على أن توظّف مكافأة نهاية الخدمة في سداد تمويلاتهم

هل تلعب البنوك دور المحامي لساقطي الإقامة المقترضين... وتطالب بمستحقاتهم؟

أجور العمالة الوافدة في القطاع الخاص
تصغير
تكبير

- المصارف لا تواجه إشكالية مع الشركات المعتمدة كونها ملتزمة بدفع حقوق موظفيها
- الشركات الورقية لا تعترف عادة بالمستحقات ما يضيّع فرصة تجميد المكافأة
- لا يحق للبنوك تبادل الأدوار مع المقترض الذي يرتبط مع شركته بقانون عمل
- تجميد المستحقات إن وجدت... خيار مصرفي أول والملاحقة القضائية ثانياً

تتوقف عادة آمال الكثير من الوافدين عند التخطيط لتقاعدهم على مكافأة نهاية الخدمة، باعتبار أن رصيدهم من هذه الأموال في الأصل مدخرات، يتم ربطها بخطط استثمارية تُسحب عند الحاجة.

لكن ورغم أن هذا التفكير يبدو طبيعياً، ولا يخرج عن السياق الوظيفي التقليدي المتبع في كل الأسواق، إلا أن خطط استثمار مكافأة نهاية الخدمة تغيرت كثيراً في الفترة الأخيرة، خصوصاً لدى الوافدين المقترضين الذين سقطت إقاماتهم وهم في الخارج، لأسباب تتعلق بتداعيات كورونا.

مناسبة هذا الحديث ما أثارته «الراي» أخيراً عن أن البنوك المحلية ستلاحق المقترضين المتوقفين عن السداد في بلدانهم، ما جعل السؤال حول فعالية توجه المصارف قضائياً، معطوفاً على جملة أسئلة أخرى، منها: ما إذا كان يمكن المراهنة على تبادل الأدوار مع البنوك الدائنة لجهة لعب دور محامي المقترض الساقطة إقامته، والدفاع عن مستحقات نهاية خدمته، مقابل سداد قرضه، إذا قرر الكفيل عدم دفعها ودياً؟

قروض شخصية

باختصار، أعادت الخطط القضائية الموضوعة مصرفياً في هذا الخصوص الأضواء مجدداً إلى مكافأة نهاية الخدمة، التي يمكن أن يستثمرها الوافدون الذين سقطت إقاماتهم في إطفاء مديونياتهم القائمة، بدلاً من مخاطر المراهنة على إمكانية إسقاطها تلقائياً مستقبلاً.

ولمزيد من التوضيح يتعيّن الإشارة في البداية إلى أن البنوك تمنح قروضاً شخصية بضمان مكافأة نهاية الخدمة، أو بمقابل أصل استهلاكي أشهره السيارات، وأحياناً تطلب مزيداً من الضمانات لا تخرج عادة عن الاستعانة بمواطن يكفل «يضمن» القرض.

وفي الأيام الماضية، ومع تزايد أعداد ساقطي الإقامة وبلوغهم نحو 160 ألفاً، حتى الآن، غالبيتهم ترك البلاد بسبب القوة القاهرة التي خلّفها فيروس كورونا، ومع تنامي التوقعات بتزايد أعدادهم خلال الفترة المقبلة استقامة مع الخطط الحكومية الموضوعة لمعالجة خلل التركيبة السكانية، يبرز السؤال حول إمكانية تمنية النفس بتفادي التعرض للملاحقة المصرفية في الخارج، بإعادة محاولة فتح نافذة المطالبة بمكافأة نهاية الخدمة، من الشركات غير المكترثة بالسمعة، رغم أن البعض حاول ذلك مبكراً ولأسباب أخرى دون جدوى.

يذكر أنه وفقاً للبيانات الرسمية حقق إجمالي التسهيلات الشخصية ارتفاعاً بنحو 132 مليون دينار (0.8 في المئة) في أغسطس مقارنة بالشهر السابق، ليصل إلى 16.69 مليار دينار، في حين بلغت الزيادة 259 مليوناً (1.6 في المئة) منذ بداية العام، و620 مليوناً (3.9 في المئة) مقارنة بأغسطس من عام 2019.

وسجلت القروض الاستهلاكية نمواً بنحو 38 مليون دينار (2.5 في المئة) في شهر، لتبلغ 1.557 مليار دينار في أغسطس مقارنة بـ1.519 مليار في يوليو، فيما بلغ ارتفاعها 112 مليوناً (7.8 في المئة) منذ بداية العام، و261 مليوناً (20.1 في المئة) مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، ووفقاً للتقديرات تبلغ قيمة قروض الوافدين عموماً نحو 15 في المئة من إجمالي محفظة القروض الشخصية.

حجم المستحقات

وبالنسبة للجهات الدائنة، تعد مستحقات نهاية الخدمة المصد الأول والأهم لمنح القرض الشخصي، فبناءً عليها يُتخذ القرار الائتماني، وتقرر الحدود القصوى للقرض، والتي لا تزيد في أفضل السيناريوهات على 25 ألف دينار، وفقاً لتعليمات بنك الكويت المركزي.

ونظرياً، قد يعتقد بأنه وفقاً لذلك لا تمنح الجهات التمويلية قرضاً دون أن يقابله ضمان مكافأة نهاية خدمة، بالقدر الذي يضمن تغطية قيمة القرض، لكن عملياً لم تثبت جدوى هذه الفرضية في جميع الحالات الائتمانية.

فإذا كانت الجهات الدائنة تسعى لتقليل مخاطر انكشافها على تعثرات في محافظها الشخصية، باقتصار منح تمويلاتها على موظفي قائمة معتمدة من الشركات، التي يعرف عنها العمل التشغيلي، والالتزام بدفع الحقوق الوظيفية، لتستطيع الاطمئنان إلى توافر سيناريو تجميد مكافأة نهاية الخدمة بمقدار هذا الدين، لكن تمتع بعضها بشهية عالية في التوسع الائتماني، يجعل الضمانات الوظيفية في بعض الحالات ضمن الشكليات المستندية.

وفي هذه الحالة تكون المستحقات معروفة سلفاً لدى أطراف المعادلة الثلاثة، وهي المدين والدائن وصاحب الشركة، بأنها عبارة عن مجرد ضمانات ورقية فقط، لن يفيد التعويل عليها كضمان بقدر المراهنة على استمرارية صاحب القرض في عمله أو حتى مستقبل قطاعه الوظيفي، دون أن تشمل المخاطر الظاهرة في هذا الخصوص فرضية ترك البلاد نهائياً لأسباب قهرية.

شركات معروفة

وغالباً لا تواجه البنوك تحدياً مع المقــترضين العاملين بشــركات معروفة، فبناءً على العلاقة بين البنك والشركة (جهة العمل) فإن الأخيرة تقوم بإخطار المصرف في حال انتهاء العلاقة بينها وبين الموظف، حيث يلجأ البنك إلى حماية حقوقه عبر الحجز على مبالغ وتعويضات نهاية الخدمة إلى حين انتقال الموظف إلى عمل جديد، أو سداد ما عليه من أقساط مستحقة.

أما إذا كانت الشركة التي يعمل لديها هذا الموظف غير مدرجة ضمن اللائحة المعتمدة لدى البنك، فلا يوجد ما يلزمها قانوناً بإفادة البنك بانتهاء علاقتها بالموظف، على أساس ان هذا ليس من اختصاصها، ولا يوجد لديها التزام أدبي محدد مع البنك بهذا الاتجاه.

شطب مستحقات

ولعل ما يقلق الجهات الدائنة هي الشركات الورقية التي تنتهز إسقاط إقامة موظفيها، خصوصاً إذا كان في الخارج، بشطب مستحقاته من دفاترها، في مسعى لتجميل ميزانياتها، بخفض مطلوباتها ومن ثم تحسين هـــيكل أصــولها الضعيف أصلاً.

وبسبب سلوك النوع الثاني من الشركات يحاول موظفوها وتحديداً الــذين سقطت إقامتهم دفع البنوك نحو تحصيل مستحقاتهم من جهات عملهم، دون أن ينسوا مغازلة هذه البنوك بأنهم موافقون على أن يتم توظيف هذه الأموال في سداد قروضهم.

علاقة محددة

وقانونياً، لا يحق للجهات الدائنة، وإن فوّضها الموظف، إلزام الشركات بتسديد ديون موظفيها، على أساس أن العلاقة بينهما محددة بقانون العمل الذي يخلو من ذكر هذه المنفعة للبنوك.

كما أن الجهات الدائنة تدرك جيداً أن عليها تحمل مخاطر منح قروض لموظفين يعملون في جهات غير معتمدة، فالتوسع الائتماني مطلوب لكن يتعيّن ألا يكون على حساب المخاطر.

وعموماً لا يمكن للبنوك القيام بدور محامي المقترضين ساقطي الإقامة في مواجهة جهات عملهم، على أساس أن هذه العلاقة خاصة، ومن ثم يظل خيار الملاحقة القضائية قائماً في معالجة ديونها المتعثرة إن وجدت.

وما يهدئ المخاوف المصرفية قليلاً، أن غالبية البنوك تتبنى منذ فترة طويلة سياسة ائتمانية لا تمنح تسهيلات للشرائح الوظيفية التي تقل رواتبها عن 300 دينار.

ولعل ما يقلل مخاطر التعرض لموجة ديون غير منتظمة من الذين سقطت إقامتهم أخيراً وتقارب أعدادهم 160 ألفاً أن جميع المؤشــــرات تفـــيد حـــتى الآن بـــأن الــــجزء الأكــــبر منهم لا يحــملون مؤهلات الحصول على قرض، وأن بعضهم لم يمض في البلاد سوى أشهر قليلة قبل ترحيله لخلافات مع كفلائهم.

رواتب المقيمين

حسب بيانات سابقة صادرة من الإدارة العامة للاحصاء تبلغ نسبة الوافدين العاملين في القطاع الخاص، نحو 1.4 مليون تبلغ نسبة الذين تقلّ أجورهم الشهرية عن 180 ديناراً نحو 59.29 في المئة منهم.

وتقارب نسبة الذين تتراوح رواتبهم بين 180 و360 ديناراً نحو 24 في المئة، ولا تتعدى نسبة الذين تبلغ أجورهم الشهرية بين 360 و480 ديناراً نحو 5.79 فيما تصل نسبة العاملين الذين يحصلون على أجر شهري من 480 ديناراً فأكثر نحو 10.7 في المئة.

وبجردة سريعة لهذه الأرقام، يصعب توقع أن يكون لشريحة كبيرة من الوافدين الذين سقطت إقاماتهم أي مستحقات وظيفية يمكن عقد آمال عريضة عليها باعتبار أنهم ينتمون لفئة الرواتب المحدودة التي لم تستطع حتى تفادي إغلاق مطار الكويت أمام القادمين من بلدانهم بتحمل تكاليف القدوم من مطار آخر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي