إصابة كاهن أرثوذكسي بطلق ناري في ليون... وفرار المنفذ
ماكرون يتفهّم أن الرسوم قد «تصدم»... ولا يتبنّاها ويؤكد أن تصريحاته... «تم تحريفها»
- المسلمون هم الأكثر تضرراً من تصرف الذين يحرّفون الإسلام
- حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية «غير لائقة» و«غير مقبولة»
لم يمض يومان على العملية الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية، الخميس، والتي سقط خلالها ثلاثة قتلى، بعملية طعن نفذها مهاجر تونسي غير شرعي، وساعات على إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون، إنه يتفهم أن المسلمين قد «يُصدَمون» جراء نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام، «لكنني لن أوافق مطلقاً على تبرير العنف»، حتى ضرب الإرهاب مجدداً، أمس، مدينة ليون... فقد أطلق مهاجم كان يحمل بندقية صيد كاهناً أرثوذكسياً، وأصابه بجروح خطيرة، قبل أن يفر.
وكان الكاهن الذي يحمل الجنسية اليونانية، يغلق الكنيسة عندما وقع الاعتداء. كما أفادت قناة «الحرة» نقلاً عن وسائل إعلام فرنسية بأن الشرطة اعتقلت شخصاً هدد بتنفيذ اعتداء بسكين في إحدى ضواحي باريس.
وفي مقابلة بثتها قناة «الجزيرة»، أمس، ندّد ماكرون بـ «تحريف» طال تصريحاته حول رسوم أسبوعية «شارلي أيبدو»، وقال إن «مسؤولين سياسيين ودينيين» أوحوا بأن هذه الرسوم «موجّهة من الحكومة الفرنسية» ضد الإسلام. وتابع ان «المسلمين هم الأكثر تضرراً من تصرف الذين يحرفون الإسلام».
واعتبر الرئيس الفرنسي ان «ردود فعل العالم الإسلامي سببها الكثير من الأكاذيب، وأن الناس اعتقدوا أنني مؤيد لهذه الرسوم الكاريكاتورية (...) أنا أؤيد حرية الكتابة والفكر والرسم في بلادي لأنني أعتقد أن هذا الأمر مهم، وهو حق، إنها حرياتنا».
وشدد على ان «الرسوم ليست مشروعا حكومياً بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة». وقال: «أفهم أنه قد نشعر بالصدمة من رسوم كاريكاتورية لكنني لن أوافق مطلقًا على تبرير العنف»، مؤكدا أن «حرياتنا وحقوقنا، أعتبر أن مهمتنا هي حمايتها».
وأكد ماكرون خلال المقابلة، انّ حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية «غير لائقة» و»غير مقبولة». وقال إنّ هذه الحملة «غير لائقة وأندد بها. لكنّ بعض المجموعات الخاصة أطلقتها لأنّها لم تفهم ولأنّها استندت إلى اكاذيب، إلى الرسوم الكاريكاتورية، وفي بعض الأحيان اطلقها مسؤولون. هذا غير مقبول».
وهذه المقابلة هي الأولى التي يجريها ماكرون منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للفرنسيين والتي اندلعت على خلفية تصريحاته التي دافع فيها عن نشر الرسوم باسم حرية التعبير، عقب قتل مدرس التاريخ صمويل باتي بالقرب من باريس، بعدما عرض على تلامذته رسوماً مسيئة.من جهته، دعا وزير الخارجية جان إيف لودريان، الفرنسيين المقيمين في الخارج إلى توخي الحذر، مشيراً إلى وجود تهديد للمصالح الفرنسية «في كل مكان».
وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان: «نحن في حرب وفي مواجهة عدو خارجي وداخلي، وفي مواجهة الأيديولوجية الإسلاموية».
وصرح قائد الشرطة في نيس، ريشار جانوتي لـ«رويترز»، الجمعة: «نحن في وضع يتمدد فيه الخطر الإرهابي أكثر وأكثر. أي رمز للجمهورية أو المسيحية هدف محتمل».
وأفاد مصدر قضائي، أمس، بأن رجلا ثالثاً مقرباً من المشتبه به الثاني الذي أوقف مساء الجمعة، وضع في الحبس على ذمة التحقيق في إطار هجوم نيس. وكان الرجل البالغ 33 عاماً حاضراً خلال تفتيش عناصر الشرطة مساء الجمعة لمنزل مشتبه فيه ثان كان على تواصل مع المنفذ عشية الهجوم.
وأوقف الرجل الثاني (35 عاماً) في نيس مساء الجمعة ووضع في الحبس على ذمة التحقيق.
وكان مشتبه فيه أول يبلغ 47 عاما أوقف الخميس بعدما شوهد إلى جانب المهاجم التونسي الذي وصل قبل فترة قصيرة إلى أوروبا، في لقطات وفرتها كاميرات مراقبة عشية الهجوم.
وذكر مصدر قريب من التحقيق، أن المهاجم التونسي ابراهيم العيساوي (21 عاماً) وصل إلى نيس قبل «24 أو 48 ساعة» من الهجوم.
وأكد «استمرار تحليل» الهاتفين الموجودين في أمتعته الشخصية، مشيراً إلى أن «التحقيق من الجانب التونسي» سيكون «حاسماً».
ويحاول المحققون معرفة ما إذا كان المهاجم استفاد من مساعدة وكيف حصل على الهاتفين اللذين عثر عليهما في حقيبة تحوي مقتنياته الشخصية.
وأوضح المدعي العام لمكافحة الإرهاب المسؤول عن التحقيق جان فرنسوا ريكار، أن المحققين وجدوا مصحفين وهاتفين وسلاح الجريمة، وهو «سكين طوله 30 سنتيمترا يبلغ طول شفرته 17 سنتيمتراً». وكان العيساوي، دخل صباح الخميس إلى كنيسة نوتردام، حيث ذبح امرأة في الستين من العمر والقيم على الكنيسة البالغ 55 عاماً. وتوفيت امرأة برازيلية تدعى سيمون (44 عاماً) بعد تعرضها لطعنات عدة، في مطعم قريب لجأت إليه. وقالت للمسعفين قبل وفاتها: «قولوا لأبنائي إني أحبهم»!.
وسيطرت شرطة البلدية على المنفذ مطلقة عيارات نارية باتجاهه ونقل إلى مستشفى باستور في نيس في حال غيبوبة.
وفي صفاقس التونسية، ذكرت أسرة إبراهيم إنه أجرى اتصال فيديو بهم من أمام الكنيسة قبل ساعات من الهجوم. وقالت شقيقته عفاف، إنه ذهب إلى نوتردام فور وصوله إلى نيس، بحثاً عن مكان للنوم.
وتابع شقيقه الأكبر ياسين: «أخي شخص ودود ولم يظهر التطرف قط... لقد احترم كل الناس وتقبل خلافاتهم حتى منذ أن كان طفلاً».
وفي جاكرتا، ندد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، أمس، بالهجمات «الإرهابية» في فرنسا، لكنه حذر أيضاً من أن تصريحات ماكرون «أهانت الإسلام» و«أضرت بوحدة المسلمين في كل مكان».
فصل مدرّس في بروكسيل
أوقِف مدرّس عن العمل في بروكسيل، بسبب عرضه على تلاميذه الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عاماً، رسماً كاريكاتورياً مسيئاً للإسلام، نشرته صحيفة «شارلي إيبدو».
وقال رشيد البرغوثي، الناطق باسم منطقة مولينبيك التي جرت فيها الوقائع، «تقدَّم اثنان أو ثلاثة من أولياء أمور» التلاميذ بشكوى إلى إدارة المدرسة الابتدائيّة مفادها بأنّ رسما مسيئاً عُرِض أمام «أولاد في الصفّين الخامس والسادس»، بحجة حرّية التعبير.
وأضاف انّ أعضاء المجلس البلدي استمعوا إلى المدرّس الخميس، وقد تمّ فصله.
توقيف مغربي في برشلونة
أوقفت الشرطة الإسبانية، الجمعة، مغربياً في برشلونة لإشادته بقطع رأس المدرس صمويل باتي خارج باريس في 16 أكتوبر الماضي، وتحريضه على تنفيذ مزيد من الهجمات.
وكتبت الشرطة على «تويتر» أنها «ألقت القبض على رجل يحمل الجنسية المغربية بدعوى ارتكاب جريمة تمجيد الإرهاب وجريمة التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية».
ومَثُل المشتبه فيه أمام محكمة، أمس، وأُخلي سبيله شرط أن يسلم جواز سفره ويمثُل أمام القضاء كل 14 يوماً.
ترودو: لحرية التعبير... حدود
دافع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، عن حرية التعبير، لكنه اعتبر أنها «ليست بلا حدود» وأنّها يجب ألا تُسبّب «إساءة بشكل تعسفي ومن دون داع» لفئات بعينها.
وإجابة عن سؤال حول الحق في نشر صور كاريكاتورية مسيئة للإسلام، على غرار ما فعلت مجلة «شارلي إيبدو»، قال ترودو، الجمعة، «سندافع دائماً عن حرية التعبير».
وأضاف «لكن حرية التعبير ليست بلا حدود».
وتابع «من واجبنا أن نتصرف باحترام تجاه الآخرين وأن نسعى إلى عدم جرح من نتشارك معهم المجتمع والمعمورة».
وأوضح «ليس من حقنا مثلا أن نطلق النار في سينما تعج بالناس، توجد دائما حدود».
واتخذ رئيس الوزراء الكندي مسافة من موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ودعا إلى استعمال حرية التعبير بـ «حذر».