ناصر ناجي النزهان / هيئة الاستثمار الأجنبي

تصغير
تكبير

تفكر الحكومة حالياً في إنشاء هيئة تُعنى بالمستثمر الأجنبي تُسمى «هيئة الاستثمار الأجنبي»، تهتم بجذب رؤوس الأموال الأجنبية واستثمارها في الكويت، وهو بلا شك دعم للاقتصاد المحلي وإحياء للاقتصاد الكويتي. غير أنه سيتضح للمتابع أن هذا المشروع يعد أقرب للحلم منه للواقع، وذلك لجملة من الأسباب.

بقراءة سريعة لحركة رؤوس الأموال يتضح أن الكويت تستثمر خارجياً، بقطاعيها العام والخاص، ما يوازي 350 مليار دولار، مع قلة مبلغ الاستثمار داخل الكويت لرؤوس الأموال الأجنبية، والتي لا تزيد على 300 مليون دولار بجميع أشكال الاستثمار وفرصها وتطبيقاتها، وهذا ما يعتبر قيمة ضعيفة جداً إذا ما تمت مقارنتها بالدول المحيطة، والتي يتشابه اقتصادنا معها، مثل مملكة البحرين الشقيقة التي يتضاعف فيها قيمة الاستثمار الأجنبي مرتين عن الكويت، وكذلك هناك دولة الإمارات الشقيقة وتمثل رؤوس الأموال الأجنبية التي تستثمر فيها ما يزيد على 18 مليار دولار، وهذا الرقم لا يمكن مقارنته مع الاستثمار الأجنبي في الكويت.

وبالعودة إلى البدايات نجد أن إنشاء مكتب لاستثمار رأس المال الأجنبي في وزارة التجارة تم إنشاؤه في عام 2001 بموجب قانون الخاص. ولكن للأسف لم يصدر هذا المكتب أي ترخيص بنشاط استثمار أجنبي منذ إنشائه، ولم يستطع جذب ولو مستثمر واحد رغم تعاقب أربعة وزراء على رئاسته العليا، وخمسة وكلاء مساعدين، دائمين أو موقتين، وطاقم عاملين يتكون من مدراء و14 رئيس قسم، كما أن المكتب حصل على المواقع المتميزة في البلد، وتم إنفاق مبالغ طائلة على تأثيثه، وأعطيت مزايا مالية للموظفين والمسؤولين، إذ تصل الزيادة إلى 50 في المئة لجميع العاملين. ومع هذا كله فشل المكتب بلعب الدور المطلوب منه بالتسويق إعلامياً للاستثمار بالكويت من خلاله مباشرة أو عن طريق المكاتب الاقتصادية بالسفارات الخارجية. والسؤال: إذا اتضح أنه بهذا الحجم وفشل في جذب أي مستثمر أجنبي، فما الحاجة من توجه الحكومة لإنشاء هيئة أخرى؟ وما الداعي لإنفاق أموال طائلة مرة ثانية؟ مع العلم بأن هناك تجربة سابقة أخرى قوبلت بالفشل، وهي إنشاء مكتب رجال الأعمال بوزارة التجارة عام 1999 فلم يكمل عاماً واحداً، وكانت من مهامه تشجيع المستثمر الأجنبي وتعريفه بفرص الاستثمار المحلية وأيضاً التنسيق بين الجهات الحكومية، وكذلك توفير التأشيرات والإقامة الأجنبية، إلا أن هذه المهام كانت صورية. إذا كانت الدولة بقطاعها العام والخاص لم تستثمر في البلد وقامت بتحويل مبالغ ضخمة، المعلن عنها يزيد على 350 مليار دولار، كما أن هناك أموالاً لتجار كويتيين تستثمر بالخارج غير معلنة لا تقل عن هذا المبلغ بل ربما تزيد، فكيف تستطيع الدولة بإقناع المستثمر الأجنبي بالعمل داخل الكويت، وهي لم تستطع الاحتفاظ برؤوس الأموال المحلية التي خرجت. والمثال على ذلك شركة زين للاتصالات، ولن ندخل في أسباب خروجها، إلا أن هذا كان مثالاً حياً للتفريط الحكومي في المستثمر المحلي.

لا شك أن هناك تخوفاً من قبل المستثمر الأجنبي بسبب تعامل الحكومة بالمزاجية مع بعض القوانين، وهو ما يعطي انطباعاً غير جيد، فالكويت مشهورة بكثرة التشريعات، وهو ما يجعل التاجر الكويتي عاجزاً عن معرفتها بشكل كامل، فما البال بالمستثمر الأجنبي؟ والمثال على ذلك قانون الإفصاح الذي صدر بشكل مفاجئ وكان من نتيجته هز الاقتصاد المحلي، علماً بأن هذا القانون صدر عام 1999 إلا أن تفعيله لم يأت إلا بعد مرور ثمانية أعوام على تطبيقه؟ مع هذا كله، يتضح أنه يجب على الحكومة التخلي عن فكرة إنشاء هذه الهيئة التي لا يمكنها تنفيذ الأحلام الحكومية بتحويل الكويت إلى مركز مالي، فهذا لن يحدث ما لم يتم تغيير العقلية الاقتصادية الموجودة، والخوف أن تكون لدى الحكومة أهداف غير معلنة تجعلها تحرص على إنشاء هذه الهيئة!


ناصر ناجي النزهان


كاتب كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي