ترجمة / انبثاق «البست سيلر» في الرواية العربية للبروفيسور روجر آلن (2 من 2)
شعار «بنغوين بوكس»
روجر آلن
حمد العيسى
| ترجمة وتعليق حمد العيسى |
... لورنس فينوتي عالم الترجمة الشهير يشير إلى خاصية غير محببة للأنماط الحالية من العولمة الاقتصادية قائلا: ضمن عالم الاستعمال اللغوي هناك ميل متزايد نحو التوحيد اللغوي في العديد من القطاعات وانه في عالم الترجمة يقود إلى ما أسماه الأسلوب التوطيني Domestication وبخاصة في عالم النشر باللغة الإنكليزية، وهذا يعكس بوضوح الاحتمال الثاني السابق ذكره للفيلسوف الالماني شلاير ماخر. ان عملية ترك «القارئ بسلام» تبدو واضحة في القضية رغم اختلاف الدرجة مع هذه الروايات الثلاث وبالاخص في رواية «بنات الرياض» لأن المترجمة مارلين بوث لهذا العمل بالانكليزية كما كتبت في رسالة توضيحية إلى ملحق تايمز الأدبي... (قام المترجم بترجمة نص الرسالة الكامل بعد هذه الورقة) جاء فيها: «النص النهائي مع لغته المستهلكة/ المبتذلة ومسح الحِكَم العربية التي ترجمتها، ووضع هوامش غير ضرورية أسفل الصفحات، كل هذه التدخلات لا تعكس الاهتمام الذي بذلته لإنتاج ترجمة بلغة حية وطبيعية وسلسة».
وفي مستوى عملي أكثر ولكن مع هذا في ضمن نفس سياق الترجمة واستقبالها، تتم الإشارة دائما أن نوع الكتابة في هذه الروايات «شجاع» من حيث ان هؤلاء الروائيين يعالجون قضايا حساسة، ويكتبون عنها داخل مجتمعات يكون وجود وتطبيق فكرة «حرية التعبير» على أحسن الأحوال مبهم وخاضع للعديد من الضغوطات المحلية غير المحببة. إنها، بالطبع، هذه الفكرة بالذات التي تجلب في الأصل انتباه الناشرين الغربيين وقرائهم المؤمولين لهذه الأعمال. إذا كنا نتحدث عن جزائر مستغانمي أومصر الاسواني أو سعودية الصانع، وإذا كان الموضوع سياسة، أوفساد، أو جنس فإن هذه الأعمال تجد قراء جاهزين لما تحاول كشفه بصورة «خيالية» روائية. وبالرغم من كون ترجمات هذه الروايات تستحق امتياز التفسير/ التحليل/ الفهم الخيالي والساخر، فإنه تتم قراءتها دائما على أنها «تعرية» لمجتمعات غامضة. ويمكن للمرء أن يتساءل على سبيل المثال: كم عدد القراء الذين قرأوا «بنات الرياض» وقرأوا أيضا أو يمكن إقناعهم بقراءة أعمال حنان الشيخ، أو هدى بركات، أو سحر خليفة، أو رضوى عاشور، أو ليلى أبو زيد؟؟ على سبيل المثال كروائيات نسائيات من نفس المنطقة العربية وجميعهن مرة اخرى يطرحن قضايا في مبادئ علم الجمال ومن يطبقها، وعلى أي أساس.
ولهذا وجدت هذه الروايات الثلاث جمهورها في عالم أصبحت فيه العولمة موحدة، المرئي يميل ليحل مكان النص المطبوع والترجمات تتطلب توطين domestication في جميع الحالات التي تتضمن اللغة الإنكليزية والطبائع والمعايير الثقافية والفنية لقرائها.
تفضيل شلاير ماخر الواضح لمصطلح «تغريب الترجمات» Foreinerization يواجه بوضوح مشاكل عميقة عندما تكون قرارات النشر مبينة على «التسويق» في الاساس (أي الاقتصاد) التي تشتملها المعايير السابقة.
وفي حقل الرواية العربية وترجمتها ودراستها اقترحت من وقت لا بأس به أنه كما يحتاج التاريخ لإعادة كتابة بصورة مستمرة ( كما ذكرنا أوسكار وايلد) فإن هذا أيضا ينطبق على التأريخ الأدبي. تركيزي حتى الآن كان على بدايات الرواية في القرن التاسع عشر، ولكن، الأمثلة التي تمثلها الروايات الثلاث تتطلب بوضوح، كما في مشروع ستيفن غوث ومقالة تيتز رووك، نظرة اخرى على العناصر التي بموجبها يمكن تقييم الموضات الحديثة ودمجها في أي تحديث لتاريخ الرواية العربية.
انتهت الورقة
ملحق من اختيار المترجم بعنوان: فضيحة ترجمة «بنات الرياض»
أرسلت الدكتورة مارلين بوث، وهي مترجمة «بنات الرياض» إلى الإنكليزية الرسالة التوضيحية التالية إلى ملحق تايمز الأدبي TLS في جريدة تايمز اللندنية بتاريخ 28 سبتمبر 2007 بخصوص عملية ترجمة، ثم نشر «بنات الرياض» بالإنكليزية. والعنوان السابق من اختيار المترجم.
سيدي: اسمي يظهر في صفحة عنوان «بنات الرياض» للمؤلفة رجاء الصانع كـ «مترجمة مشاركة»! ولهذا قد يبدو شاذا أو غريبا عندها، عندما أقول أنني أتفق تماما مع ما قاله الروائي والناقد الكندي الدكتور ستيفن هينغهان في مراجعته لـ «بنات الرياض» في ملحق تايمز الأدبي TLS في 27 يوليو 2007 عندما قال: «الفضيحة في النص الإنكليزي تكمن في الترجمة». إنه على صواب حول أوجه الإخفاق العديدة في النص الإنكليزي. ولكن هناك «فضيحة» هنا لا يعلم عنها هينغهان. فعندما سَلّمت ترجمتي إلى دار بنغوين بوكس كاملة باستثناء مصطلحات عامية من اللهجة سعودية وعدتني المؤلفة بمساعدتي في ترجمتها، أخبروني أن المؤلفة تنوي أن تعيد كتابته (تعليق المترجم: هناك احتمالان: إعادة كتابة النص العربي أو الإنكليزي لـ «بنات الرياض»، ولكن من سياق رسالة بوث يتضح أنها تعني قيام الصانع بتنقيح النص الإنكليزي! وهذه جرأة غير محمودة مطلقا في أي زمان ومكان لعدم وجود خبرة في الترجمة عند الصانع حسب معلوماتي ونتج عنها كارثة ثقافية كما سبق ذكره)، ولهذا وبعد ذلك، تم إبعادي تماما خارج عملية إنتاج الكتاب في الطبعة الإنكليزية!. النص النهائي مع لغته المستهلكة/ المبتذلة ومسح الحكم العربية التي ترجمتها، ووضع هوامش غير ضرورية أسفل الصفحات، كل هذه التدخلات لا تعكس الاهتمام الذي بذلته لإنتاج ترجمة بلغة حية وطبيعية وسلسة وهي عناصر حاسمة في رسالة الرواية لنقد المجتمع السعودي المتعولم! وبالطبع قراري بترك اسمي على صفحة العنوان وهو بالمناسبة القرار الوحيد الذي سمح لي به الناشر في عملية نشر النص باللغة الإنكليزية (!) يعني أنني أبقى مسؤولة جزئيا على عمل لم أعط أي مسؤولية حقيقية لصنعه!
من المؤسف أن رواية مكتوبة بلغة مرحة ومليئة بالمجانسة والتلاعب بالكلمات من لغات عدة، تم تنقيحها بواسطة مؤلفة النص العربي!
لكن ربما كانت الفضيحة الأكبر، مع هذا، هي النظرة الدونية من قبل بعض الناشرين والمؤلفين للمترجمين بحيث يعتبرونهم خدما وضيعين بدل كونهم فنانين مبدعين. وهذه نظرة تشكلت عبر تقليد قديم في الثقافة الأنجلو أميركية باعتبار المؤلف عبقريا فريداً، والنظر للترجمة كعملية ميكانيكية! وتم تعزيز هذا المفهوم الخاطئ بنظام النجوم التي تمنح عند تقييم العمل في عالم النشر. ولذلك لا يجب أن يتفاجئ المترجمون عندما أقول ان الناشر والمؤلفة لم يحترما مهنيتي وخبرتي الكبيرة ولم يستمعوا لتحذيراتي بأن قراراتهم سينتج عنها عمل رديء.
الدكتورة مارلين بوث، مديرة برنامج دراسات الشـــرق الأوســـط وجـــنوب آســـيا في جامعة إلينويز الأميركية، أربانا، إليــــنويز.
* كاتب ومترجم سعودي
[email protected]
* الكلمات الموضوعة بين هلالين، كذا (...)، هي للمترجم. كما أن علامات التعجب/ التأثر من وضع المترجم أيضا.
... لورنس فينوتي عالم الترجمة الشهير يشير إلى خاصية غير محببة للأنماط الحالية من العولمة الاقتصادية قائلا: ضمن عالم الاستعمال اللغوي هناك ميل متزايد نحو التوحيد اللغوي في العديد من القطاعات وانه في عالم الترجمة يقود إلى ما أسماه الأسلوب التوطيني Domestication وبخاصة في عالم النشر باللغة الإنكليزية، وهذا يعكس بوضوح الاحتمال الثاني السابق ذكره للفيلسوف الالماني شلاير ماخر. ان عملية ترك «القارئ بسلام» تبدو واضحة في القضية رغم اختلاف الدرجة مع هذه الروايات الثلاث وبالاخص في رواية «بنات الرياض» لأن المترجمة مارلين بوث لهذا العمل بالانكليزية كما كتبت في رسالة توضيحية إلى ملحق تايمز الأدبي... (قام المترجم بترجمة نص الرسالة الكامل بعد هذه الورقة) جاء فيها: «النص النهائي مع لغته المستهلكة/ المبتذلة ومسح الحِكَم العربية التي ترجمتها، ووضع هوامش غير ضرورية أسفل الصفحات، كل هذه التدخلات لا تعكس الاهتمام الذي بذلته لإنتاج ترجمة بلغة حية وطبيعية وسلسة».
وفي مستوى عملي أكثر ولكن مع هذا في ضمن نفس سياق الترجمة واستقبالها، تتم الإشارة دائما أن نوع الكتابة في هذه الروايات «شجاع» من حيث ان هؤلاء الروائيين يعالجون قضايا حساسة، ويكتبون عنها داخل مجتمعات يكون وجود وتطبيق فكرة «حرية التعبير» على أحسن الأحوال مبهم وخاضع للعديد من الضغوطات المحلية غير المحببة. إنها، بالطبع، هذه الفكرة بالذات التي تجلب في الأصل انتباه الناشرين الغربيين وقرائهم المؤمولين لهذه الأعمال. إذا كنا نتحدث عن جزائر مستغانمي أومصر الاسواني أو سعودية الصانع، وإذا كان الموضوع سياسة، أوفساد، أو جنس فإن هذه الأعمال تجد قراء جاهزين لما تحاول كشفه بصورة «خيالية» روائية. وبالرغم من كون ترجمات هذه الروايات تستحق امتياز التفسير/ التحليل/ الفهم الخيالي والساخر، فإنه تتم قراءتها دائما على أنها «تعرية» لمجتمعات غامضة. ويمكن للمرء أن يتساءل على سبيل المثال: كم عدد القراء الذين قرأوا «بنات الرياض» وقرأوا أيضا أو يمكن إقناعهم بقراءة أعمال حنان الشيخ، أو هدى بركات، أو سحر خليفة، أو رضوى عاشور، أو ليلى أبو زيد؟؟ على سبيل المثال كروائيات نسائيات من نفس المنطقة العربية وجميعهن مرة اخرى يطرحن قضايا في مبادئ علم الجمال ومن يطبقها، وعلى أي أساس.
ولهذا وجدت هذه الروايات الثلاث جمهورها في عالم أصبحت فيه العولمة موحدة، المرئي يميل ليحل مكان النص المطبوع والترجمات تتطلب توطين domestication في جميع الحالات التي تتضمن اللغة الإنكليزية والطبائع والمعايير الثقافية والفنية لقرائها.
تفضيل شلاير ماخر الواضح لمصطلح «تغريب الترجمات» Foreinerization يواجه بوضوح مشاكل عميقة عندما تكون قرارات النشر مبينة على «التسويق» في الاساس (أي الاقتصاد) التي تشتملها المعايير السابقة.
وفي حقل الرواية العربية وترجمتها ودراستها اقترحت من وقت لا بأس به أنه كما يحتاج التاريخ لإعادة كتابة بصورة مستمرة ( كما ذكرنا أوسكار وايلد) فإن هذا أيضا ينطبق على التأريخ الأدبي. تركيزي حتى الآن كان على بدايات الرواية في القرن التاسع عشر، ولكن، الأمثلة التي تمثلها الروايات الثلاث تتطلب بوضوح، كما في مشروع ستيفن غوث ومقالة تيتز رووك، نظرة اخرى على العناصر التي بموجبها يمكن تقييم الموضات الحديثة ودمجها في أي تحديث لتاريخ الرواية العربية.
انتهت الورقة
ملحق من اختيار المترجم بعنوان: فضيحة ترجمة «بنات الرياض»
أرسلت الدكتورة مارلين بوث، وهي مترجمة «بنات الرياض» إلى الإنكليزية الرسالة التوضيحية التالية إلى ملحق تايمز الأدبي TLS في جريدة تايمز اللندنية بتاريخ 28 سبتمبر 2007 بخصوص عملية ترجمة، ثم نشر «بنات الرياض» بالإنكليزية. والعنوان السابق من اختيار المترجم.
سيدي: اسمي يظهر في صفحة عنوان «بنات الرياض» للمؤلفة رجاء الصانع كـ «مترجمة مشاركة»! ولهذا قد يبدو شاذا أو غريبا عندها، عندما أقول أنني أتفق تماما مع ما قاله الروائي والناقد الكندي الدكتور ستيفن هينغهان في مراجعته لـ «بنات الرياض» في ملحق تايمز الأدبي TLS في 27 يوليو 2007 عندما قال: «الفضيحة في النص الإنكليزي تكمن في الترجمة». إنه على صواب حول أوجه الإخفاق العديدة في النص الإنكليزي. ولكن هناك «فضيحة» هنا لا يعلم عنها هينغهان. فعندما سَلّمت ترجمتي إلى دار بنغوين بوكس كاملة باستثناء مصطلحات عامية من اللهجة سعودية وعدتني المؤلفة بمساعدتي في ترجمتها، أخبروني أن المؤلفة تنوي أن تعيد كتابته (تعليق المترجم: هناك احتمالان: إعادة كتابة النص العربي أو الإنكليزي لـ «بنات الرياض»، ولكن من سياق رسالة بوث يتضح أنها تعني قيام الصانع بتنقيح النص الإنكليزي! وهذه جرأة غير محمودة مطلقا في أي زمان ومكان لعدم وجود خبرة في الترجمة عند الصانع حسب معلوماتي ونتج عنها كارثة ثقافية كما سبق ذكره)، ولهذا وبعد ذلك، تم إبعادي تماما خارج عملية إنتاج الكتاب في الطبعة الإنكليزية!. النص النهائي مع لغته المستهلكة/ المبتذلة ومسح الحكم العربية التي ترجمتها، ووضع هوامش غير ضرورية أسفل الصفحات، كل هذه التدخلات لا تعكس الاهتمام الذي بذلته لإنتاج ترجمة بلغة حية وطبيعية وسلسة وهي عناصر حاسمة في رسالة الرواية لنقد المجتمع السعودي المتعولم! وبالطبع قراري بترك اسمي على صفحة العنوان وهو بالمناسبة القرار الوحيد الذي سمح لي به الناشر في عملية نشر النص باللغة الإنكليزية (!) يعني أنني أبقى مسؤولة جزئيا على عمل لم أعط أي مسؤولية حقيقية لصنعه!
من المؤسف أن رواية مكتوبة بلغة مرحة ومليئة بالمجانسة والتلاعب بالكلمات من لغات عدة، تم تنقيحها بواسطة مؤلفة النص العربي!
لكن ربما كانت الفضيحة الأكبر، مع هذا، هي النظرة الدونية من قبل بعض الناشرين والمؤلفين للمترجمين بحيث يعتبرونهم خدما وضيعين بدل كونهم فنانين مبدعين. وهذه نظرة تشكلت عبر تقليد قديم في الثقافة الأنجلو أميركية باعتبار المؤلف عبقريا فريداً، والنظر للترجمة كعملية ميكانيكية! وتم تعزيز هذا المفهوم الخاطئ بنظام النجوم التي تمنح عند تقييم العمل في عالم النشر. ولذلك لا يجب أن يتفاجئ المترجمون عندما أقول ان الناشر والمؤلفة لم يحترما مهنيتي وخبرتي الكبيرة ولم يستمعوا لتحذيراتي بأن قراراتهم سينتج عنها عمل رديء.
الدكتورة مارلين بوث، مديرة برنامج دراسات الشـــرق الأوســـط وجـــنوب آســـيا في جامعة إلينويز الأميركية، أربانا، إليــــنويز.
* كاتب ومترجم سعودي
[email protected]
* الكلمات الموضوعة بين هلالين، كذا (...)، هي للمترجم. كما أن علامات التعجب/ التأثر من وضع المترجم أيضا.