمارات تقريباً إلى 37 و38 في المئة، لافتة إلى أنه من حيث القيمة المطلقة، تعتبر هذه الأرقام منخفضة بشكل مريح، في الوقت الذي تتمتع به هذه البلدان الثلاثة بوجود بنوك مركزية جيدة التجهيز، أو صناديق ثروة سيادية كبيرة التدفقات.
في المقابل، أشار التقرير إلى أن الدول الأخرى المنتجة للنفط مثل البحرين تبدو أكثر تأرجحاً، إذ من المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة إلى 131 في المئة خلال العام المقبل، مرتفعة بمتوسط 34 في المئة من عام 2000 إلى 2016. فيما سيبلغ دين عُمان 89 في المئة من الناتج، أي ما يقرب من 7 أضعاف خط الأساس التاريخي. وبحسب التقرير، لا تقدم أسواق النفط سوى القليل من الأمل لميزانيات هذه البلدان، لاسيّما مع الإغلاق المتجدد في أوروبا والحالات المتزايدة من الإصابة بـ«كورونا» في أميركا، والتي أدت إلى انخفاض أسعار النفط في أكتوبر.
«كورونا» قلَب سنوات من الإصلاحات المالية
ذكر تقرير «ذي إيكونومست» أنه في أماكن أخرى من المنطقة، قلب «كورونا» سنوات من الإصلاحات المالية، ففي الوقت الذي توصلت فيه مصر إلى اتفاق بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في 2016 مع خفض الدعومات وفرض ضريبة القيمة المضافة، تحوّل العجز المالي من 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى 7 في المئة العام الماضي، ما جعل مصر بالطريق لخفض نسبة ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي لـ79 في المئة في 2021، إلا أن الوباء أعاد مصر إلى صندوق النقد مقابل اتفاق احتياطي بقيمة 5.2 مليار دولار.
وتوقع التقرير أن ترتفع ديون مصر العام المقبل لتصل إلى 91 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما ستبلغ النسبة 89 في المئة بالنسبة للأردن و86 في المئة لتونس.
ومع ذلك، أكد التقرير أن المستثمرين متحمسون في الوقت الحالي للديون المصرية، خصوصاً مع تميزها بالعوائد المرتفعة.