وقع في حب «رمانة»... وتطبيع الإبل لا يستغرق منه سوى 5 أيام
راعي أمغرة... الزول الطيب
- أبو يوسف السوداني لـ «الراي»: أستطيع رعي 100 ناقة من دون أن تشرد مني واحدة وأتقاضى 140 ديناراً شهرياً
- أعمل على فترتين من السادسة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً ومن الثالثة حتى السادسة مساء
- لقمة العيش صعبة لكن حرارة السودان مشابهة لأجواء الكويت
- أقوم بتوليد الإبل بنفسي وأهدهدها كما تعتني الأم بصغارها
ست سنوات مرت على راعي الإبل السوداني عبدالعزيز الطيب يوسف (أبو يوسف) لم يتخلف فيها يوماً عن رعي الإبل التي باتت لا تثق إلا به. بعيداً عن الضوضاء ومظاهر المدنية يعيش الزول الطيب حياته وكأنه نذر أن يطبق قول ربه «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت».
الطيب ذو الـ 25 ربيعاً ليس بجديد على عالم الإبل، فقد تربّى في محاضنها ومراعيها في ولاية الجزيرة بالسودان، حتى أناخ راحلته في الكويت قبل سنوات، ليتولى رعي قرابة 40 ناقة في الصحراء المحيطة بسكراب أمغرة، لكنه يقول لـ «الراي» مفاخراً «أستطيع رعي 100 ناقة من دون أن تشرد مني واحدة، ولا تستغرق مني أي ناقة أكثر من خمسة أيام لتطبيعها وجعلها تألفني».
الطيب يعلم أن العرب قالت قديماً «يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي»، لكن راعينا يأكل منفرداً، ويبكي وحيداً بكاء الشجعان بلا دموع شوقاً لأسرته التي لم يرها منذ ثلاث سنوات.
يبدأ أبو يوسف يومه باكراً مع شروق الشمس، فيكون في مرعاه في تمام السادسة صباحاً بين صويحباته «علياء» و»رمانة» و»عمرة» و»حلوة»، لكن أقربهن لقلبه «رمانة» من دون أن يعرف سبب ذلك، غير أنه استدرك قائلاً «لأنها طيبة وحنونة ومطيعة». يتغزل «الزول» بالإبل كما يتغزل العشيق بمعشوقته، وفي هذا الصدد يبوح بأسراره قائلاً «عاطفة الأمومة فياضة في الحلال، فتجد الناقة تسمح لك بحلبها بكل سهولة إذا ما علمت أنك سترضع صغارها». ويعمل أبو يوسف على فترتين، الأولى تمتد من الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً، ليعود أدراجه اتقاءً للهيب الشمس وقيظ الصحراء، ثم يعاود الرعي من الثالثة عصراًَ حتى السادسة مساء، ويتقاضى 140 ديناراً شهرياً ولا يخشى من حرارة الشمس فهو يقول «لقمة العيش صعبة، وحرارة السودان مشابهة لحرارة الكويت».
بجلبابه الأبيض، كما قلبه، يمد الزول يده الحانية ليتحسس رقبة ناقته، ويهدهدها كما تهدهد الأم صغيرها، ليجني بعد ذلك ثمار حنانه طاعة من الإبل التي تؤتمر بأمره، ولا يمكن أن تعصيه أو تسمع لغيره. لم تخنه نياقه يوماً، وهو كان على العهد دائماً، حتى أنه يقوم بتوليدها بنفسه، فحُق له أن ينال رضاها لكنه متشوق لنصفه الآخر في السودان ولابنه يوسف الذي جاء للدنيا قبل ثلاث سنوات مصحوباً بأمنيات أبيه في أن يصبح مهندساً، ولا يضطر أن يسلك طريق الرعي الشاق والشائق أيضاً.