المعضلة الخاصة بأي موضوع مرتبطة بالمحاور المتصلة بها والمناورة حول الجوانب الثانوية لا يساعد على حلها... فنحن قد تنبأنا من قبل بعودة التأزيم وهذا الاعتقاد كان مبنياً على المعرفة بخيوط اللعبة السياسية التي تتناقل المبادرات في إيجاد الحلول، مع تطوراتها عند الأطراف، مما أوصلها إلى حالة البعد عن المحاور التي نحن بصدد عرضها بشكل حيادي للعقلاء فقط.
هناك محاور عدة للقضايا محل الخلاف وسنركز على قضيتي العلاقة بين السلطتين، وقضية المشاريع والإنتاجية في المنشآت الحكومية.
تعاني العلاقة بين السلطتين من البعد عن المحاور المرتبطة بالمؤثرين في طبيعة العلاقة من نواب ووزراء... فهناك طرف يحاول التهدئة، وهناك طرف تحركه تأثيرات نفسية، وبينهم مجموعة «مع الخيل يا شقرا»! فهل الميل لطرف التهدئة يحل المعضلة، وهل الخضوع للضغط ومنح التنازلات يحل الخلاف، وهل كل التصريحات تصب في صالح تحسين العلاقة بين السلطتين؟
إن الحياد مطلوب اتباعه ولنا من العبر الماضية الدرس العظيم الذي لم نحسن قراءة فصوله، فالميل إلى طرف قد يكون له تأثير جانبي وقتي محدود، والخضوع يضعف مستوى التفاوض حول القضايا، وبعض التصريحات لا تنتهي برفع قضايا... وهلم جرا!
أعتقد أن عدم النزول إلى الشارع، وعدم متابعة هموم المواطنين أفرز لنا حالة من التذمر، وساعد في تقبل لغة المعارضة، ولو أن الوزراء حاولوا معرفة ما يريد السواد الأعظم من مواطنين ومقيمين والعمل على حلها لكان الأمر مختلفاً... وهذا البعد تسبب في توافر حالة ضعف لبعض الوزراء نتيجة الأداء غير المرضي لهم حسب توقعات المعنيين بالأمر.
من يحرك أطراف اللعبة السياسية؟ هذا هو السؤال المراد توجيهه لأصحاب القرار والعقلاء فقط من متابعين من نواب ومجاميع سياسية أخرى. فالوزراء المستهدفون بالاستجوابات التي يعد لها النواب غير مرتبطة بمحاور الاستجوابات فقط بل أداء الوزراء الذي لم يتوافق مع توقعات النواب هو ما أدى إلى تكوين تلك المحاور، وبعضها نفسي تحركه عوامل لم يتم الكشف عنها صراحة، ولو أن البعض صورها بإيحاءات فقط وعلى استحياء.
إن القضايا المطروحة مفهومة الأسباب وتشبعت الأطراف المعنية من تناول جوانبها ولكن غياب القرار جعلها تكبر حتى بلغ حجمها حد الاستجوابات.
أما الأمور المتعلقة بالمشاريع المتأخر تنفيذها فهي مرتبطة بالحكومة، لأن البيروقراطية تركت تنهش في جسد الحالة التشغيلية لمنشآت الدولة ولم تتحرك الحكومة في جلسات قليلة العدد كبيرة الأثر في جمع المسؤولين عنها ومنحهم فترة زمنية محددة للتنفيذ، ولو أنها قامت بذلك التحرك لما بقت قضيتي تلوث ضاحية علي السالم، محطة مشرف وغيرها من القضايا عالقة وبالتالي يخف الضغط على الحكومة.
إنها مسألة اتخاذ القرار وهي صفة يتميز بها القادة ومن لا يحمل صفة اتخاذ القرار يجب تنحيته، ناهيك عن الاعتراف بالخطأ الذي يعتبر فضيلة ألقيناها خلف ظهورنا مما شكل حالة من المكابرة تواجهها موجة تصعيد، وقس على هذة الصفة، فإن عدم قدرة القادة على مساءلة المقصرين والمتسببين في حالات التذمر التي يعني منها المواطن والمقيم سببا آخر في استمرار تدهور الإنتاجية.
عودوا إلى المحاور سبب القصور الذي نعاني منه على المستويين السياسي والتشغيلي لمنشآت الدولة، ومن ثم هاتوا مشاريع الدولة إلى حيز التنفيذ وحينئذ لن تكون هناك معضلة. والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]