تركي العازمي / الشعب الكويتي بين الأمل و«التحلطم»!

تصغير
تكبير
أثناء فترة الغزو الغاشم وصف أبناء الشعب ممن غادروا الكويت لاجئين خمس نجوم، فما أسباب هذه التسمية؟

في اعتقادي أن الشعب الكويتي شعب صغير مسالم عاش في رخاء ما بعده رخاء قبل فترة الغزو، والكويت لديها أفضل نظام تأمين اجتماعي وكان أفراده يعيشون في «بحبوحة» من الرخاء المعيشي خلال فترة السبعينات والثمانينات ولهذا كان لهم نمط معيشي عالي المعايير، وقد أكرمت الحكومة شعبها أثناء المحنة التي مروا بها، ولا شك أن فزعة اخواننا في دول الخليج كان لها الأثر في نفوسنا وستظل قابعة في الذاكرة ما حيينا.

وبعد التحرير، تغير السلوك الاجتماعي والإداري والقيادي في البلد، فعلى الصعيد الاداري والقيادي، أجبرت معظم الشركات والمؤسسات الحكومية على ملء الفراغ الذي تركه كبار المسؤلين من غير الكويتيين، وقد تم منح الكثير من الشباب مناصب قيادية لم يكونوا مهيئين لها حيث تنقصهم الخبرة وعامل الرشد وغيرها من مقومات القيادة الناجحة ولا شك أن للواسطة اثرها... وهذا التغيير في المنظومة الإدارية أثر سلباً على الأداء ما هوى بمستوى الخدمات والإنتاجية.

هذا التدني دفع بالمواطنين إلى اللجوء للواسطة في تسهيل أمورهم وتحسين الخدمات لهم، ومع تساهل الحكومة سادت على السواد الأعظم حالة دخيلة على المجتمع وهي حالة التذمر إلى درجة «التحلطم».

وعلى الجانب الآخر تغلبت المادية على السلوك، ناهيك عن الحسد، وصار النقد يحمل صفة الانتقائية فالبعض خارج نطاق النقد، وليت النقد كان من خلال الأعراف والتقاليد التي جبل عليها المجتمع الكويتي: أنها تجاوزت هذا الحد، ويكفينا الاطلاع على تصريحات البعض، ومستوى المفردات المستخدمة لنعلم حقيقة الوضع المؤلم.

يعلم الجميع أن الفساد الإداري قد بلغ مرحلة متقدمة وتقارير الشفافية العالمية تؤكد ما نرمي إليه. ولكن هل ستبقى الحال على ما هي عليه؟ لا أظن ذلك!

فالحاصل أن الحكومة اعترفت بوجود الخلل ووعدت من خلال خطتها الطموحة، والتي أشرنا إليها في مقال سابق، في إصلاح الأوضاع، واتخاذ الفكر الاستراتيجي عند تنفيذ الخطة، وهذا في حاجة إلى الوقوف عن «التحلطم» الذي اشتهرنا فيه، وإفساح المجال للأمل لعل الحكومة تفي بوعودها.

والمراد هنا من الحكومة أن ترسم خطة تنويرية من خلال وسائل الإعلام لبث الأمل في نفوس الجميع، وتتواصل مع مجلس الأمة في عرض ما تم تنفيذه وفق الجدول الزمني المحدد حيث التنفيذ هو المحك ولنا عبرة بخطط الدول المجاورة وطريقة تنفيذها وكم هي دقيقة!

إن معادلة الشعب الكويتي بين الأمل و«التحلطم» معادلة لها مداخل ومخارج من جوانب عدة: تنفيذية/تشغيلية (خاصة بالأمل في تنفيذ وتشغيل مشاريع الحكومة، نفسية واجتماعية متصلة بسلوك التحلطم فإما أن يستمر إن أخفقت الحكومة أو يستبدل بالأمل عندما نشاهد الخطط على أرض الواقع ويتم القضاء على الفساد).

ملاحظة: البعض يرى في طرحنا نوعا من المثالية المراد تطبيقها... وهو صعب ولكن أملنا كبير، وسيظل الأمل في الله مغير الأحوال حياً نابضاً.

هذا ما أعاننا الله على طرحه... والله المستعان.





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي