رسالة وفاء للكويت الشّقيقة

الدكتور فضلو رجا خوري
تصغير
تكبير

سمو الأمير الشيخ نوّاف الأحمد الجابر الصّباح - أمير دولة الكويت الشقيقة،

دولة الكويت شعباً وقيادة،

باسمي وباسم الجامعة الأميركية في بيروت، ومجلس أمناء الجامعة، وهيئتها الأكاديميّة والطّبيّة والإداريّة، وباسم خرّيجي الجامعة الأميركية، خصوصاً خريجينا في دولة الكويت الشقيقة، نتقدّم منكم، ومن أسرة الصّباح الكريمة، ومن الشعب الكويتي النبيل، بخالص العزاء وصِدق المواساة، لوفاة المغفور له بإذن الله سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

يرحل عنّا الأمير صباح الأحمد، رحمه الله، تاركاً إرثاً وفيراً من العمل الوطني والعربي، يتجلّى بالمواقف والمبادرات السياسية والوطنية والاجتماعية والثقافية التي اتّخذها وعمل لها ودافع عنها دعماً للإنسان الكويتي وللمواطن العربي وتطوّره ورقيّه.

تغمّد الله الكريم الأمير صباح بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه.

لقد كان الأمير صباح الأحمد الجابر الصّباح أميراً للتسامح والإنسانية والعطاء. أميراً للتضامن العربي والرؤية العربيّة الجامعة.

هـــذا، ونبارك لسمو الأمير الشيخ نوّاف الأحمد الجابر الصّباح ولدولة الكويت تسلّم الأمير نوّاف زمام القيادة في هذا الوقت الدّقيق الذي يمرّ به عالمنا العربي، أو بالأحرى العالم أجمع، ونحن على أتمّ اليقين أنّ بقيادته ستواصل دولة الكويت مسيرتها الرياديّة كدولة تعتزّ «بالدستور والنهج الديموقراطي... ودولة قانون ومؤسسات... ضماناً لكرامة ورفاه شعبها» (كما جاء في كلمة سمو الأمير عند أداء قسم اليمين أمام مجلس الأمّة الكويتي).

كما أننا على ثقة بأن دولة الكويت ستواصل لعب دورها الريادي العربي الجامع، وستواصل احتضانها ودعمها للبنان، ولشعبه الكريم، ولمؤسساته العلميّة والصحيّة والاجتماعيّة العريقة. قلّة هي الحكومات في العالم التي أظهر مواطنوها من التقدير والمودّة للشعب اللبناني في السرّاء والضرّاء، ما أظهره مواطنو الكويت باستمرار.

وكم أحوج لبنان وشعبه لهذا الدعم والاحتضان في هذا الوقت العصيب الذي يمرّ به حالياً. وما مسارعة دولة الكويت عبر سفيرها في لبنان وعميد السلك الديبلوماسي العربي فيه، سعادة السفير عبد العال القناعي وتبنّيها إعادة بناء إهراءات مرفأ بيروت إلّا خير دليل على تفاني والتزام دولة الكويت بمحبّتها وصداقتها للبنان واللّبنانيين. هذه الإهراءات الّتي بنيت في العام 1969 بدعم من دولة الكويت بالذات، والتي أمّنت لنصف قرن المخزون الاستراتيجي من القمح للبنانيين، وكانت أيضاً حاميةً لجزء كبير من بيروت (ومنها حرم الجامعة الأميركية في بيروت) ولسكّان بيروت عندما تصدّت للانفجار المريع في الرابع من أغسطس الماضي، الذي قضى على جزء كبير من هذه العاصمة الأبيّة، وخلّف ضحايا أبرياء بالمئات، وجرحى بالآلاف، ومتضرّرين بمئات الآلاف من سكّان بيروت، وأضرار وخسائر مادّية ببلايين الدولارات.

تعود العلاقة بين الجامعة الأميركية في بيروت، التي تأسست في العام 1866، ودولة الكويت لعقودٍ طويلةٍ.

من أوائل الكويتيين الذين التحقوا بالجامعة الأميركيّة في أواخر العشرينات من القرن الماضي ثلاثة شبّان من آل الإبراهيم التحقوا بالمدرسة الإعداديّة للجامعة، تبعهم الشيخ فهد السالم الصباح والشيخ محمد الأحمد الجابر الصباح بقرار من أمير الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح.

وتطوّرت العلاقة منذ ذلك الحين، فتعلَّمَ في الجامعة الأميركية في بيروت وتدرَّبَ في مركزها الطّبي أوّل طبيبٍ رُخّص له بالعمل في الكويت (الدّكتور أحمد الخطيب، في أوائل الخمسينات)، كما علّمت ودرّبت الجامعة الأميركيّة العديد من مواطني الكويت البارزين طوال ما يزيد على مئة عام من الصداقة والتعاون.

وأصبح المركز الطبّي للجامعة قبلة المواطنين الكويتيّين – والعرب - الذين يحتاجون إلى الحصول على العناية الطبّية والتمريضيّة والصحّية خارج وطنهم برعاية ممتازة ومواصفات عالميّة في بلدهم الثّاني - لبنان.

وامتازت العلاقة بين الجامعة والطلبة الكويتيين بخصوصيّة مميّزة. وبرز تعلّق الخرّيجين الكويتيين الدائم بالجامعة مهما بعدت المسافات أو امتدّت السنوات، ليس فقط بتعلّقهم بحرم الجامعة الفريد وبأبنيتها وبمساحاتها وبالصداقات الّتي حاكوها خلال سنين الدراسة، ولكن أيضاً بمبادئها وبقيمها النبيلة الجامعة.

وكان ولايزال خرّيجو الجامعة من الكويتيين من أكثر خرّيجينا وفاءً لجامعتهم وداعمين لرسالتها النبيلة. ولا يقتصر هذا الدّعم على الخرّيجين، بل يتعدّاه لأصدقاء الجامعة الكويتيين. فالجامعة وكلّياتها ومبانيها وأروقتها تصدح بأسماء هؤلاء الخرّيجين والأصدقاء.

وأسرد بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر:

كرسي الشيخة ألطاف سالم العلي الصّباح لدراسات المرأة والتنمية.

كرسي محمد عبد المحسن الخرافي للهندسة.

كرسي عبد العزيز الصّقر للتمويل.

مركز فيصل المطوع لتكنولوجيا إدارة الأعمال.

غرفة أحمد عبد العزيز القطامي للتجارة والتّداول (الذي أرسل خمساً من بناته الثمانية للدراسة في الجامعة في أواخر الستينات وأوائل السبعينات)

قاعة جاسم الصّقر للهندسة.

قاعة ضرار الغانم لإدارة الأعمال.

والعديد من المنح الجامعيّة للطلّاب المتميّزين، ومنها منحة عبد العزيزالبحر، منحة عبد الرحمن البحر، منحة علياء القطامي، منحة حامد العجلان، منحة مرزوق المرزوق، منحة سالم العثمان...

وعلاقة شراكة مميّزة مع العديد من المؤسسات العامّة والخاصّة كمؤسسة الكويت للتقدّم العلمي، والصندوق الكويتي، والصندوق العربي ورئيسه الدكتور عبد اللطيف الحمد، وبنك الكويت الوطني، وبيت التمويل الكويتي، وزكاة العثمان، واللجنة الشعبيّة...

واحتضنت الكويت دائماً الآلاف من خرّيجي الجامعة من اللبنانيين والفلسطينيين والجنسيّات المختلفة، وكانوا خير سفراء للجامعة.

فالكثير من روّاد التنمية والاقتصاد والعلم والثّقافة والصحّة هم من خرّيجي هذه الجامعة. ويقوم نادي خرّيجي الجامعة في الكويت برعاية وتطوير العلاقة بين الخرّيجين وبين جامعتهم الأم.

وكما عهدتم منّا في الجامعة الأميركية في بيروت، سنكون دائماً شركاء مع أخواتنا وإخواننا في دولة الكويت لما فيه الخير والتّقدّم والازدهار لشعوبنا العربيّة، على طول الطّريق.

ودمتم.

*رئيس الجامعة الأميركية في بيروت

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي