«دراسات الخليج والجزيرة»: الاقتراض بنسب مرتفعة يؤدي إلى تأثيرات سلبية
تذبذب النفط قد يجعل الخليج غيرَ قادرٍ على سد عجوزات موازناته
أكد تقرير إستراتيجي صادر عن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت حول الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد على دول الخليج، أن الجائحة تسبّبت في دخول العديد من الدول في أزمة اقتصادية من جرّاء تراجع النمو الاقتصادي العالمي.
وبيّن أن الوباء لم يفرّق بين دول تعتمد أنظمتها الاقتصادية على القطاع الصناعي، وأخرى تعتمد على القطاع النفطي؛ ومن ثم ألقى بظلاله السلبية على الصعد كافة، مشيراً إلى أن دول الخليج لم تكن بمنأى عن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا إذ باغت هذا الوباء أنظمتها الاقتصادية وأدى إلى تراجع كبير في إيراداتها النفطية نتيجة الهبوط الحاد بأسعار النفط.
خطوات وتدابير
ونوّه التقرير إلى أن دول الخليج اتخذت خطوات وتدابير اقتصادية عدة، تمثل بعضها في خفض البنوك المركزية لسعر الفائدة لتقليل تكلفة الاقتراض وتشجيع الإنفاق للنهوض بالوضع الاقتصادي من جديد، في حين تمثلت التدابير الأخرى في ضخ الأموال على هيئة حزم تحفيز وسياسات اقتصادية تدعم من خلالها دول الخليج أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية والشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم أسعار السلع الأساسية وسط تعاون خليجي في خطوط أساسية عديدة خلال هذه الفترة، في حين ارتأت دول أخرى تطبيق بعض السياسات التقشفية أو سياسات ترشيد الإنفاق.
ولفت التقرير إلى وجود «تحديات عدة تواجه دول الخليج وسط غياب التوقعات والتكهنات لتوقيت انقشاع الفيروس والغموض المحيط بمصيره، موضحاً أن تعافي الاقتصاد وانتعاشه من جديد لم يقترب موعده بعد، وأن (كورونا) سيستغرق فترة أطول، وسيؤدي استمراره إلى مواجهة العالم لسيناريوهات اقتصادية أخرى. وذكر أنه وفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إما الإغلاق مجدداً نتيجة لانتشار موجة ثانية من الفيروس، أو انخفاض النشاط الاقتصادي العالمي بنسبة 6 في المئة حتى نهاية 2020.
وتابع التقرير «تختلف دول الخليج في منظومتها الاقتصادية عن غيرها من الدول الصناعية، إذ إن اقتصاداتها تعتمد على النفط كمورد أساسي لمصادر دخلها، ويرتبط نشاطها الاقتصادي ومعدلات النمو الاقتصادي فيها بالنفط، وهو سلعة قابلة للنضوب وخاضعة لأسعار عالمية متقلبة، تتفاوت بين الهبوط والارتفاع، بحسب العرض والطلب وبحسب المتغيرات الجيوسياسية وغيرها من العوامل التي تؤثر سلباً أو إيجاباً على أسعار النفط، ومن ثم على المنظومة الاقتصادية الخليجية والاستقرار المالي فيها».
القطاع الخاص
وأضاف «لا تعتمد اقتصادات دول الخليج بشكل كبير على القطاع الخاص في تحريك أنظمتها الاقتصادية، كما لا تتمتع الاقتصادات الخليجية بقواعد إنتاجية وصناعية عالية تمكنها من الصناعة والإنتاج أو تضعها في مصافّ الدول المنتجة ذات الدخل المتنوع والقادرة على المنافسة وتصدير منتجاتها للخارج، وقد نستثني بعض الشيء هنا الإمارات ذات الاقتصاد الأكثر تنوعاً في المنطقة».
ونوه إلى أنه رغم تمتع تلك الدول من مصدّات مالية قوية كصناديق الاحتياطيات المالية والنقدية لديها، التي كونتها في أوقات ارتفاع أسعار النفط، فإن اعتمادها على ذلك، بحسب خبراء في الاقتصاد، لن يمكّنها من الاستمرار في الحفاظ على هذه المتانة إذا ما اعتمدت اعتماداً كلياً على سلعة النفط دون إدخال عمليات الإنتاج والتصنيع ضمن آليات إصلاح أنظمتها الاقتصادية.
وأشار إلى أن العجز في الموازنة، الذي تعاني منه دول الخليج بين الفينة والأخرى بسبب تذبذب أسعار النفط وقلة الطلب مع وجود بدائل عالمية لبرميل النفط الخليجي، قد يجعلها مع مرور السنوات غير قادرة على سد العجز واللجوء إلى الاقتراض بنسب مرتفعة من إجمالي الناتج المحلي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الموازنات الخليجية مستقبلاً، وعلى الاقتصاد الكلي في دول المنطقة.
وبيّن التقرير أن حكومات الخليج تسعى إلى تطبيق الإصلاحات المالية التي تلجأ من خلالها إلى تحسين إيرادات الدولة وتحقيق موازنة منخفضة العجز أو متوازنة، إضافة إلى تطبيق الإصلاحات التي من شأنها أن تمكّن القطاع الخاص من المشاركة في النشاط الاقتصادي في الدولة بكفاءة وقدرة تنافسية عالية.
بدوره، قال مدير المركز الدكتور فيصل أبوصليب «أثبت (كورونا) أن الأوبئة العالمية تعتبر من المهددات الفعلية للأمن الدولي، وأنها عابرة للحدود الوطنية للدول ولا يقتصر تأثيرها على نطاق جغرافي محدد. وأدى هذا الوباء إلى تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي».
وأوضح أن دول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها على الإيرادات النفطية والتبادل التجاري العالمي، تعتبر من الدول التي تأثرت بشكل واضح جراء هذه الأزمة العالمية.