لا شك أننا أمام مرحلة جديدة، مع عهد جديد واستحقاق جديد، من خلال تسلم صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم، في ظل تحديات كبيرة وتعقيدات جمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وفي ظرف استثنائي فرضته جائحة كورونا على العالم أجمع.
ولعل من أهم التحديات ومن أولوياتها، ما تمر به الكويت من أزمات أدت مع مرور الوقت إلى اهتراءات كبيرة في جسد المؤسسات والمجتمع، وإلى ما واجهه الوطن من فساد وسرقة وتخريب، وغياب لهيبة الدولة المركزية، وبروز كيانات وهويات فرعية من طائفية وقبلية وعائلية وفئوية، نخرت في لُحمة الجبهة الوطنية، وسعت لتفتيت المجتمع لانتماءات وولاءات غير وطنية، وأثر ذلك على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وبنيتها التحتية.
ومن ضمن ما طاله التخريب والإهمال والتهميش، هي الثقافة الشاملة وبكل مكوناتها، وليس فقط مظاهرها من الفنون والآداب، بل بما فيها القيم والأخلاق والسلوك الحضاري، وهي عناصر أساسية من الثقافة الشاملة، كما هُمش رجالات الثقافة والفكر، واستبدلوا بمن لا يمتون للثقافة بصلة، وقيدت استقلالية المؤسسات الثقافية بإلحاقها بجهات ومسؤولين ليس لهم أي علاقة بالثقافة، حتى تحولت الثقافة إلى مجرد ديكور شكلي.
ولعل من أهم ما حاصر الإبداع من فنون وآداب، هي القيود التي كبلت بها الثقافة من قوانين، تخالف نص وروح الدستور، بما فيها حرية الرأي والتعبير والاطلاع، فتراجع المشهد الثقافي السائد وتوارت الثقافة الراقية والرفيعة التي كانت تميز الكويت، باعتبارها منارة للثقافة العربية.
ومن المعروف أن صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، يهتم ويقدر الثقافة وتجلياتها الإبداعية، ويعرف تمام المعرفة قيمتها في عكس صورة الكويت للعالمين العربي والدولي، ويتأمل المثقفون والأدباء والمفكرون، أن تكون الثقافة بمفهومها الشامل، أولوية من أولويات التنمية المستدامة، لما يحقق هدف الوصول إلى كويت جديدة، ودولة مدنية حديثة تعيد للنهضة الثقافية والحضارية اعتبارها.
وقد يكون الأوان قد آن لإنشاء وزارة للثقافة أسوة بالدول المتقدمة، كما أن الأوان قد حان للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بما يعيد ثقة الشعب الكويتي وفي طليعتهم المثقفون والأدباء والمفكرون، بدولتهم المدنية بما يعنيه ذلك من دولة القانون العادل والمؤسسات.
رحم الله أميرنا الراحل وغفر له، ووفق الله أميرنا الحالي وأعانه بالبطانة الصالحة النصوحة، على إعادة الاعتبار لمشروع الدولة المدنية الحديثة، بما يضمن سير الكويت على طريق التنمية والتقدم والرخاء.