عندما تولّى عمر بن عبدالعزيز الخلافة، أحدث نقلة نوعية في إدارة شؤون الأمة.
ظهرت معالم ذلك التغيير من خلال العديد من الممارسات والقرارات التي اتخذها.
لما تولّى الخلافة خطب في الناس فكان من قوله: ( لقد وُلّيت عليكم ولست بخيركم، وإنما أنا رجل منكم، غير أنّي أثقلكم حِمْلاً).
وهي دلالة على استشعاره لعظم الأمانة والمسؤولية التي ألقيت على عاتقه.
ووضح منذ البداية صفات البِّطانة التي يريدها أن تكون حوله فقال: (من أراد أن يصحبنا فليصحبنا لخمس: إما أن يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، أو يعيننا على الخير، أو يدلنا على ما لا نهتدي إليه من الخير، ولا يغتب عندنا أحداً، ولا يتكلم في ما لا يعنيه)، فانفض عنه الشعراء والخطباء، وثبت عنده الزهاد والعلماء.
اتخذ قرارات حاسمة في تولي المناصب، ومنها عزل أسامة التنوخي من ولاية مصر لظلمه، وعزل يزيد بن أبي مسلم عن ولاية أفريقيا لطغيانه وتجبّره.
وكتب إلى أحد ولاته: (قد كثُر شاكوك، وقَلّ شاكروك، فإما اعتدلت وإمّا اعتزلت).
ولما كتب إليه واليه على خراسان يستأذنه في استعمال السوط لإصلاح الناس، رد عليه عمر قائلاً: (بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم، واعلم أن الله لا يُصلِح عمل المفسدين).
وبعث له أحد الولاة يطلب منه إرسال الأموال ليتمكن من تحصين المدينة بالحصون والأسوار.
فكان جواب الخليفة: (وما تنفعها الأسوار! حصّنها بالعدل ونَقِّ طريقها من الظلم).
فلما أقام العدل بين الرعية عمّت البركة في البلاد وزادت الخيرات، ما جعل الخليفة يكتب إلى ولاته بأن يعطوا لكل مسلم مسكناً يُؤويه، وخادماً يكفيه، وفرساً يجاهد عليها.
ولما زاد الخير أمر لكل أعمى بقائد، ولكل مريض بخادم، وكفل الأيتام، وكفّ حاجة العلماء، وافتدى الأسرى.
ومن بركة عدله أن الأغنياء أخرجوا زكاة أموالهم فلم يجدوا فقيراً يأخذها.
لقد سار عمر بن عبدالعزيز في حكمه على خطى ومنهج خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم الأربعة، فاستحق أن تُلقّبه الأمة بالخليفة الراشد الخامس.
سُمِعَ عند وفاته صوت يقرأ قول الله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلُوّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين).
رحم الله تعالى عمر بن عبدالعزيز ورزق الأمة بأمثاله.
Twitter:@abdulaziz2002