الأسوار في الكويت لها حكايات وحكايات، وستبقى على مر الأزمان قصصا وروايات، فالأوائل بنوا حول الكويت الصغيرة ثلاثة أسوار حماية لها من المعتدين الطامعين بها، والمحدثون بنوا السور الرابع برعاية الأمم المتحدة ترسيماً للحدود مع جار الشمال.
الأسوار ذاتها شكلت لدى بعض الكويتيين أسلوباً لاغتصاب الأرض كما حدث، حسبما سمعت وسمعتم، أثناء حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حيث قاموا بتسوير أراض في جنح الظلام على أضواء السرج، مدعين ملكيتهم لها، وهكذا أثروا ثراء فاحشاً، في غياب متخذ القرار وقتها، أو تواطئه معهم.
أصبح السور في مواسم البر والتخييم في الأعوام الأخيرة علامة فارقة لتشويه مناظر الطبيعة، وجمال ونقاء الصحراء الكويتية، فكل عائلة أو مجموعة من عشاق البر يبنون حول مخيمهم سوراً ترابياً مخلفين وراءهم منظراً بشعاً، ومازال متخذ القرار في غيبوبة عن تلك الممارسات اللا مسؤولة، وكأن البر خارج السور الرابع.
السور... السور ذاته ولكن بطريقة وتكنولوجيا حديثة بات تقنية جديدة لحكوماتنا المتعاقبة منذ زمن ليس ببعيد، فهي تخطط للمشاريع الكبرى، وتنفق الآلاف والملايين للمستشارين والمقاولين، لتكون البداية هي النهاية، وما مستشفى جابر، وجامعة الشدادية (أو جامعة الشيخ صباح السالم)، إلا مثالين على تلك الممارسات الحكومية التي حولت السور إلى أسلوب حديث لتخدير الشعب، ففي خطتها أن تفعل، وتفعل، وتفعل، وها هي الأسوار شاخصة للعيان! السور القديم ذاته أمسى أخيراً أداة لتفريق المجتمع، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وتدمير فسيفسائه الجميلة، ما بين داخل السور وخارجه، حتى أن أحدهم عنون زاويته بـ (من داخل السور)، وآخر يصنف الشعب على هذا الأساس البغيض، ومازال متخذ القرار في غيبوبة لا يحرك ساكناً، وكأن الأمر لا يعنيه، أو أنه يحدث في جزر الواقواق.
أخطر الأسوار اطلاقاً على مستقبل الكويت في وجهة نظري تلك الأسوار الطبقية، والمناطقية، والمذهبية، والطائفية، والقبلية، والفكرية، والحزبية، إنها تلك الأسوار التي يبنيها السياسيون الجدد من كل الأطياف والأشكال والأنواع، ليحكموا السيطرة على عقول البشر، فلا يستطيعون أن يروا أي خير خارج تلك الأسوار الوهمية.
في الأفق
طلعنا من باب السور... بيرقنا بيرق منصور... الكويت آآآآه يالكويت... الكويت آآآآه يالكويت.
د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]