صدمت عندما أبلغني والدي بالخبر، طلال العيار انتقل إلى رحمة الله. رحل طلال العيار مخلفاً وراءه إرثاً سياسياً لا يمكن أن ينسى، رحل عن الدنيا هكذا بصمت، بعد أن اكتسب محبة الناس واحترامهم، رحل عن دنيانا بعد عراك مع المرض، فعظم الله أجر أهله وأبنائه وإخوانه ومحبيه، وأحسن عزاءهم.
رحم الله طلال العيار... هذا الرجل، ورغم أنني كنت أختلف معه سياسياً، إلا أنه كان يجبرني على احترامه عندما ألتقيه بسبب أخلاقه العالية، وابتسامته التي لا تفارق محياه، الجالس في ديوانه يجده يقبل على الكبير والصغير برحابة صدر قلما تجدها عند سواه، كما أنه كان يتمتع بذاكرة قوية، حيث كان ينادي كل شخص بكنيته خصوصاً كبار السن، ويسألهم عن بقية أقربائهم اسماً اسماً، ولعلها من الصفات التي جعلته قريباً من الجميع.
رحم الله طلال العيار... لقد دخل معترك الحياة السياسية صغيراً من خلال المجلس الوطني، وكان يبلغ من العمر وقتها ثلاثين عاماً، واستمر في تمثيل أبناء الدائرة العشرين (الجهراء القديمة)، حتى تم تعديل نظام الدوائر، فقرر وقتها استناداً على حدسه وذكائه السياسي أن يبتعد عن الساحة حفاظاً على المكتسبات التي حققها، وآثر أن يعتزل وهو في القمة.
رحم الله طلال العيار... فلقد اكتسب رغم صغر سنه نسبياً احترام أعضاء مجلس الأمة، فأصبح نائب رئيس مجلس الأمة، واستطاع أن يدير دفة الجلسات بكفاءة واقتدار، فهو سياسي من الطراز الأول، يعرف ماذا يقول، ومتى يتحدث، ولذلك كان الجميع يحترمه ويقدره وإن اختلفوا معه.
رحم الله طلال العيار... لقد كان رقيق العبارة، مهذب الألفاظ، لا يهاجم أحداً إذا اختلف معه، بل كان يحترم الرأي الآخر ويتقبله، لا كما يفعل بعض أعضاء مجلس الأمة الحاليين، ولذا سجل التاريخ السياسي الكويتي اسمه بأحرف من نور.
اللهم ارحم طلال العيار... واغفر اللهم لنا وله، وأسكنه فسيح جناتك، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
في الأفق
الموت كأس كل الناس شاربه
يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار جنة عدن إن عملت بما
يرضي الإله وإن قصرت فالنار
د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]