No Script

همسات

فيروس يغزو العالم... إلى أين نحن ذاهبون ؟

تصغير
تكبير

المستحيلات ثلاثة «الغول والعنقاء والخل الوفي»، مَثل قديم كان يردده الأقدمون قبل معرفتهم بالتطور العلمي والتكنولوجيا الحديثة، التي أحبطت نظرية المستحيلات وأثبتت أن المختبرات العلمية والصناعية كفيلة لتحقيق الطموح البشري القريب للعقلانية والبعيد أيضاً.

من كان يعتقد أن فيروساً صغيراً لا يُرى إلا بالمجهر غزا العالم ونشر آثاره وألزم المجتمعات أخذ الحذر منه وفرض عليهم الكمامة ليس احتراماً له بل رعباً منه، وأسقط عمالقة رجال الأعمال وقوض أكبر المؤسسات واخترق اقتصاديات كبرى الدول وما زال يهدّد هذا العلم الذي أفلت من أيدي العلماء.

بين عشية وضحاها بل وما بين طرفة عين وانتباهها تغيّر شكل الحياة، وتبدلت الطريقة التي نعيشها بسبب فيروس كوفيد - 19 وأصبح التكيف مع الوضع الجديد والتعايش معه من دون فرضية قابلاً للصداقة من ناحية ومن ناحية أخرى السعي للقضاء عليه نهائياً إلزامياً وليس اختيارياً، فهي مرحلة لها مميزاتها كما لها سلبياتها كأي مرحلة طالت البشرية على مرّ أجيال مضت.

شكلّت الجائحة الخطرة «بروفا» قاسية نوعاً ما لكيفية الاختيار بين الأولويات أو الضروريات، حيث إن الدول استحدثت خلايا أزمة متخصصة للدفاع عن مجتمعاتها والخروج من هذه المعركة بأقل الخسائر، ريثما يتوصل العلماء إلى إيجاد مضادات تقصف جبهة هذا الفيروس، وتقضي على تقدمه وإنقاذ الأرواح وعودة نهضة الاقتصاد وحماية البيئة. لا ريب أن موجة الفيروس تسببت - بالإضافة إلى الأضرار الصحية - في إشكاليات اجتماعية ونفسية واقتصادية، وفي الوقت ذاته قدمت لنا نموذج إمكانية العودة إلى العيش بتلوث أقل وأعادت النظر في العمل وآلياته وطرق تنفيذه، بتحويل المنزل إلى منصة للتعليم والعمل والتطبيب والعلاج والتسوق، وإقامة الدورات التدريبية والمؤتمرات عن بُعد.

فكل هذه المتغيرات شكلّت منعطفاً إلزامياً اقتضى تغيير ملامح العيش عنوة وتحت طائلة المسؤولية. هذا الكائن المجهول حقق انتشاراً واسعاً وأكمل معركته مع العلم الحديث، الذي تعرف عليه في كبرى المختبرات، والى أن حدد العلماء هويته كان الفيروس قد تخلص تدريجياً من بعض عادات المجتمعات المرتبطة بنمط العيش القائم على الرفاهية، وعلى وجه الخصوص في المجتمعات الاستهلاكية المعتادة على الرفاهية، ولشدة الحذر التزم الجميع بالتحذيرات من المخاطر والحجر المنزلي والاستغناء عن التجمعات، إلى حين هدوء العاصفة التي ليس لها أي أفق حتى الساعة.

ولذلك، ما زال الحذر قائماً إلى حين يدق جرس الانفراج. أقاويل كثيرة ترددت في الأروقة عن إيجابيات رافقت الفيروس من ناحية حاجة البيئة إلى السكينة من التفاعل الصناعي، والسموم الناتجة عن الطيران والسيارات، ومن الواضح أن توقف كل ذلك أوجد حالة استقرار نتيجة هذا التغيير، وأعاد ترتيب الحياة البيئية والعادات بكل تفاعلاتها، وقد فرض كل هذا المشهد عالماً جديداً ومتغيراً في الكثير من سلوكيات وعادات المجتمعات.

كل هذا يؤكد أن العالم مقبل على العديد من المتغيرات بعد أزمة كورونا، تحتم مرحلة ما بعد الجائحة، من خلال إعادة النظر في الكثير من المعتقدات والعادات، بالإضافة إلى إعادة النظر في النموذج الحضاري الذي نعرفه، والذي تسبب في كل تلك الأزمات المتراكمة. إنها مرحلة جديدة ستأتي ضمن ثقافة جديدة، إذا استخلصنا الدروس المستفادة من هذه الأزمة، فالحياة ستستمر بعد «كورونا» رغم الصعوبة في عودة الحياة إلى طبيعتها.

تويتر/ suhailagh1 انستغرام/ suhaila.g.h / kwt.events suhaila.g.h@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي