تعليقا على تصريحاتهما عن عرض شيك في جلسة استجوابه أدى إلى استقالته

سلمان الدعيج يرد على عادل بطرس وعماد السيف: عرضتما معلومات خاطئة ولم تتسما بالأمانة في سرد الوقائع

تصغير
تكبير
ردّ وزير العدل السابق الشيخ سلمان الدعيج على تصريحات المحاميين عادل بطرس وعماد السيف في شأن عرض النائب الدكتور فيصل المسلم صورة شيك منسوب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء والتي تناولا فيها واقعة عرض النائب السابق حمد الجوعان صورة شيك مصرفي قدم على أساسها استجوابا إلى الدعيج في العام 1985 انتهى باستقالته.

وأوضح الدعيج في بيان صحافي ان تصريحات المحاميين لم تتسم بالأمانة في عرض الوقائع، وان استدلالهما لم يكن صائبا رغم اختلافهما في اسباب الاستدلال ومبرراته، مشيرا إلى ان مستجوبيه لم يعرضوا شيكا في جلسة الاستجواب عام 1985 بل عرضوا خطاب الجهة الإدارية المختصة ببيانات المعاملات المستمدة من سجلات شركة المقاصة.

ونفى الدعيج أن يكون قدم استقالته عقب اظهار شيك مصرفي خلال جلسة الاستجواب، مبينا ان استقالته من منصبه كوزير للعدل كانت مسببة وقائمة على بطلان الاستجواب ومخالفته للدستور.

وفي ما يلي بيان الدعيج:

اهتزت أرجاء مجلس الأمة في جلسة يوم الأربعاء الموافق 4/11/2009، بعد أن عرض عضو مجلس الأمة الدكتور فيصل المسلم صورة فوتوغرافية لما يسمى بـ «شيك» جاء منسوباً صدوره الى سمو رئيس مجلس الوزراء مؤرخاً 10/6/2008 دون بيان لاسم المستفيد، وقال العضو، ان الشيك صادر لأحد النواب في المجلس التشريعي السابق كـ «رشوة» لهذا العضو.

وتوالت التصريحات عن هذه الواقعة، في جريدة القبس أيام الجمعة والسبت والاحد بتاريخ 6، 7، 8/11/2009، ولفت نظري ان بعض هذه التصريحات اثارت واقعة برلمانية سابقة - غير صحيحة - كنت طرفاً فيها - أثناء شغلي منصب وزير العدل - واستدل أصحاب هذه التصريحات من هذه الواقعة على ان اظهار صورة شيك، في مجلس الأمة، لا يشكل جريمة افشاء الاسرار المصرفية، وفقاً لنص المادة 85 مكرر من قانون النقد وبنك الكويت المركزي.

فيقول الأستاذ/ عادل بطرس - في صحيفة القبس الصادرة يوم الجمعة الموافق 6/11/2009 - ان اظهار الصورة الضوئية لا يعتبر خرقاً للسرية، وأن المسؤولية تقع على عاتق الموظف الذي أخرج صورة الشيك المصرفي وسلمه للنائب فيصل المسلم الذي عرضها في مجلس الأمة، وأضاف في تصريحه واقعة - منسوبة الينا - قائلاً المحامي حمد الجوعان النائب السابق، حصل على صورة لشيك مصرفي، وقدم على أساسها استجواباً لوزير العدل السابق الشيخ سلمان دعيج الصباح وادى الى استقالة الوزير.

بينما يقول الأستاذ عماد السيف المحامي - في صحيفة القبس الصادرة يوم السبت الموافق 7/11/2009 - رداً على التصريح السابق - أن حمد الجوعان لم يصرح للإعلام عن هذا الشيك الا خلال جلسة استجواب الشيخ سلمان دعيج الصباح، بعد ان اصبح خبر الشيك أمراً موثقاً!!!! وأن الشيك مادة استجواب حمد الجوعان مصروف من حساب المال العام!!!! وخلص في تصريحه الى انعدام المقارنة القانونية، بين واقعة الشيك المقدم من الدكتور فيصل المسلم، وبين واقعة الشيك التي أعلنها النائب السابق حمد الجوعان في الاستجواب السابق.

وحيث ان كلا من الاستاذ عادل بطرس والاستاذ عماد السيف أقحما اسمنا - بالاساءة والايذاء - بمناسبة واقعة اظهار فيصل المسلم لشيك في مجلس الأمة يوم 4/11/2009 - بزعم انه صادر من رئيس مجلس الوزراء بقصد رشوة أحد أعضاء مجلس الأمة السابقين.

فإنه لا يسعنا، قبول المغالطات حول الواقعة البرلمانية التي كنت طرفاً فيها في ابريل عام 1985، ولا يسعنا كذلك قبول اسفاف القول وقبح التخاطب في أمر يخصني، ومن شأنه المساس بالذمة المالية المكفولة بحماية دستورية، نصت عليها المادة 30 من الدستور، وحظرت المحكمة الدستورية - في حكمها الصادر بتاريخ 14/6/1986 - في طلب التفسير رقم 1/1986 - تناولها علانية، واعتبرت ان المساس بالذمة المالية فيه انتهاك للحق في الخصوصية، وأن نشر ما يتعلق بالذمة المالية لأحد الاشخاص انما يعتبر من قبيل المساس بالحق في الحياة الخاصة، بما لا يجوز معه الكشف عن عناصرها واشاعة أسرارها التي يحرص عليها الفرد في المجتمع، ما ينبغي معه حماية هذا السر (الذمة المالية) تأكيدا للحرية الشخصية ورعاية لمصلحة الجماعة، وقالت المحكمة الدستورية كذلك ان التعرض لعناصر الذمة المالية للفرد فيه مساس بحقه في الخصوصية، وهو حق يحميه الدستور شأنه في ذلك شأن التعرض لحالته الصحية والعاطفية والعائلية على النحو الذي قضت به المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3/1982 بجلسة 8/11/1982.

وتصحيحا لما ورد في التصريحات الماسة بي المصاحبة لواقعة شيك الدكتور فيصل المسلم، وحرصا مني على وقف اي خروج او تجاوز من اي شخص كان، لا يحترم قواعد حماية الذمة المالية مستقبلا، مثلما حدث في التصريحين المشار اليهما، فإنني أنبه الى الآتي:

أولاً: انني بحكم منصبي السابق كوزير للعدل والشؤون القانونية والادارية في الفترة من عام 1977 حتى عام 1985، احترم التفسير الفقهي الذي يقوم به الباحثون المتخصصون في ابحاثهم، إذ يتمتع هذا النوع من التفسير بالمنطق الدقيق والتدليل الصحيح والحجج البالغة والأقيسة المحكمة والابحاث التاريخية المستفيضة، لأن مثل هذا التفسير يكون بعيدا عن الغايات والاهواء، ويتسم بالصفاء والتجرد، فإذا اقترب التفسير الى الهوى وانزلق صاحبه الى السذاجة والسطحية، بسبب عدم الاحاطة بقواعد التفسير، او عدم الاحاطة بالعناصر الواقعية للمسألة محل البحث، او بالاندفاع بالرأي تحت هوى او غاية تقوم على سوء النية، فإن هذا المنهج في التخاطب تحت ستار البحث، يستبعد الاحترام والتقدير، وقد يدخل صاحبه في المؤاخذة والمساءلة سواء كانت جنائية او مدنية.

ثانياً: ان استدلال الاستاذ عادل بطرس والاستاذ عماد السيف بالواقعة البرلمانية السابقة التي كنت طرفا فيها كوزير للعدل، بمناسبة اظهار شيك منسوب صدوره الى سمو رئيس مجلس الوزراء، مع الادعاء بأنه «رشوة» لم يكن استدلالا صائبا، رغم اختلافهما في اسباب الاستدلال ومبرراته، والصحيح وفقا لصحيفة الاستجواب المؤرخ 16/4/1985 المقدم من ثلاثة نواب سابقين ان هذا الاستجواب قام على محورين، أولهما - توجيه سؤال من النائب السابق حمد الجوعان الى وزير المالية والاقتصاد في ذلك الوقت بتاريخ 24/2/1985، يطلب فيه الافادة عن بيان معاملات الاسهم بالاجل لصالح ابن احد الوزراء دون تسميته، فأجاب الوزير المختص عن هذا السؤال ان المقصود بهذه المعاملات احد ابنائي، وأورد الوزير في اجابته بيانات عن اسهم معاملتين فقط ومقدار المبالغ التي استحقها ابني من صندوق ضمان حقوق الدائنين ورقم سند الصرف من الصندوق الذي تقرر انشاؤه بالقانون رقم 59/1982 والذي وافق عليه مجلس الأمة بناء على اقتراح اعضائه، فلم يكن سند الصرف شيكا يقول الاستاذ عماد السيف، وإنما كان مستندا الى حكم قضائي بات من هيئة تحكيم معاملات الاسهم بالاجل وفقا للقانون رقم 59/1982 سالف الذكر، اما المحور الثاني في هذا الاستجواب فقد قام على اساس مشاركتي كوزير للعدل في اعداد الحلول التشريعية لأزمة سوق الاوراق المالية المتعارف عليها بأزمة «سوق المناخ» مع وجود معاملات باسم احد ابنائي، ما قد يثير المصلحة الشخصية كما زعم مقدمو الاستجواب.

فلم يعرض مقدمو الاستجواب شيكا في جلسة الاستجواب المحدد لها يوم 16/4/1985 ادى الى استقالتي وإنما عرض المستجوبون خطاب الجهة الادارية المختصة ببيانات المعاملات - ردا على سؤال نيابي - دون ان يكون مرفقا به صورة اي شيك صادر لصالح احد ابنائي، كما لم يعرض اي من المستجوبين صور شيكات في الجلسة عن اي معاملة وردت في خطاب الجهة الادارية.

ثالثا: انه لا صحة لما قاله الاستاذ عماد السيف المحامي، ان صرف ابني للشيك الذي اظهره النائب السابق حمد الجوعان في جلسة الاستجواب عن معاملة احد ابنائي كان من حساب المال العام، ففضلا عن ان واقعة اظهار الشيك بالجلسة، لم تحدث اصلا، من اي من المستجوبين كما سلف البيان، فإن عرض هذه الواقعة في تصريحه - كان بغير امانة - فالذي كان معروضا في جلسة الاستجواب، هو خطاب ببيانات معاملة احد ابنائي - مستمدة من سجلات «شركة المقاصة - ثم صدرت بها احكام قضائية باتة من هيئة التحكيم التي انشأها المرسوم بالقانون رقم 57/1982 والقانون رقم 59/1982 في شأن المعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالأجل وضمان حقوق الدائنين المتعلقة بها، وقد اناط القانون الاخير بهيئة التحكيم الفصل في منازعات المتعاملين في الاسهم بالاجل، بأحكام لا تقبل الطعن - بسبب الظروف المعاصرة لتلك الازمة - وما ترتب على ذلك من تقديم بعض اعضاء مجلس الامة اقتراحاً بانشاء صندوق بوزارة المالية لضمان حقوق الدائنين المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالاجل، واعتمد مجلس الامة هذا الاقتراح واصدر القانون رقم 59/1982، وحددت المادة العاشرة من هذا القانون شروط الاستفادة من هذا الصندوق بقولها «يتولى الصندوق سداد الديون الناتجة عن المعاملات المذكورة في الفقرة الاولى من المادة السابقة وبعد صدور حكم بالزام المدين بالدين وصدور قرار من هيئة التحكيم المنصوص عليها في المادة الاولى من هذا القانون باحالة المدين إلى النيابة العامة لاتخاذ اجراءات الافلاس في حقه طبقا للمادة الثالثة من هذا القانون».

واستنادا للقانون رقم 59/1982 سالف الذكر، فقد اصدرت هيئة تحكيم معاملات الاسهم بالأجل حكما باتا بأحقية ابني في صرف سند من صندوق ضمان حقوق الدائنين في المعاملة رقم 3106/1983 مقاصة بجلسة 16/2/1983 وذلك بعد تحقيقها وقصرت التنفيذ على صندوق ضمان حقوق الدائنين، فلم يكن الصرف مستندا إلى شيك وانما استند إلى حكم قضائي بات.

رابعا: ان تقديم استقالتي من منصبي كوزير للعدل كانت مسببة وقائمة على بطلان الاستجواب، ومخالفته لاحكام المادتين 100، 101 من الدستور لان الاستجواب قام على انحراف مقدميه في استعمال الحق في الاستجواب بالمخالفة لاحكام هاتين المادتين، فيما تقضي به من ان الوزير لا يسأل دستوريا ولا يجوز استجوابه الا عن الامور الداخلة في اختصاصه، فضلا عن عدم مساءلته عن اعمال وقعت في مجلس تشريعي سابق، كما قامت الاستقالة المسببة على ان التشريع يدخل اساسا في سلطة مجلس الامة، ولا يسأل عنه اي وزير، وان المشروعات المقدمة من الحكومة تجري مناقشتها وتعديلها داخل اللجان المختلفة وفي مداولات المجلس مجتمعا وانها لا تصدر الا بموافقة مجلس الامة، وعلى النحو الثابت من مضابط مجلس الامة بجلستي 9/11/1982، 16/11/1982 كما سلف البيان.

فالاستقالة كانت مؤسسة ومبنية على قيام الاستجواب على الادعاء بمسؤوليتي عن اصدار التشريعات لعلاج ازمة سوق الاوراق المالية، وهو امر لا يدخل في اختصاص وزير العدل، وانما يدخل في اختصاص مجلس الأمة.

فليس صحيحاً ما صرح به الأستاذ عادل بطرس من ان استقالتي تمت عقب اظهار شيك لأحد أبنائي في جلسة الاستجواب، فهذا التصريح لا يتسم بالأمانة في عرض الوقائع.

خامساً: ان ما زعمه الأستاذ عادل بطرس في جريدة القبس الصادرة يوم الأحد الموافق 8/11/2009 من ان هذا الاستجواب يدرس في كلية الحقوق، فإن هذا الزعم، محل نظر، فقد سبق للأستاذ الدكتور عثمان عبدالملك الصالح المتخصص في القانون الدستوري دمغ هذا الاستجواب بالبطلان ومخالفته للدستور، ومساسه بأحكام قضائية لها حجية الأمر المقضي، وتم نشر بحث هذا الاستجواب في جريدة الأنباء الكويتية الصادرة بتاريخ 11/5/1985، وقد أثبت في بحثه أن حكم هيئة التحكيم رقم 3106/1983 الصادر بتاريخ 16/2/1983 الذي أسلفناه في البند «ثالثاً» من هذا البيان، أنزل حكم القانون على المعاملة التي كانت محلا للاستجواب، والتي ينكر المستجوبون شمول قانون صندوق صغار المستثمرين لها، وقررت الهيئة عكس ما ذهب إليه الاستجواب بأن قانون انشاء الصندوق يشملها، وأن ما ورد فيه مساس بحكم قضائي له حجية وقوة الأمر المقضي، ويعتبر دليلا على اثبات الحق الموضوعي للابن القاصر للوزير بشمول صندوق حقوق الدائنين لمعاملته، ويفترض ان ما جاء في هذا الحكم هو عنوان الحقيقة ولا يقبل الدحض بأي دليل وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة ولكل ادعاء ورد في الاستجواب، ثم خلص الدكتور عثمان عبدالملك في بحثه، إلى ان الاستجواب قد انطوى على مخالفات جسيمة للقانون تارة وللدستور تارة أخرى، حين أقام المستجوبون استجوابهم على تحميل وزير العدل المسؤولية عن مشروعات قوانين أزمة المناخ، لأن مشروعات القوانين هي في واقع الأمر وحقيقته من موضوعات السياسة العامة للدولة، وقد نوقشت في مجلس الوزراء وأقرتها الحكومة بأسرها وأقرها مجلس الأمة.

وكلنا يعرف مدى تخصص الدكتور عثمان عبدالملك الصالح في القانون الدستوري، وتميزه عن غيره بقلمه المتميز وأمانته العلمية وعمق مفاهيمه العلمية، وبعد دراسته المتعمقة في الاستجواب المشار اليه في تصريحات من تحدث في الصحف، لا أعتقد ان الدكتور عثمان عبدالملك الصالح - أجاز تدريس هذا الاستجواب في كلية الحقوق - بحكم رئاسته لقسم القانون العام في كلية الحقوق - إلا بمناسبة دراسته لانحراف بعض أعضاء مجلس الأمة في استعمال وسائل الرقابة البرلمانية، ومنها الاستجواب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي