لا يحقّق الإنسان ذاته إلا بالوصول إلى ما يطمح إليه في حياته؛ فينظر إلى ما لديه من مهارات أو هوايات وما يميل إليه العقل والنفس، ويختار ما يتناسب مع قدرته وطاقته ويصغر الهدف بقدر المستطاع، فلا يضيّق على نفسه، ويحذّر من الإكثار والضغط خلال يومه حتى لا يقع في العجز والسأم، ولا يأخذ وقته كله وينفك عن أعماله الأخرى بل يجعله جزءاً من مهامه اليومية؛ فلا مانع من الخطوات البسيطة حتى يسهل تحقيق الهدف وإن طال الطريق، أما الخطوات الشاقة مع السرعة في التطبيق تمنعك من الاستمرار وتشعرك بالإحباط والضعف وعدم الرغبة في العمل.
الإنسان الناجح في بداية مشواره ينظر نظرة بعيدة إلى نهاية الطريق ويكون على يقين من الوصول، وأنّ كل الأبواب ستُفَتّح أمامه مهما كانت الخطوات بطيئة... والسر في النجاح هو الدوام والاستمرار، وكما يُقال في الحِكم أو الأمثال: (قليل دائم خير من كثير منقطع)، وهي أيضاً قاعدة مستنبطة من جملة نصوص من السنة النبوية أرشد فيها نبينا الكريم إلى المداومة على العمل وإثباته ولو كان قليلاً، وكره المغالاة في الأعمال، بما يكون مآله الانقطاع أو التقصير في تكاليف أخرى.
ومن النصوص المؤيدة لها الحديث الشريف: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ)، فقد أشار إلى أنّه بدوام القليل تدوم سائر أمورك وكل شؤون حياتك، والقليل الدائم يثمر بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة؛ فلا يقوم الشخص بالعمل المطلوب مرة واحدة حتى لا يصاب بإرهاق شديد وضغوط تجعله يمل ويكره العمل؛ بل الصحيح هو تقسيم أي عمل كبير إلى أجزاء، وكلما كانت الخطة بسيطة كلما كان الإنجاز أقرب.
وبالاستمرار على الخطوات البطيئة تجد النتيجة المطلوبة، واعلم أنّ الاستمرار والمثابرة وإعادة المحاولة بعد كل خطوة فاشلة هو الأصل في النجاح... وأبسط مثال: حركة النملة فهي كائن صغير بطيء يصل إلى الأعلى بالمثابرة، فإنّها تصعد الشجرة مئة مرة وتسقط ثم تعود صاعدة حتى تصل، ولا تكل ولا تمل، فالناجحون والعظماء يلاقون في طريقهم تحديات وعوائق يواجهونها بثبات وصبر وتحمل بعض المشاق والمعاناة، وبتلك الصفات يتحقّق النجاح الباهر والإنجازات الكبيرة التي ترتقي بك إلى القمة.
aalsenan@hotmail.com aaalsenan @