إن أي قضية تحدث في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة لا تخرج من إحدى مسؤوليات ثلاث: مسؤولية سياسية، ومسؤولية إدارية، ومسؤولية جنائية، لكنني أعجب من غياب مفهوم تحمل المسؤولية عن ثقافتنا السياسية في ظل الديموقراطية كنظام لدولتنا، فهل هي دعوة أم ممارسة وسلوك؟
برزت أهمية هذا المفهوم الحضاري المتقدم بعد حوادث الاغتصاب المؤسفة والمستنكرة التي تعرض إليها أبناؤنا الطلاب في الآونة الأخيرة، وأملت حينها أن أرى تجلي هذا المفهوم في ثقافتنا السياسية بموقف لوزيرة التربية تتحمل فيه مسؤوليتها السياسية، لكن للأسف طغت الدعوى على الممارسة والسلوك للديموقراطية. ليس ذلك، بل نجد تصريحات الوزيرة بخلاف الواقع تماماً ومتضاربة، ففي أول النهار نفي وإنكار، وفي آخره أسف واعتذار، فهل هذه الثقافة السياسية التي تؤمن بها وتمارسها وزيرة التربية وتريدنا أن نؤمن بها ونمارسها كذلك في أول النهار وآخره؟
فالاعتذار لا يكتمل إلا بتحمل المسؤوليات الثلاث، مسؤولية سياسية تتحملها وزيرة التربية ولا تتم إلا باستقالتها وسيحسب لها هذا الموقف، ومسؤولية إدارية يتحملها الجهاز الإداري المباشر من خلال تطبيق اللوائح والأنظمة الإدارية المتبعة كافة، والمسؤولية الجنائية سيعالجها بكل كفاءة واقتدار جهازنا القضائي.
للأسف تم تحريف هذه القضية الخطيرة، والتي تمس أمن أبنائنا الطلاب، عن مسارها الطبيعي، وسمعنا وقرأنا تصريحات من ساسة ونواب جعلوا الموقف من الوزيرة تجاه هذه القضية قائماً على الفئوية والمناطقية وغيرها من التصنيفات التي ينبذها الشعب الكويتي، فليتوقف هذا العبث ولنعمل على حماية أبنائنا من هذه المنكرات ولنضع الأمور في نصابها وسياقها الصحيح. إن ممارسة مفهوم تحمل المسؤولية بدرجاتها كافة في هذه القضية وغيرها من القضايا له من الأهمية ما يوازي مفهوم المحاسبة والمراقبة لما فيه من العبرة لكل مسؤول يأتي ويتحمل مسؤولية عامة ولنتذكر أنه من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.
سيف الهاجري
كاتب صحافي وناشط سياسي
[email protected]