No Script

جودة الحياة

في وداع أمير الإنسانية

تصغير
تكبير

لا أدري من أين أبدأ مقالتي عن صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (طيب الله ثراه)، هل أبدأ من العمل الإنساني الذي جعل من الكويت مركزاً عالمياً للأعمال الخيرية الإنسانية بشهادة الأمم المتحدة، أم أدواره الجوهرية ووساطته المعروفة في الأزمة الخليجية الأخيرة، أم سأنطلق من دوره الداخلي وكونه صمام أمان المجتمع الكويتي ضد الأزمات والانقسامات، أم من حكمته وحنكته في معالجة جميع القضايا العربية.

ظلت ابتسامة الفقيد الراحل - المغفور له بإذن الله - الشيخ صباح المضيئة، الواثقة مصدراً للاطمئنان والتفاؤل، نلوذ بها في ساعات الشدة فيهدأ روعنا، ونرمقها في أوقات الرخاء فتملؤنا عزاً وفخراً، ولا عجب إن صار أميرنا الراحل قائداً ورمزاً للعمل الإنساني.

فقد عمل طوال حياته لأجل رفاهية وكرامة الإنسان داخل الوطن وخارجه، بالطبع لن أستطيع بمقال أن أُحصي مآثر فقيدنا وفقيد الأمة العربية والإسلامية والعالمية، فهو ربان سفينة الكويت، الذي قادها في أحلك الظروف والأوقات خلال مسيرته العامرة بالعطاء، التي امتدت لما يزيد على الستة عقود من الزمان.

وفى السنوات الأخيرة التي تولى فيها زمام القيادة، تعززت مكانة الكويت في محيطها الإقليمي وتعاظم دورها العالمي في العمل السياسي والإنساني والخيري، لا سيما مع اتساع نطاق الأزمات بين البلدان والنزاعات المسلحة، التي عصفت بالمنطقة وما زالت تعصف إلى الآن.

فقد شهدنا في عهده الزاهر أول تكريم من نوعه في العالم، ففي عام 2014 م توجت الأمم المتحدة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قائداً للعمل الإنساني تقديراً لدوره الرائد ولجهود الكويت في خدمة الأجندة الخيرية والإنسانية في العالم، وهو أول تكريم من نوعه ولم يحظَ به قائد أو زعيم في العالم من قبل.

وفى حفل التكريم المشهود، قال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك: إن الكويت أظهرت كرماً استثنائياً تحت قيادة سمو الأمير الشيخ صباح واستطرد قائلاً: برغم صغر مساحتها إلا أن قلبها كان أكبر من الأزمات والفقر والأوبئة.

إن تكريم الأمم المتحدة لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح، بهذه الرؤية المختلفة تماماً في الشكل والمضمون عن السائد في أروقة المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، هو تتويج لمسيرة طويلة من الإرث التاريخي للعمل الخيري المتأصل في أوساط المجتمع الكويتي منذ قرون، وليس خافياً أن العمل الخيري في الكويت ليس طارئاً أو حديثاً فقد بدأ منذ عام 1913م، قبل دخول الكويت عصر النفط، وما يميز الكويت هذا التوافق الكبير لقوى المجتمع المدني في البلاد منذ عقود خلت على ترتيبات الانتقال السلس والسلمي للسلطة عبر مؤسساتنا الدستورية، وهذا ليس غريباً على الشعب الكويتي وتقاليده الديموقراطية، فتجربتنا السياسية والبرلمانية تُعد الأكثر نجاحاً وريادةً في المنطقة، لذا ستظل راية الكويت مرفوعة عالية، ولن تسقط أبداً بإذن الله طالما هناك قيادات حكيمة تتوارث الحكم.

وستتواصل مسيرة الخير والازدهار في وطن الصباح والاشراق، فرمز الكويت أمير التواضع صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خير خلف لخير سلف، ونحن نبدأ عهداً جديداً بقيادته للبلاد، نتفاءل خيراً بقدومه ونرفع أكف الدعاء لله تعالى أن يسدد خطاه ويشمله برعايته وتوفيقه لخدمة البلاد والعباد، وولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وأن يعينهما على حمل الأمانة، وسيظل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله حاضراً رغم الغياب، فسيرة العظماء لا تموت بمغادرتهم الحياة.

أسأل الله لفقيدنا الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح المغفرة والرحمة ولنا جميعاً الصبر والسلوان.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي